أعلنت وزارة الداخلية الكويتية أمس الاثنين، اعتقال سبعة أشخاص بينهم خمسة كويتيين اعترفوا بانتمائهم لـ”تنظيم الدولة” والتخطيط “لعمليات إرهابية” تستهدف منشآت بالبلاد، وقالت الداخلية الكويتية إنها تمكنت من إحباط مخططات إرهابية عبر ثلاث “ضربات استباقية داخل البلاد وخارجها”.
وقالت الوزارة، في بيان، إن الأجهزة الأمنية نفذت ثلاث عمليات أمنية؛ الأولى أدت إلى اعتقال رجل كويتي كان يخطط لتفجير مسجد، والثانية انتهت بـ”ضبط وإحضار” كويتي متهم بالإرهاب، أما العملية الثالثة فقد أسفرت عن ضبط خلية إرهابية مرتبطة بـ”تنظيم الدولة” تضم أربعة أشخاص اثنان منهم كويتيان.
- (1) العملية الأولى
أوضحت الداخلية الكويتية أنه فيما يتعلق بالقضية الأولى فإن “الأجهزة الأمنية المختصة تمكنت من ضبط المتهم الإرهابي طلال نايف رجا، كويتي الجنسية مواليد 1998، وقبل إتمام جريمته النكراء بالتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية لتفجير أحد المساجد الجعفرية بمحافظة حولي، إضافة إلى أحد المنشآت بوزارة الداخلية، حيث أدلى المتهم الإرهابي باعترافات تفصيلية أقر فيها واعترف بمبايعته تنظيم الدولة وتلقيه تعليمات من أحد قياديي التنظيم بالخارج، وعقده العزم على تنفيذ العملية الإرهابية أواخر شهر رمضان أو أوائل عيد الفطر، على أن يحضر وفق التعليمات التي تلقاها من التنظيم بنفسه أو يكلف أحد من العناصر الشابة التي يقوم بتجنيدها من غير المعروفين لدى الأجهزة الأمنية، أو المشتبه فيهم لاستلام الحزام الناسف والمتفجرات أو شراء سلاحًا ناريًا أوتوماتيكيًا في تنفيذ العمليات الإرهابية داخل البلاد”.
- (2) العملية الثانية
قالت الداخلية الكويتية: “في إنجاز أمني آخر غير مسبوق تمكنت الأجهزة الأمنية وعلى صعيد الوقاية الأمنية من الإرهاب الخارجي من ضبط وإحضار المتهم الإرهابي من الخارج ويدعى علي محمد عمر، مواليد 1988 كويتي الجنسية، ووالدته المتهمة الإرهابية حصة عبدالله محمد، كويتية الجنسية مواليد، 1964 إلى جانب الطفل الذي أنجبه المتهم في حي الرقة بسوريا من زوجته السورية بعد محاولات متكررة من قبل الأجهزة الأمنية الكويتية، إلى أن تكللت بالنهاية بالنجاح رغم كثافة العمليات الإرهابية التي تشهدها المنطقة بين العراق وسوريا بضبطهم وإحضارهم للبلاد، حيث أقر كل من الابن والأم في اعترافات كاملة عن انضمامهما لتنظيم داعش الإرهابي وبتحريض من الأم التي دفعت أولاً بابنها الأصغر عبدالله محمد عمر مواليد 1991، لينضم إلى ذلك التنظيم حتى قتل بأحد المعارك الإرهابية بالعراق”.
وتابعت الوزارة في القضية الثانية أنه “بعد وفاة شقيق المتهم (عبدالله) بادر أخاه (علي) بقطع دراسته في بريطانيا حيث يتلقى تعليمه بكلية هندسة البترول هناك، وانضم إلى تنظيم داعش الإرهابي حيث توجه مع أمه إلى حي الرقة بسوريا حيث عمل هناك مسؤولاً عن تشغيل حقول النفط والغاز، وعملت الأم أيضًا في التدريس لزوجات وأبناء المقاتلين الإرهابيين وتحفيزهم نفسيًا وفكريًا، وأدليا باعترافات تفصيلية بتقديمهما الدعم اللوجيستي للعديد من العمليات الإرهابية تحت إشرافهما ومتابعتهما”.
