ترجمة حفصة جودة
لا يوجد حل سحري للقلق، وجميعنا يعرف ذلك، لكن إذا كان لدينا هذا النوع من القلق الذي يسبب اضطرابات الأمعاء، فالعلاج هو ما نصلي من أجل الحصول عليه، ففي قمة انزعاجنا نصبح بحاجة ماسة لأي شيء يأخذنا بعيدًا عن هذا الشعور.
ومع ذلك، فهناك العديد من الطرق لعلاج القلق عن طريق تطوير استراتيجيات التعامل معه كجزء من حياة منتجة وفعالة للغاية، لكنه لن يكون علاجًا حاسمًا، لماذا؟ لأن القلق شيء ما يختبره كل إنسان في تلك الحياة.
في الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق المرضي – وهو القلق الذي يؤثر في حياتك بشكل ملحوظ يومًا بعد يوم – تصبح الاستجابة المتوقعة للخوف زائدة بشكل مفرط، وتصبح ردود أفعالنا ليست فقط لأجل مخاطر طبيعية حالية، لكن لأجل أفكارنا وذكرياتنا أيضًا، فيبدو وكأننا قلقون حول اللاشيء وكل شيء في نفس الوقت وكأن هذه المشاعر لن تزول أبدًا، هذا العجز يمكن تخفيفه من خلال اكتساب المعرفة والبحث في التغيرات الدماغية.
ببعض المساعدة يستطيع الشخص القلق أن يفهم ما يحدث ويبدأ في معرفة قدرته على التكيف وتحدي تلك الأفكار، فمن الضروري أن نفهم أن الدماغ قادر على التكيف طوال الوقت منذ لحظة الولادة، وأن الحالة النفسية لا يتم إصلاحها.
استجابتنا البدائية لنظرية الكر والفر تمثل وظيفة تطورية للبقاء على قيد الحياة، وتبدأ في العمل بمجرد ولادتنا، يرى المحلل النفسي البريطاني ويلفريد بيون أننا جميعًا نعاني من صدمة بعد ولادتنا، فنحن نختبر الانفصال النفسي والجسدي عن أمهاتنا في الرحم، يستطيع الطفل أن يشعر بحافة العالم فعندما يمد يديه يجد الغشاء، أما بعد الولادة فيتم الدفع بنا نحو هاوية مجهولة باردة لا حدود لها.
“منعكس مورو” (هو رد فعلي طفولي يحدث حتى عمر 5 أشهر حيث يشعر الرضيع دائمًا كما لو أنه سيقع ويموت) يمثل توضيحًا رائعًا لذلك، عندما نكون أطفالًا رضع تستجيب عقولنا للأشياء المادية قبل أن يأتي التفكير السليم إلى حيز الوجود، لكننا نتوقف عن ذلك بعد 6 أشهر، حيث تبدأ عقولنا في معرفة أن تغيير مكاننا لا يعني أننا سنسقط ونموت.
في طفولتنا تتشكل مسارات عصبية جديدة ويتم تقويتها كل يوم، حيث نتعلم البقاء بعيدًا عن الخطر وذلك بتجنب المرتفعات والأشياء الحادة أو النيران، ونقوم بتطوير آليات للتكيف والصمود، ومن ثم نتكيف مع استجابتنا لمخاوفنا الفردية، أما عند بلوغنا، فقدرتنا على الصمود أمام ضغوط العالم اللانهائية هي نتاج جيناتنا وتجاربنا، لكننا ما زلنا نحمل نفس العقل.
لا يعلم أحد على وجه التحديد السبب وراء إصابة أحد الأشخاص باضطراب القلق المرضي دونًا عن غيره، لكننا ندرك أن العديد من العوامل تكون مؤثرة، سواء كانت جينية أو بيئية، ومع ذلك لا نستطيع فقط تدريب الدماغ على التفاعل بشكل مختلف، لكننا نستطيع أيضًا تغيير هيكلها المادي، فهذا ما أكدته الأبحاث العلمية العصبية بشكل تجريبي.
ممارسة التنبيه الذهني وممارسة التمارين الرياضية بانتظام تستطيع أن تفعل كل هذه الأمور، فآلاف الدراسات وتقنيات تصوير الدماغ تخبرنا بتلك الحقيقة، ومع ذلك فعندما تشعر بالقلق لفترة طويلة، تشعر كأنك عالق، كما لو أن العلم والأدلة لا تنطبق على معاناتك، لذلك ينبغي علينا أن ندرك أن هذه العملية لا تحدث بين عشية وضحاها، فالعقل يتعلم التصرف بطرق محددة، وهذا يعني أنه يستطيع أن يتعلم طرق مختلفة أيضًا، والعقبة الأكبر هي اعتقادنا بأنه ينطبق علينا بشكل فردي.
المصدر: الجارديان