على الرغم من السمعة السيئة والانتهاكات اللامتناهية التي تلاحق سجن العقرب، إلا أن تلك السمعة والانتهاكات تضاعفت مؤخرًا بشكل فج ضد عدد من أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين: رئيس البرلمان الأسبق الدكتور محمد سعد الكتاتني، والقيادي في الجماعة الدكتور محمد البلتاجي، ومرشد الجماعة الدكتور محمد بديع، ونائب المرشد خيرت الشاطر، وصفوت حجازي، والوزيرين السابقين أسامة ياسين وباسم عودة.
وأدت الانتهاكات المستمرة في العقرب لمقتل 6 أشخاص بالإهمال الطبي خلال العامين الماضيين، من بينهم القيادي فريد إسماعيل، ليتوالى العنت والتصعيد، ليشكل تهديدًا على أرواح المعتقلين في العقرب عامة والقيادات بشكل خاص، ويكشف عن نية النظام قتلهم بالبطيء أو التخلص منهم بأي شكل وفقًا لذوي المعتقلين وحقوقيين مراقبين للوضع.
مرشد الإخوان ومصير مجهول
وجاء تصاعد تلك الانتهاكات مع تسرب أنباء عن نقل مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع للمستشفى في حالة خطرة، فيما رفضت السلطات السماح لأسرته بالاطمئنان عليه وزيارته.
ونشرت مواقع إخبارية مصرية أنباء عن احتمال وفاة بديع في السجن، غير أنه لم تصدر عن السلطات المصرية أي تصريحات بشأن حالته الصحية.
وأكد مصدر أمني بمصلحة السجون المصرية لموقع الجزيرة نت أنه تم نقل بديع إلى مستشفى المَنيل الجامعي بالقاهرة فجرالسبت بعد تدهور حالته الصحية، مضيفًا أن بديع يعاني من هبوط في الدورة الدموية، مما أدى إلى نقله للمستشفى عدة مرات خلال الأسابيع الماضية.
وأصدرت أسرة المرشد العام بيان السبت الماضي أعربت فيه عن قلقها على صحته، وذلك في الوقت الذي تم منعها من زيارته، كما أكدت أسرته أنه ليس لديها أي معلومات حول الحالة الصحية للمرشد، مؤكدة أن ما نشر من أنباء عن تدهور صحته مثير للقلق، وأنها تحاول التأكد من ذلك من خلال التواصل مع المحامين.
وحملت أسرة المرشد العام السلطات المصرية “المسؤولية الكاملة عن حالته الصحية”، لافتة إلى أنه تم منعها من زيارته في سجن “ملحق المزرعة” للمرة الثالثة على التوالي خلال أسبوعين، وكان آخرها صباح السبت”.
البلتاجي: انتقام سياسي مستمر
ونقلت سناء عبد الجواد زوجة عضو مجلس الشعب الأسبق والرمز الثوري الدكتور محمد البلتاجي، ما يتعرض له من انتهاكات في محبسه، مشيرة إلى أنه انتقام سياسي منه، حيث قالت: “ما يتعرض له الدكتور البلتاجي هو انتقام سياسي لكونه رمزًا من رموز ثورة يناير، ولدوره الوطني في التصدي للدولة العميقة من خلال كونه عضوًا بمجلس الشعب، وكشف الفساد وكونه معنيًا بملف تطهير وزارة الداخلية، وكشفه لدور المخابرات في إفشال الثورة المصرية، وكشفه لشبكات بلطجة على مستوى القطر”.
وأضافت في تصريح خاص لـ “نون بوست” ناقلة ما يتعرض له البلتاجي وأسرته من انتهاكات: “الدكتور البلتاجي محبوس وقتلت ابنته الوحيدة أسماء البلتاجي في مجزرة رابعة، وهو محبوس من يوم 29 أغسطس 2013 إلى الآن حبسًا انفراديًا، بالإضافة إلى اعتقال ابنه أنس البلتاجي أيضًا، وهو محبوس انفرادي إلى الآن أيضًا حيث تم اعتقاله بعد والده بأيام، وتعرض كل أفراد الأسرة للاعتقال حتى الزوجة انتقامًا من البلتاجي وأدواره”.
وحول الانتهاكات داخل العقرب قالت: “حبس البلتاجي أول اعتقاله شهرين فيما يشبه دورة مياه، وبعدها نُقل إلى سجن العقرب، وتم حبسه في عنبر انفرادي بعيدًا عن كل المحبوسين، ولذلك دخل في إضراب كلي عن الطعام حتى تم الاستجابة له ونقله في عنبر به آخرين”.