- (3) العملية الثالثة
قالت الوزارة إن “الأجهزة الأمنية المختصة تمكنت من ضبط خلية إرهابية تنتمي لما يسمى بتنظيم الدولة تضم المتهم مبارك فهد مبارك كويتي الجنسية، مواليد 1994 والمتهم عبدالله مبارك محمد كويتي الجنسية، مواليد 1992 أحد منتسبي وزارة الداخلية ومتهمًا خليجيًا وآخر من الجنسية الأسيوية، وكانت التحريات الأمنية قد كشفت عن ورود معلومات إلى الجهات الأمنية أن المتهم مبارك فهد يخفي صندوقًا حديديًا لدى المتهم عبدالله مبارك في جاخوره الذي يملكه بمنطقة الوفرة، وبعد نقل موقع الجاخور من مكان إلى آخر بنفس المنطقة أبدى مبارك برغبته بإخراج الصندوق من مكان إخفائه، والذي تبين لدى الأجهزة الأمنية أنها تحتوي على سلاحين رشاش نوع كلاشنكوف وذخيرة وطلقات حية وعلم تنظيم داعش الإرهابي، كما أقر واعترف المتهمان باشتراكهما بتلك الجريمة، وبأن المواطن الخليجي هو من أحضر علم داعش من الخارج وإخفاءه مع السلاح بالصندوق واعترفا بكافة التفاصيل باشتراكهما بهذه القضية، فيما لا يزال المتهم الخليجي هاربًا ومتواري عن الأنظار”.
خطورة تنظيم الدولة على الكويت
الكاتب الكويتي المحامي محمد صالح السبتي، كتب قائلًا: “كثيرًا ما كان يقول لي المتابعون إنك تبالغ بخطر داعش على الكويت ويظن كثير من هؤلاء أن الكويت أبعد ما تكون من أن تصاب بفوضى داعش ووحشيتها، لكن الحقيقة التي يجب أن نعيها جيدًا ونعمل على أساسها أن داعش ليست ببعيدة من الكويت أبدًا بل هي أقرب مما نتوقع ونتصور جميعًا”.
وأضاف: “من كان يصدق أن الجيش السوري والعراقي وهما بحالة وفاق يعجزان عن مواجهة مثل هذه الجماعة أو إيقاف تقدمها الوحشي في مناطق عدة في الدولتين!! دعك من الثوار الآخرين الذين التقت مصالحهم مع داعش ضد هذه الأنظمة، لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدال أن داعش فعلت ما لم نكن نصدقه أبدًا ولا يمر على خاطرنا ولا بالأحلام!!”، قائلًا: “إذا أضفنا إلى هذا أن هذه الجماعة تمتاز بلا إنسانية ووحشية نادرة جدًا وقليلًا ما مر أمثالها عبر التاريخ، فهي تمارس الوحشية بأبشع صورها التي قد يسمع بها الناس”.
وتابع: “داعش كفكر منتشر في المجتمع الكويتي بصورة قد تكون مخيفة كما أن هذا الفكر منتشر أيضًا في بعض دول الخليج، وكثير من الردود التي تأتي حال انتقاد لوحشية داعش تدل على أن هذا الفكر منتشر بصورة غير طبيعية بيننا، والأدهى أن انتشاره لا يقتصر في الكويت على سفهاء الناس بل أنه يحمله كثير ممن هم في مجال التعليم والخطابة ولهم أتباعهم”.
وقال صالح السبتي: “الطائفية المقيتة التي يعاني منها المجتمع الكويتي خاصة مع انعكاسات الأحداث السورية والعراقية زادت من خطر داعش على الكويت، فلا أحد ينكر أبدًا ان المجتمع الكويتي ينقسم طائفيًا تبعًا لرأيه في الأحداث هناك وكل طائفة تناصر موقف مثيلتها في هذه الحروب المستعرة”.
وأشار إلى أن القرب الجغرافي بين الكويت وأماكن انتشار وسيطرة هذه الجماعة الوحشية، إرهاصات الأزمة السياسية في الكويت التي جعلت كثيرًا من فئات المجتمع فئات ناقمة على الدولة متهيئة للتغيير، كل هذه العوامل مشتركة تجعل الكويت فعلاً وحقيقة في مرمى النار لداعش ووحشيتها.
وأضاف: “يجب ألا يغيب عن بالنا ان الفوضى والأعمال الوحشية لا تحتاج إلى كثير تنظيم بل إن عددًا قليلًا من هؤلاء اللا إنسانيين يمكنهم أن يشيعوا الفوضى في أي بلد، ولنا أن نسأل سؤالاً: هؤلاء الشباب الخليجيون الذين يتم تداول تسجيلاتهم وفيديوهاتهم وهم يقطعون الرؤوس ويقتلون، من أقنعهم بهذا الفكر؟!! وأين شربوه؟!! أليس في بلادنا وتحت أيدي معلميهم الداعشيين؟!!”.
