عادت الفرقة الموسيقية السعودية بعد غياب لسنوات، لتواكب الحراك الثقافي السعودي، بعد موافقة وزير الثقافة والإعلام رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، عادل الطريفي، على إنشاء فرقة موسيقية تسمى “الفرقة الوطنية الموسيقية السعودية”.
في الوقت ذاته، هزت اربعة تفجيرات انتحارية المملكة العربية السعودية يوم الاثنين الموافق 4 يوليو 2016، اثنان منها في مدينة القطيف ذات الاغلبية الشيعية، وثالث امام القنصلية الامريكية في مدينة جدة اثناء احتفالها بذكرى يوم الاستقلال بينما كان الرابع، وهو الاخطر أمام حاجز امني قرب الحرم النبوي الشريف ساعة الافطار في المدينة المنورة، فهل تكون تلك الأحداث الدموية ردًا على تلك القرارات؟
المجتمع السعودي يضم بداخلة خليط من الثقافات المتعددة، منهم ما يريد مواكبة العالم المتحضر، والأخر يسعى للهدم والتخريب باسم الدين، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن في ظل الوضع الراهن بالمملكة، هل سيتقدم الحراك الثقافي والفني في ظل الوضع الأمني الراهن؟
الفرقة الموسيقية ورؤية 2030
استحدثت الأوامر الملكية الصادرة في السعودية 7 مايو 2016، إنشاء الهيئة العامة للترفيه لأول مرة، وتختص بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه في إطار إعلان المملكة رؤيتها المستقبلية 2030.
وتفعيلا لهذا فقد عادات الفرقة الموسيقية السعودية لتلبي كل المناسبات الوطنية وستكون داعماً لـ”هيئة الترفيه”، بالتنسيق مع هيئة الإذاعة والتلفزيون.
وستعمل الفرقة الموسيقية على استقطاب الكوادر السعودية الشابة مع الكوادر ذات الخبرة، وستقوم بتجهيز أستوديوهات كبيرة لتسجيل الأعمال الموسيقية واعتماد أقسام الفرقة من إدارة وتعليم وتلحين وتوزيع موسيقي وجمع الموروث وتوثيقه للاستفادة منه كوصلات موسيقية وأغانٍ جديدة تحييها المواهب المحلية على المسرح بالمناسبات والحفلات للمساهمة في تفعيل الحراك الثقافي والفني.
هيئة الإذاعة والتلفزيون كانت تمتلك فرقة موسيقية كبيرة يصل عدد عازفيها إلى 60 عضواً، ولها مخزن يحوي نخبة من أفخر الآلات الموسيقية المنوعة مع كمية كبيرة من الأوتار والريش وغيرها، “ولم يكتب لها الاستمرار بسبب ظهور مؤسسات الإنتاج التي تعنى بإنتاج الحفلات خارجياً، لذلك تشتتت الحفلات الداخلية وبقي منها ما بقي”.
وكانت الفرقة الموسيقية السعودية قد انطلقت مع بداية البث الإذاعي منتصف الخمسينات والبث التلفزيوني مطلع الستينات، بقيادة الموسيقار طارق عبدالحكيم، شكل السعوديون غالبية عناصرها.
كما ساهم مسرح الإذاعة والتلفزيون في إطلاق العديد من الأسماء والنماذج الفنية يتقدمهم طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعلي عبدالكريم ومحمد عمر ويحيى لبان وعبدالمجيد عبدالله وآخرون.
وحظيت فرقة الإذاعة والتلفزيون بجدة والرياض في ذاك الحين بمرافقة الفنانين السعوديين في التزاماتهم الفنية.
إلا أنه في عام 1988 أغلق قسم الموسيقى بجمعية الفنون السعودية، وهي المعنية باستقطاب الموهوبين وتدريبهم وتعليمهم الموسيقى ليشكلوا الرافد الأكبر للأوركسترا السعودية، وقبل ذلك التاريخ توقفت الأنشطة الفنية العامة المتمثلة في الحفلات الفنية التي كانت تقام لمختلف الأغراض والمناسبات الاجتماعية والرسمية.
