حسم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمر استرجاع السلطات لممتلكات تركها فرنسيون غادروا البلاد بعد الاستقلال عام 1962، معتبره “أمرًا مشروعًا”، آمرًا بتصنيفها ضمن أملاك الدولة.
وأوضح بوتفليقة أن إجراء ضم ممتلكات “الأقدام السوداء”، الذين غادروا البلاد عام 1962، ضمن أملاك الدولة، جاء في سياق “ما فعله المستعمر الغاشم، في الأربعينات من القرن الماضي بممتلكات أبناء بلادنا… (في إشارة منه إلى عمليات نهب من الاستعمار الفرنسي لأملاك الجزائريين في تلك الفترة) هو إجراء أصبح جزءًا لا رجعة فيه من تشريع دولتنا المعاصرة”.
وفي مايو 1968 أصدرت الحكومة الجزائرية قرارًا يقضي بتأميم ممتلكات “الأقدام السوداء” الذين غادروا الجزائر واعتبارها ملكًا للدولة.
وأكد بوتفليقة، في رسالة للجزائريين بمناسبة الذكرى الـ 54 لاستقلال البلاد، رفض بلاده طلبات إعادة الممتلكات أو التعويض عنها للمستوطنين الفرنسيين والأجانب، الذين تركوها عقب الاستقلال، مؤكدًا على مشروعية تصنيفها ضمن أملاك الدولة، وقال “اتخذت الجزائر إجراءات مشروعة، لاسترجاع هذه الممتلكات الفردية والجماعية ضمن ملكية الدولة”.
ويطلق اسم الأقدام السوداء على المستوطنين الأوروبيين (تنحدر أغلبيتهم من أصول فرنسية أو إيطالية أو إسبانية أو مالطية، وحتى من أوروبا الشرقية) الذين سكنوا أو ولدوا في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي دام أكثر من 13 عقدًا، من عام 1830 إلى 1962، لكنهم غادروها بعد الاستقلال عام 1962 نحو بلادهم “خوفًا من انتقام الجزائريين”، كما يقولون.
ورفعت جمعيات تدافع عن الفرنسيين الذين استوطنوا الجزائر، قضايا لدى محاكم فرنسية تطالب الجزائر بتعويض “الأقدام السوداء” عن ممتلكاتهم التي تركوها هناك بعد مغادرتها.
وسبق للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن قضت في نوفمبر 2006، بأحقية الجزائر في استرداد الممتلكات التي كانت بحوزة فرنسا و”الأقدام السوداء”، وذلك في سياق فصلها في قضية رفعها مستعمر سابق في مدينة وهران ضد الحكومة الجزائرية.
وكان المدير العام لأملاك الدولة محمد حمور، قد كشف في تصريح صحافي أن “مصالح المديرية وبالتنسيق مع الهيئات الوزارية استرجعت منذ العام 2013، 180 ألف عقار بين منازل وشقق وأراضٍ كانت تابعة لفئة الأقدام السوداء”.
ويرى جزائريون أن كل الأملاك التي تركها “الأقدام السوداء” هي أملاك شرعية للجزائريين، يجب ضمها لممتلكات الدولة، وقال البعض إن على فرنسا أن تراجع حساباتها وتبدأ بدفع تعويضات لسنوات الاحتلال والسلب والنهب وقتل الملايين من أبناء الشعب الجزائري، عوض أن تطالب بممتلكات المستوطنين، وطالب آخرون الحكومة الفرنسية بتعويض المتضررين الجزائريين عن استغلال هاته الممتلكات وعن الجرائم التي قاموا بها.
ومن المنتظر أن يسبب قرار الرئيس بوتفليقة، عودة الجدل السياسي والتاريخي بين الجزائر وفرنسا حول قضية ممتلكات المستعمرين الفرنسيين في الجزائر قبل استقلال البلاد في الخامس من يوليو 1962.
ويعد ملف أملاك المعمرين الفرنسيين الذين عاشوا بالجزائر في الفترة ما بين 1830 و1962 من بين أكثر الملفات حساسية في علاقة البلدين.
وسبق للرئيس الفرنسي، أن اتهم السلطات الجزائرية التي حكمت البلاد في السنوات الأولى من الاستقلال، بالقيام بما وصفها بالمجازر بحق الرعايا الفرنسيين وممتلكاتهم، فيما أكد وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جون مارك أيرو بباريس، في رد مكتوب وجهه لنائب بالجمعية الفرنسية سأله بشأن الأملاك العقارية للمعمرين الفرنسيين في الجزائر، أن فرنسا متمسكة بالحفاظ على حوار مع الجزائر في “روح الصداقة و الهدوء”.
وفي 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 اندلعت ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتلّ البلاد منذ سنة 1830، ودامت طيلة 7 سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي، وانتهت بإعلان استقلال الجزائر يوم 5 يوليو/ تموز 1962.