قتل مواطن أمريكي من أصول أفريقية على يد شرطي أمريكي في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا. الحادثة أثارت ضجة في أوساط الولايات المتحدة الأمريكية بعد بث مقطعًا مصورًا لقطات لشرطي أبيض يحمل سلاحا باتجاه رجل أسود مضرج بالدماء داخل سيارته.
حادثة أخرى في نفس اليوم قتل فيها مواطن أمريكي آخر من ذوي أصول أفريقية على يد شطري أمريكي أبيض في ولاية لويزيانا، بعدما أظهر تسجيل لصاحب متجر بمكان الحادث أحد الضباط، وهو يطلق النار على المواطن الأمريكي 5 مرات من مسافة قصيرة جدًا، فيما قام الآخر بنزع مسدس من جيب المواطن الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وعلى إثر الحادثين دعت تجمعات إلى احتجاجات سلمية لتحقيق العدالة في مواجهة ما وصفوها بالقوة المفرطة من جانب الشرطة الأمريكية ضد السكان السود، بعد تكرار حوادث القتل مؤخرًا تجاه مواطنين من ذوي البشرة السمراء.
فيما أعلن حاكم ولاية لويزيانا جون بيل إدواردز أن وزارة العدل ستحقق بالحادث في أعقاب احتجاجات على سلسلة أعمال القتل الأخيرة البارزة على أيدي الشرطة ضد مواطنين من أصول أفريقية، بدءًا من حادثة فيرغسون بولاية ميزوري إلى بالتيمور ونيويورك، بينما طالبت مجموعات حقوقية باستقالة رئيس شرطة المدينة أو إقالته عقب حادث إطلاق النار.
حرب في دالاس
خرجت تظاهرات بمدينة دالاس في ولاية تكساس الأمريكية منددة بتعامل الشرطة مع السكان الأمريكيين من ذوي الأصول الأمريكية، لكن سرعان ما تحولت التظاهرات إلى معارك بين المتظاهرين والشرطة، حيث قُتل 5 عناصر من الشرطة وأصيب أكثر من 7 آخرين في اشتباكات بالأسلحة النارية.
كانت وسائل إعلام أميركية تحدثت في البداية عن إصابة اثنين أو ثلاثة شرطيين أثناء مظاهرة في مدينة دالاس احتجاجًا على مقتل رجلين من السود برصاص الشرطة في ولايتي مينيسوتا ولويزيانا.
لكن الأمور تطورت خاصة بعد تدخل قناصين اثنين صوبا النار باتجاه الشرطة وهو ما أوقع 5 قتلى على الفور، في حين جرح 11 آخرين خلال الاحتجاجات، هذا وأظهرت لقطات تلفزيونية المتظاهرين وهم يتفرقون خوفًا من الرصاص, فيما احتمى عناصر الشرطة خلف سيارات، ولم تتضح على الفور هوية مطلقي النار.
وأفادت وسائل إعلام أميركية بمقتل أحد الضالعين في عملية إطلاق النار على الشرطة في المدينة نفسها اليوم الجمعة.
كان قائد شرطة دالاس ديفيد براون قد صرح إن الشرطة احتجزت 3 أشخاص، في الوقت الذي تفاوضت فيه مع رابع يتبادل إطلاق النار معها بشكل متقطع في مرآب للسيارات وسط المدينة.
وأضاف براون أن المشتبه فيه الرابع لم يتعاون مع الشرطة، حيث أبلغ المفاوضين أنه ينوي إيذاء المزيد منهم. وأوضح أن القناصة كانوا كما يبدو “ينوون قتل وإصابة أكبر عدد ممكن من أفراد الشرطة”.
وقد فرضت سلطات الطيران الفيدرالية الأميركية على خلفية هذه الأحداث حظرًا مؤقتًا على رحلات الطيران فوق مدينة دالاس، بعد أن اعترف أحد المعتقلين بأنه زرع قنابل في المدينة.
غضب في الولايات الأخرى
التظاهرات المنددة بعنف الشرطة لم تكن في مدينة دالاس فحسب وإن كانت الأعنف هناك، حيث خرجت تظاهرات عدة طالب بالعدالة في العديد من المدن بمختلف أنحاء الولايات الأمريكية، حيث شملت التظاهرات ولايات إلينوي ولويزيانا ومينيسوتا وفلوريدا وميتشيغان وواشنطن وتكساس وبنسلفانيا. كما تظاهر المئات بمنهاتن في نيويورك, واعتقلت الشرطة عشرة منهم بعدما عطلوا حركة السير، بينما تُشير التقارير إلى تصاعد غضب الأقليات في الولايات الأمريكية.
الحكومة الأمريكية من جانبها أعلنت فتح تحقيق على المستوى الاتحادي في حادثة قتل المواطنين الأسودين يومي الثلاثاء والأربعاء في لويزيانا ومينيسوتا, لكن من غير المتوقع أن هذه الخطوة كافية أو محدثة لتغيير على الأرض, إذ يعتقد المواطنون من ذوي الأصول الأفريقية إن تحقيقات ومحاكمات سابقة أفضت إلى تبرئة عناصر من الشرطة قتلوا مواطنين سودًا، وهو ما سيتنهي به حال هذه التحقيقات.
تأتي هذه الشكوك في التحقيقات في ظل انتقادات موجهة لطبيعة النظام القضائي الأميركي الذي يعتبره البعض إنه وضع من أجل حماية حقوق وامتيازات البيض وإقصاء أولئك الذين يسعون لتغييره.
كما أن هناك نظرة مجتمعية أخرى مسبقة ترى أن الرجال السود خطرون، وبذلك فإن النظرة إلى ضحايا قتل الشرطة الأمريكية كان على أساس أنهم خطرًا دون أي تثبت، وهي نظرة تعد راسخة سلفًا ومبرمجة في عقول الكثير من الأميركيين.
ورغم ذلك تأتي الأحكام ضد مرتكبي الجرائم ضد السود مخففة، وبالعكس تغلظ الأحكام على مرتكبي الجرائم من السود، إذ أوضحت دراسة علمية أنه على سبيل المثال يتعاطى السود المخدرات ويرتكبون جرائم القتل بمعدل لا يزيد عما يقوم به البيض، ومع ذلك الأحكام التي صدرت على السود في الجرائم ذاتها تبلغ عشرة أضعاف ما صدر على البيض.
أوباما يدعو إلى إصلاح الشرطة
وتعليقا على الحادثتين, قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في كلمة له من العاصمة البولندية وارسو -حيث يشارك في قمة لحلف شمال الأطلسي- إنه ينبغي لجميع الأميركيين أن ينزعجوا بسبب قتل السود من قبل شرطيين بيض.
وقال أوباما إن حوادث القتل التي تستهدف مواطنين من الأقليات تهم الأميركيين جميعا, مذكرًا بأن مآسي كثيرة مماثلة وقعت في السابق.
وأضاف أن مواطنين كثيرين يشعرون أنهم بسبب لون بشرتهم لا يعاملون بنفس الطريقة التي يعامل بها الأميركيون البيض, مشيرًا إلى أنهم أكثر عرضة للتفتيش والاعتقال. ودعا أوباما جميع الولايات إلى إقرار المقترحات التي عرضها البيت الأبيض العام الماضي, والتي تصب في اتجاه إصلاح جهاز الشرطة.