السينما بين المنع والعودة
سعودي يحمل تذكرة دخول لمشاهدة عرض الفيلم الكوميدي السعودي “مناحي” في مدينة جدة نهاية عام 2008
أول من أدخل دور العرض السنيمائية إلى المملكة العربية السعودية هم الموظفيين الغربيين في شركة كاليفورنيا العربية للزيت القياسي التي تحول إسمها إلى شركة “ارامكو” في مجمعاتهم السكنية الخاصة بهم في السعودية خلال فترة الثلاثينيات الميلادية ، و استمر الوضع على ما هو عليه حتى فترة بداية السبعينيات.
ومنعت السينما في السعودية في نهاية السبعينات، لعدة أسباب أهمها غياب الثقافة السينمائية، إذ تتحمل دور السينما حينذاك عدم عرض أفلام على مستوى عال، ما شكل قاعدة سينمائية جوفاء، فلم يؤمن الجمهور بأهمية السينما والصورة كرافد أساسي للثقافة والتعرف إلى الآخر.
وفي بداية عقد الثمانينيات كان هناك صعوبة في عودة السينما، لأمر أساسي، هو صعود خطاب الصحوة، الذي تزامن مع تمرد جهيمان في مكة والثورة الإسلامية في إيران. جميعها تراكمت لتشكل حاجزاً رئيسياً يؤجل عودة دور السينما.
والأمر الأساسي الآخر هو غياب البنية التحتية التي تجعل من دور السينما مثالية في السعودية، بسبب غياب المولات التجارية المجهزة لصالات السينما. الأمر الذي جعل فكرة افتتاح السينما تبدو صعبة، خصوصاً مع مرور الزمن.
وفي عام 2004 بدأت الرياض مع مدن أخرى، عرض أفلام سعودية في دور سينما لا يغلب عليها الطابع التجاري، واستمر الحراك، وتطور مشكلاً حراكاً ثقافياً سينمائياً عالياً جعل أمر عودة دور السينما غير مستبعد.
وفي نوفمبر 2011 كان رئيس لجنة السينما بجمعية المنتجين والموزعين السعوديين فهد التميمي قد كتب تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر بأن هناك لقاءات واتفاقات تتم مع رجال أعمال من أجل الحصول على تصاريح بناء دور سينما في المملكة العربية السعودية.
تداول مستخدمو “تويتر” بالسعودية هاشتاغ ” أخيرا_السينما_ في_السعودية” تعبيرا عن سعادتهم بنبأ إنشاء دور للسينما في المملكة العربية السعودية.
وكشف أحد المسؤولين في هيئة الإعلام المرئي والمسموع النقاب عن تلقي وزارة الإعلام عدة عروض من مستثمرين يرغبون في افتتاح دور سينما ستكون خاضعة للرقابة.
على المستوى الرسمي، دور السينما غير مصرح لها في المملكة، ولكن يتم بين حين وآخر عرض أفلام في سفارات أجنبية، وتنظيم عروض ومهرجانات سينمائية، يتخللها عرض أفلام سعودية، مثل فيلم “كيف الحال” لقناة روتانا، الذي عرض في الرياض قبل 5 سنوات.
جدل وانقسام
الجدل حول السينما لم يكن وليد اللحظة، بل بدأ بشكل متصاعد في التسعينات، تزامناً مع الانفتاح البسيط الذي شهده المجتمع، مع دخول القنوات الفضائية البيت السعودي.
فيرى غالبية السعوديين أهمية دور السينما، حتى وإن يعتقد بعضهم أن الضوابط مهمة قبل افتتاحها. كتخصيص مكان للعائلات بحكم المجتمع المحافط، ما دفع البعض إلى تصوير سيناريوهات ظريفة لكيفية التعامل مع الجمهور في حال اعتماد ذلك.
