هل يؤثر مؤتمر المعارضة الإيرانية على نظام الجمهورية الإسلامية؟

ليس مؤتمرًا لمحور الممانعة والمقاومة كما اعتادت إيران عمله مع حلفائها من الدول العربية، بل مؤتمرًا لمقاومة النظام السياسي في إيران، حيث يعلو صوت المعارضة بين سنة وأخرى في المنفى من خلال إقامة المؤتمرات والفعاليات للفت الأنظار إليها وتوعية الشعب في إيران حول أخطار ولاية الفقيه الذي عمل على خلق نزاعات مع دول الجوار منذ مجيأه للسطة.
أقام تجمع المقاومة الإيرانية مؤتمره السنوي في منطقة مهمة في باريس ليومين بدأ في الأمس وينتهي اليوم الأحد، وقد اجتمعت فيه أطياف المعارضة الإيرانية من كل أنحاء العالم ودعت إليه وفود وشخصيات مهمة شاركت بكلمات خلال المؤتمر، حيث أرسلت المعارضة رسالة إلى النظام السياسي في إيران أنه على الرغم من كل القمع والقتل والإعدام والملاحقة التي تطالها في الداخل والخارج إلا أنهم موجودون وفي كل سنة يأتون ليأكدوا على حقهم في الحرية ومناهضة القمع والقتل الممارس ضدهم على كافة المستويات.
وقد أصبح المؤتمر برأي من حضروا “يمثل الأمل للشعب الإيراني في التحرر من النظام في إيران” الذي يتجاهل حقوق الشعب ويقمع الحريات ويعاني من السجن والاضطهاد والإعدام، فنظام ولاية الفقيه أخفق أمام الشعب الإيراني كما تقول مريم رجوى رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وزعيمة المعارضة الإيرانية في المنفى، إن الحركة المعارضة في المنفى صنعت من نضالاتها جسرًا نحو المستقبل، وشددت أنه أصبح إسقاط نظام الملالي ممكنًا، وأكدت على رفض المعارضة للاستبداد الديني، وقالت عن الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى إنه لم يجلب للمنطقة سوى التطرف والإرهاب.
وخلال انعقاد المؤتمر انتشرت صور دعمًا للمؤتمر في مختلف المدن الإيرانية خلال المؤتمر في باريس.
مريم رجوي رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وزعيمة المعارضة الإيرانية في المنفى
وأردفت مريم أنه منذ رفع العقوبات الأممية عن إيران تدفقت الأموال إلى طهران من زيادة صادرات النفط الخام، وتلك الأموال لم تذهب لإصلاح الأوضاع الاقتصادية المتهاوية في الاقتصاد الوطني بل ذهبت لخدمة آلة الحرب في سوريا والعراق ومناطق أخرى تتدخل إيران فيها عسكريًا وتدعم حلفاءها بالمال والسلاح.
أكد المؤتمر على أن الشعب الإيراني يرفض العمائم السوداء و”يريد إسقاط نظام ولاية الفقيه”، وهتف الحضور خلال كلمة الأمير تركي الفيصل “الشعب يريد إسقاط النظام” وأن منظمة مجاهدي خلق هم “رموز للمقاومة والصمود والحرية ويفتخر معظم الإيرانيين بهم” كما أشار لذلك وزير الخارجية الإيطالي الأسبق في المؤتمر.
من قلب المؤتمر في باريس
الدكتور نصر الحريري كان أحد المدعوين إلى المؤتمر وهو معارض سوري والأمين العام السابق للائتلاف وعضو في الوفد الاستشاري للهيئة العليا للتفاوض بين المعارضة والنظام في جنيف، تحدث معه نون بوست حول ما شاهده ولمسه في مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس.
يرى الحريري أن المؤتمر هذا العام كان ناجحًا من كل النواحي من حيث التنظيم والحضور واختيار المكان والمتكلمين ومحتوى الكلمات ما أعطى أهمية بالغة للمؤتم، حيث تجاوز عدد الحضور هذا العام الـ 120 ألف شخص من الجاليات الإيرانية في العالم وبحضور عدد كبير من الوفود العربية والأجنبية وعدد مهم من كبار الشخصيات السياسية من الكونغرس الأمريكي ومسؤولين وجنرالات سابقين في الإدارة الأمريكية ومن البرلمانات الأوروبية والعربية ووزراء خارجية وغيرهم.
كذلك حضرت وفود من معظم الدول العربية كان أبرزها الحضور السعودي المميز ولأول مرة برئاسة الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق ورئيس مركز الفيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية، ويؤكد الحريري أنه ألقى أطول كلمة بين المتكلمين في المؤتمر، وتفاعل مع الحضور عندما هتفوا الشعب يريد إسقاط النظام عندما رد عليهم قائلاً “وأنا أيضًا أريد إسقاط النظام”.
الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق
وحول كلمة الفيصل قال الحريري عنها إنها كلمة هجومية هاجم فيها النظام الإيراني وولاية والفقيه والتدخلات الإيرانية في دول الجوار واستطرد الفيصل في الكلام عن نظام الملالي تاريخيًا ومساوئه وحجم الخلافات والنزاعات التي خلفها مع الدول العربية، وفصل في حديثه بين نظام الملالي والشعب الفارسي متطرقًا إلى الميزات الحضارية والإسهامات التي قدمها الشعب الفارسي خلال التاريخ في مختلف المجالات، وإعلان الفيصل في كلمته تأييده الكامل لمنظمة مجاهدي خلق وللرئيسة مريم رجوى.
يقول الحريري إن معظم الكلمات في المؤتمر ركزت على تاريخ نظام الملالي والثيوقراطرية الدينية الديكتاتورية وآثارها في المنطقة وتدخلاتها في دول الجوار ودعمها لتنظيمات إرهابية وفكرها الاستراتيجي القائم على تصدير ثورة الملالي، وأشار أن كل الموجودين وقفوا ضد الاتفاق النووي الإيراني لثقتهم أن إيران لم تغير من سلوكياتها تجاه رغبتها في حيازة السلاح النووي وتدخلاتها في المنطقة.
والجدير بالذكر أن الاتفاق مضى عليه سنة كاملة وإلى الآن لا تبدي إيران التزامًا كاملًا باتفاق فيينا وجل ما تسعى إليه هو عودة الأموال المصادرة ورفع العقوبات التي كبلت الاقتصاد وأن تلك الأموال التي استرجعتها بعد رفع العقوبات لم يستفد منها الاقتصاد الإيراني بقدر ما استفادت منها المنظمات الإرهابية التي تدعمها إيران في المنطقة.
كما ترافق اسم نظام بشار الأسد مع نظام الملالي في معظم الكلمات خلال المؤتمر ونعتوه بصفات مختلفة كالجزار السوري والسفاح والمجرم والقاتل وأحد الكلمات نعتته بجزار دمشق، فكان التلازم حاضرًا في ذكر النظام السوري وأفعاله المشينة بجانب النظام الإيراني الذي يعد الحامي والداعم الرئيسي لنظام الأسد في سوريا وهو رأس الحربة في الإرهاب ولا يمكن القضاء على الإرهاب إلا من خلال القضاء على كلا النظامين الإيراني والسوري.
ويكمل الحريري، أن كثيرًا من الكلمات ركزت أن داعش وإيران وجهان لعملة واحدة لا يختلفان عن بعضهما وهناك علاقات وثيقة تربط كليهما ببعض وأن إيران ساهمت في صنع داعش في المنطقة وبالتالي لا يمكن التخلص من داعش إلا من خلال التخلص من النظام الإيراني.
وفي نهاية المؤتمر أعلنت بولندا بشكل رسمي استعدادها لاستقبال 3 آلاف شخص من مخيم أشرف (أحد مخيمات مجاهدي خلق في العراق) بحسب ما قال الحريري لنون بوست.
وحول الآثار التي يمكن أن يلقيها المؤتمر على النظام السياسي في الداخل، يرى الحريري أنه تم التركيز بشكل كبير على موضوع حقوق الإنسان في داخل إيران من الاعتقالات والاعتداءات والإعدامات المعلنة وغير المعلنة، ففي العام 2015 فقط هناك ألف حالة إعدام معلنة باستثناء الإعدمات التي تنفذ خارج القانون.
كما أن المؤتمر له تأثير كبير على الداخل الإيراني على مختلف الأصعدة من خلال اتباع المعارضة في الداخل، حيث تحاول المعارضة في المنفى أن تنشر الوعي سياسيًا واقتصاديًا وتحرك الشارع الإيراني في الداخل حول الأخطار التي يقوم بها النظام الإيراني والآثار السلبية من تدخلاته في دول الجوار عسكريًا وسياسيًا وماليًا، فتوعية الناس في الداخل لكل ما يحيط بهم وكل ما يقوم به ولي الفقيه هو أمر بالغ الأهمية وهو أحد أهم المحاور التي تستهدفها المعارضة للتأثير على ولاية الفقيه والنظام هناك.
فتوعيهم بالآثار الاقتصادية المدمرة على إيران بسبب تزويد النظام الإيراني للمنظمات الإرهابية ب أموال طائلة بدلًا من صرف تلك الأموال على الاقتصاد المحلي لتحسين المعيشة وتأمين فرص العمل وتحسين الجامعات والبحث العلمي وغيرها، فضلًا عن عدد القتلى الكبير من أبناء الشعب الإيراني المرسلين من قبل الحرس الثوري الإيراني للقتال في سوريا والعراق للدفاع عن الأنظمة الاستبدادية هناك.
ويضيف الحريري أن منظمة مجاهدي خلق في رؤيتها السياسية المكونة من عشر نقاط قائمة على التخلص من نظام الملالي وتؤسس دولة مدنية ديمقراطية تحترم العلاقات مع دول الجوار وتفتح علاقات جيدة مع الجميع وتهتم بالاقتصاد المحلي وشؤونها الداخلية أكثر.