الشيخ عذبي الفهد “رئيس جهاز أمن الدولة السابق”
أبرز من اتهموا في عمليات مسلحة، من الأسرة الحاكمة، الشيخ عذبي الفهد “رئيس جهاز أمن الدولة السابق” ووصفه الكثير من الساسة الكويتيين بأنه الرجل الغامض الذي تشوبه العديد من علامات الاستفهام، وهو ابن الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح، الابن التاسع لأمير الكويت العاشر أحمد الجابر الصباح وأصغر أبنائه الذكور، قتل في تاريخ 2 أغسطس 1990 على يد الجيش العراقي إبان الغزو العراقي للكويت عند بوابة قصر دسمان، ويطلق عليه البعض اسم “شهيد دسمان”.
وتمثل خلية “ميناء عبدالله” التي كشفتها السلطات الأمنية الكويتية في 2001 أول قضية يتداول فيها اسم الشيخ عذبي الفهد بشكل رسمي ضمن تحقيقات النيابة والمحكمة وفق أقوال المتهم الرئيسي في تلك القضية التي شغلت الشارع الكويتي في حينها، ويقول المتهم الرئيسي في تلك الشبكة التي اتهمت بالتخطيط للقيام بأعمال تخريبية ضد المكتب التجاري الإسرائيلي بدولة قطر، والمساس بأمن الكويت محمد الدوسري في شهادته أمام المحكمة “بأن الأسلحة والمتفجرات سلمها إياه الشيخ عذبي الفهد وطلب منه التخلص منها وهي من مخلفات الغزو العراقي”.
هذه الاعترافات لم تمنع الشيخ عذبي الفهد من تولي منصب رئيس أمن الدولة في 2005 نظرًا لعلاقته مع مجاميع سياسية وقوى دينية، ودوره الأمني والعسكري في المقاومة الكويتية إبان الغزو العراقي لدولة الكويت، إلا أنه تقدم باستقالته بعد سنة من توليه المنصب وتحديدًا في أكتوبر 2006 نتيجة ضغوط سياسية لإزاحته من المنصب رافقتها بعض الترتيبات السياسية ضمن تسويات أزمة الحكم آنذاك، إلا أن الفهد عاد إلى جهاز أمن الدولة من جديد في نوفمبر من عام 2009 حتى يوليو 2011.
عاد الشيخ عذبي الفهد إلى دائرة الأضواء مجددًا من بوابة “قروب الفنطاس”، فكان تلك القضية الثانية التي يذكر فيها اسمه، والأولى التي يستدعى ويتم التحقيق معه فيها ويوجه له اتهامات، وتفرج عنه النياية بكفالة مالية، ويضم “قروب الفنطاس” على “الواتساب”، بالإضافة إلى الشيخ عذبي الفهد كلًا من الشيخ خليفة علي الخليفة، المحامييان فلاح الحجرف وعبدالمحسن العتيقي وآخرون حققت معهم النيابة العامة ووجهت لهم تهم متفاوته ما بين الإساءة للذات الأميرية والسلطة القضائية وإساءة استخدام الهاتف وبث أخبار كاذبة.
الفهد الذي اتجهت الأعين إليه لدوره في “قروب الفنطاس” وما إن كانت له علاقة بقضية أخرى شغلت الكويت سياسيًا واجتماعيًا أيضًا بطلها شقيقه الشيخ أحمد الفهد وعرفت في حينه بـ”بلاغ الكويت”، فاجأ الجميع بارتباطه مجددًا في خلية أخرى مسلحة، وهي ما عرفت بـ”خلية العبدلي”، إلا أنها كانت على النقيض الطائفي لخلية “ميناء عبدالله”.
وبحسب اعتراف المتهم الأول في الخلية حسين حاجيه أمام المحكمة، فإن الشيخ عذبي الفهد أمره بتخزين الأسلحة التي تعود إلى المقاومة الكويتية وفترة الغزو العراقي بحسب أقوال حاجيه في المحكمة، ويضيف أنه طلب من الفهد التخلص منها إلا أن الأخير طلب منه الاحتفاظ بها.
المصدر: التقرير