فهناك شريحة من السعوديين أيدت السينما مبررين ذلك بأنه لا فرق بين مشاهدة فيلم على الشاشة الصغيرة عبر قنوات الأفلام، ومشاهدته في السينما.
فقال المواطن السعودي إبراهيم بن جريشان عبر حسابة بموقع” تويتر:” السينما ليست امرأة عارية ترقص وليست قصة عشق ممنوعة وإنما فن إستخدام الصورة من أجل فكرتك ورسالتك”.
وقالت مشاعل أيضا عبر حسابها في ” تويتر”:”خبر مبهج نبي هالشئ يتنفذ سريعا واللي معارض يجلس بيته”.
بينما يرى المحافظون أن دور السينما تفتح باباً من أبواب الاختلاط غير الشرعي، الذي يجد القسم المحافظ أن لا مفر منه في حال اعتماد دور سينما تجارية في المدن.
ضمن هؤلاء المحافظين عاطف المسمار فقالفي ” تويتر”: ” للاسف طموح غبي ماهي الهدف من وجود سينما بالسعودية فقط اختلاط ومع اني اجزم لن يكون هناك سينما بالسعودية”.
وهناك أخذ الموضوع على محمل الهزار قالت أحد الفتيات السعوديات:” لو صارت راح يكون اول فيلم يعرضونه تايتنك ، و الفيلم ابو اربع ساعات يخلص ف نص ساعة من الحذف”.
أما الإعلام السعودي يميل أكثر لدعم فكرة افتتاح دور سينما، إذ تخصص القناة الثقافية الرسمية برامج سينمائية حول السينما العالمية، وتدعم بقوة الحراك السينمائي السعودي كصناعة. كما تخصص صحف سعودية عديدة صفحات أسبوعية للحديث عن السينما.
وتواجه فكرة السينما في السعودية أيضا ، انقساماً كبيراً بين السينمائيين أنفسهم، فيرى قسم منهم أهمية قيام صناعة سعودية سينمائية أولاً، ثم التحول لإقناع الرأي العام عن أهمية دور السينما وعرض أفلام تجارية.
وهناك شريحة لا بأس بها من المجتمع لا تأبه كثيراً بدور السينما، وغالباً يسخرون من ردة فعل المجتمع المتوقعة في حالة افتتاح رسمي لها.
أما على الصعيد التعليمي، فتقدم بعض الجامعات السعودية دروساً في مجال السينما والأفلام، إلى جانب إرسال طلاب إلى الخارج لدراسة السينما، كما توجد نشاطات سينمائية ومهرجانات على مستوى عالٍ، تطالب بافتتاح دور سينما تجارية في البلاد، وكل ذلك من دون تحديد هوية معينة للثقافة السينمائية في السعودية.
أحدى السيدات السعوديات وهي تقود السيارة
حراك التغيير في السعودية لا ينحصر في الثقافي والفني فقط ، بل هناك موضوعات مجتمعية آثارت الرأي العام السعودي ومازالت محل جدل إلى الآن وهو قيادة المرأة السعودية للسيارة.
فالسعودية البلد الوحيد في العالم الذي تمنع فيه النساء من قيادة السيارات، وتعتبر القضية قضية رأي عام في المجتمع السعودي، ورغم أن نظام المرور السعودي لا ينص على منع النساء من القيادة إلا أن تراخيص القيادة لا تصدر إلا للرجال.
فالأحداث الإرهابية التي وقعت في المملكة سلاح ذو حدين ، أما أن تدفع البلاد إلى تحديث خطابها الثقافي والفكري لمواجهة التطرف والإرهاب وتنمية الإبداع والتغير، وأما أن تؤثر على تقدم المملكة الفكري والثقافي والفني ، فالأيام القادمة هي ما ستحدد إلى إي اتجاه ستسير السعودية.