وواصلت “يتم عليهم في العقرب حملات تجريد وسحب لكل احتياجاتهم من ملابس أو أغطية، حتى في البرد الشديد ينامون على الأرض وممنوع عنهم الدواء ودخول الأطعمة والملابس والأغطية، حيث يتم غلق الزيارات في العقرب في أوقات كثيرة ولمدد طويلة”.
وقالت “منذ مدة قصيرة دخل عليه رئيس مصلحة السجون في الليل بكلاب بوليسية تنهش به وتم تعذيبه بها، بالإضافة لمضايقات حبس في التأديب ومنعه من التواصل مع أهله ومنعه من دخول الكتب وممارسة حقه في الالتحاق بأي جامعات لمواصلة مشواره العلمي، حتى المصحف يحرموه منه، ولا يصلون صلاة الجمعة من وقت الاعتقال إلى الآن”.
وحول تصاعد الانتهاكات والتعنت الأخير ضد البلتاجي ورفاقه، قالت عبد الجواد: “أخيرًا تم صدور قرار بمنع الزيارات عن أشخاص بعينهم هم الدكتور البلتاجي والدكتور صفوت حجازي والدكتور باسم عودة والدكتور أسامه ياسين والمهندس خيرت الشاطر والدكتور محمد بديع”.
وتساءلت حول سبب منع الزيارة قائلة “نتساءل لماذا هؤلاء بالتحديد، وفي هذا الوقت الذي خرجت فيه إشاعة عن وفاة أو نقل محمد بديع إلى المستشفى في حالة خطرة، هل هو جس نبض ليروا ماذا سيكون رد الفعل”.
واختتمت عبد الجواد تصريحها محملة سلطات النظام المصري مسؤولية سلامة البلتاجي ورفاقه حيث قالت “إن فكر النظام في أي أذى لهؤلاء الأشخاص فإننا نحمل سلطة الانقلاب ووزارة الداخلية وكل القائمين على سجون طرة المسؤولية الكاملة عن سلامتهم أو تعرضهم لأي سوء”.
اختيار قيادات الإخوان تم بعناية
فيما أكدت سلمى أشرف مسؤولة الملف الحقوقي بهيومان رايتس مونيتر، أن تلك الانتهاكات ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين متزايدة ولا تتوقف منذ اعتقالهم حيث قالت “الانتهاكات ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين المعارضة لم تتوقف ولا يوم واحد، بل زادت وأصبحنا كل يوم نكتشف تعنتًا جديدًا يمارس ضدهم”.
وأضافت في تصريح خاص لـ “نون بوست” “أصبح قتلهم وتهديدهم بالموت داخل السجن أمرًا يتحدثون عنه بكل أريحية ويقومون بالفعل بتنفيذه ففي العقرب فقط قتل 6 أشخاص بالإهمال الطبي”.
وحول تصاعد الانتهاكات ضد عدد من قيادات الإخوان قالت “اختيار هؤلاء الخمسة تم بعناية حتى يكونوا رموزًا لبقية المعتقلين السياسيين من أنصار الجماعة، وهي أيضًا محاولة لجس النبض وقياس رد الفعل على الانتهاكات المتصاعدة التي ترتكب بحقهم”.
ولفتت إلى أن المنع من الزيارة ليس الانتهاك الوحيد الذي مورس ضدهم حيث قالت “ليس المنع من الزيارة هو حقهم المنتهك الوحيد، إنما كونهم معتقلين تعسفيًا هو الانتهاك الأكبر الذي يعيشونه منذ 3 أعوام”، وأضافت “سجن العقرب مخطط للزنازين الانفرادية فبالتالي من فيه هم معتقلون بشكل انفرادي، ويُضاف إلى ذلك عزلهم عن العالم بمنعهم من الزيارة، ومنعهم من حضور الجلسات في محاولة لقطع اتصالهم بالعالم الخارجي تمامًا، ولمنع معرفة ما يتم بحقهم من انتهاكات قد تصل للقتل”.
وحول الجهود الحقوقية المبذولة لوقف تلك الانتهاكات ضد معتقلي العقرب قالت “هناك الكثير من المحاولات الحقوقية لإغلاق سجن العقرب لما يعرف عنه من كثرة انتهاكات، وتعنت ضد المعتقلين ولكن نحتاج لجهد خارجي أكبر”.
وتابعت “نحتاج لدعم الأمم المتحدة وقيامها بإرسال لجان لتقصي الحقائق وزيارة السجون، نحتاج أن يقوم الصحفيون في الصحف الأجنبية بتسليط الضوء على معاناة سجن العقرب، نحتاج من المجتمع الدولي أن يعلم بتلك الجرائم، وأن نطالبه بردة فعل لا تحتوي على ازدواجية المعايير فقد يصبحوا جميعًا ريجيني بسبب هذا الصمت المقيت”.