هل المجتمع السعودي مقبل على الشيخوخة فعلًا؟

قد تكون الشيخوخة هي آخر أمر يفكر به المجتمع السعودي في ظل مجتمع يكثر فيه الشباب ويحث بفضل القيم والدين على الإنجاب، كما قد يستبعد المجتمع السعودي أن يقع في أزمة ديمغرافية تعاني من قلة الشباب كما هو حاصل في العديد من دول العالم كما في ألمانيا واليابان والصين وسنغافورة وغيرها، مما يضطرها للاستعانة بالمهاجرين.
رؤية 2030 المقررة من قبل الأمير محمد بن سلمان تحتاج لقوة شبابية سعودية فاعلة في المجتمع تحقق متطلبات وبنود الرؤية التي تستند على توطين مختلف الصناعات والخدمات في السعودية، ليصبح المجتمع السعودي في المستقبل منتجًا لما يستهلك في مختلف المجالات، لذا فإن أي كلام عن الشيخوخة لا يعتبر مناسبًا في ظل مسيرة التطوير والانفتاح الحالية التي تحاول السعودية الانخراط فيها، وعلى الحكومة معالجة هذا الخلل لتجنب الآثار السلبية الناجمة عنه.
ماذا تعني الشيخوخة؟
شيخوخة السكان تعني ارتفاع نسبة السكان ممن يتلقون معاشات تقاعدية وفق سن التقاعد المعمول به في الدولة نسبة وتناسب مع الفئة العمرية من الشباب المنتج، وبهذا يتعين على العاملين دفع المزيد من الضرائب لتغطية تكاليف نفقات التقاعد.
يبلغ عدد سكان السعودية ما يناهز الـ 32 مليون نسمة، تشكل فئة الشباب ثلثي إجمالي العاملين ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عامًا، وحسب مسح أجري في العام 2014 فإن إجمالي قوة العمل في السعودية للفئة العمرية 15 سنة وأكثر بلغت 11.361 مليون فرد، وهذا الرقم يمثل 54% من إجمالي عدد السكان وبلغ عدد الذكور 9.600 مليون فرد من إجمالي القوة العاملة.
الأمم المتحدة ووكالة ستاندرد آند بورز حذرت!
هناك أزمة تتشكل في المجتمع السعودي من حيث التركيبة الديمغرافية للسكان حذرت منها وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية أمس الإثنين حول الشيخوخة المتنامية للسكان في البلاد، وهذا ما قد يشكل عبئًا على الإنفاق والدين الحكوميين خلال العقود الثلاثة المقبلة في حال عدم إجراء إصلاحات حكومية لاحتواء التكاليف المتصلة بالعمر.
تقرير الوكالة والذي حمل عنوان “الشيخوخة السكانية العالمية 2016، الشيخوخة السكانية في السعودية قد تشكل عبئًا على الدين العام”، جاء فيه “نتوقع ارتفاع عدد السكان في السعودية من 32 مليون نسمة إلى 46 مليون نسمة بين العامين 2015 و2050، وخلال الفترة المحددة سترتفع نسبة المسنين من 3% حاليًا إلى 15% من إجمالي عدد السكان”.
وبحسب الدراسة فإن السعودية تدخل بداية عصر جديد لم تعتد عليه سابقًا، حيث يتغير هيكل الأعمار في البلاد بسبب الزيادة في متوسط العمر المتوقع وانخفاض معدلات الخصوبة، فضلاً عن التقلبات في معدلات الولادة والوفاة.
الأمم المتحدة: سيصل عدد سكان المملكة نحو 40 مليونًا في عام 2050 يشكل من يبلغون الـ 60 عامًا فما فوق نسبة 25% أي ما يعادل 10 ملايين فرد بحلول عام 2050، علمًا أنه في العام 2010 بلغت نسبتهم 4.4% أي ما يعادل 1.1 مليون نسمة.
ومن المتوقع بحسب الدراسة أن تصل نسبة سكان السعودية الذين يبلغون 60 عامًا فما فوق نسبة 25% من إجمالي سكان السعودية بنهاية عام 2050، كما من المتوقع أيضًا أن تصل نسبة البالغين 80 عامًا فما فوق نسبة 4% من إجمالي عدد السكان في تلك الفترة، والجدير بالذكر أن المسنين في السعودية ممن هم فوق الـ 60 عامًا يتمتعون بصحة جيدة مقارنة بالفئات العمرية السابقة وبهذا تقل حاجتهم للرعاية الصحية.
آثار الشيخوخة على الاقتصاد السعودي
يخشى القائمون على الدراسات والأبحاث في مجال الديغرافية السكانية أن عدد العاملين في السعودية الذين يدفعون جزءًا من دخلهم لصناديق التقاعد لن يكون كافيًا لتغطية برنامج التقاعد بسبب زيادة عدد المسنين وهذا يزيد الحمل على الإنفاق الحكومي ويحمل الحكومة دينًا أكبر يذهب كمصاريف لكبار السن.
وفي دراسة نشرت عبر مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” في العام الماضي 2015 تكلمت عن أثر شيخوخة السكان على اقتصاد المملكة ومن تلك الآثار ارتفاع نسبة الإعالة في الاقتصاد السعودي إلى 52% في العام 2050 مقارنة بـ 46% في العام 2015، كما من المتوقع أن يرتفع عدد الأفراد المستفيدين من مزايا التقاعد بسبب زيادة عدد المسنين، وعدد العاملين سينخفض بسبب انخفاض معدلات الخصوبة، وعليه فإن السياسة المالية للبلاد ستتجه لتحميل العاملين المزيد من التكاليف لسداد النفقات الإضافية للتقاعد.
زيادة معدل الشيخوخة من 5.4% في العام 2010 (1.6 مليون فرد) من إجمالي عدد السكان إلى 25% في العام 2050 (10 ملايين فرد) من إجمالي عدد السكان.
ومن المتوقع أن يزداد الإسهام في صندوق التقاعد وهذا بدوره سينعكس سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي في البلاد ومن الوراد أن تتراجع معدلات الاستهلاك والاستثمار بسبب ذهاب جزء من نفقات الأسرة لصناديق التقاعد.
ستتغير مستويات الادخار التي تسهم بشكل فعال في زيادة مقدار رأس المال المتاح للاستثمار في الاقتصاد وأثره على النمو الاقتصادي، فتغير نمط الادخار والإنفاق لدى الأسر السعودية بزيادة الإنفاق وتخفيض الادخار بهدف القيام بتكاليف معيشتهم والرعاية الصحية اللازمة لهم، يؤثر سلبًا على أداء الاقتصاد السعودي الكلي.
وبحسب تقرير ستاندر آند بورز فإن ارتفاع نسبة الشيخوخة سيشكل عبئًا على الدين العام سيحتم على الدولة أن تنفق أكثر، ويتوقع التقرير أن ينخفض التصنيف الائتماني السيادي للسعودية إلى درجة “مضاربة” ما يؤدي لانخفاض تقييم الديون السيادية للسعودية.