تضيع النساء بين نصائح الأطباء وخبراء التغذية وأقوالهم المختلفة حول إمكانية تحديد نوع الجنين، فمؤخرًا ظهرت دراسات طبية تؤكد أنه بالفعل يمكن للأم تحديد نوع الجنين في بداية الحمل، فعن طريق بعض الفيتامينات والعادات الغذائية المعينة يمكن للمرأة رفع احتمالية حصولها على نوع الجنين الذي ترغب به.
بعيدًا عما إذا كان ذلك مُثبت طبيًا أم لا، إلا أنه يجب علينا الاعتراف بأننا نعيش في عالم تشوب العنصرية الكثير من أجزائه، إذ يفضل العديد من الرجال إنجاب الصبي على الفتاة، هذا يزداد في ثقافات على ثقافات أخرى إلا أنه لا يغيب عن الكل، ففي الولايات المتحدة تجد أن عدد النساء اللاتي تبحثن عما يمكنهن فعله في بداية حملهن للحصول على صبي يفوق عدد النساء اللاتي تبحثن عن كيفية الحصول على فتاة.
لا يمكننا إنكار أن نوع المولود يحدد حياتنا بدرجة كبيرة، فهناك دراسات تثبت توجهنا السياسي المصحوب بنوع المولود، فمن كان أولاده كلهم ذكور فإنه يميل إلى كونه من الحزب الديموقراطي، أما من ينجب الفتيات فيميل إلى كونه عضوًا في الحزب الجمهوري وذلك بحسب الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أثبتت الدراسات تأثير نوع المولود على مدة الزواج، فوجدت الدراسات أن الصبي يطيل من عمر الزواج أكثر من الفتاة، ناهيك عن أسباب الطلاق التي تحدث بسبب الفتيات تزيد عن نظيرتها الحادثة بسبب الفتيان.
تحديد نوع الجنين له جذور تاريخية
منذ الثمانينات والأبحاث جارية في موضوع اختيار جنس المولود والقاعدة العلمية الرئيسية المتعارف عليها بأن تحديد جنس المولود يحدد بنوع الكروموسوم الذي يحمله الحيوان المنوي إما أنثويًا (X -chromosome) أو ذكوريًا (Y- chromosome) في حين أن بويضة الأنثى لا تحمل إلا (X-chromosome) أي الكروموسوم الأنثوي، فإذا كان الالتقاء بين حيوان منوي يحمل الكروموسوم الأنثوي مع البويضة ( X-X ) كان نتيجة التلقيح أنثى، وإذا كان الالتقاء بين حيوان منوي يحمل الكروموسوم الذكري (X-Y ) مع البويضة كان الناتج ذكرًا.
على هذه القاعدة أيضًا اعتمد الإغريق والفراعنة دون علم لهم بالأساس العلمي، فمن تاريخ الشعوب نجد أن الإغريق سعوا لتحديد جنس المولود اعتمادًا على قناعتهم بأن الأجنة الذكور مختزنة بالجهة اليمنى للرجل، في حين تحتل الأجنة الإناث الجهة اليسرى، وبناء على هذا الاعتقاد السائد كان الرجل الإغريقي يربط على خصيته اليسرى لمنع تكون الإناث خلال الجماع، أما الرجل الهندي سابقًا كان يحكم قبضته على الخصية اليسرى أثناء الجماع لنفس السبب.
من ناحية أخرى واعتمادًا على اعتقادات شعبية متوارثة كذلك اعتقد الشعب التايوني بأن زواج الرجل البدين من السيدة النحيفة لإنجاب الإناث والعكس صحيح، كما افترضوا أن أكل المتبلات واللحوم والأسماك المملحة والحامضة وخصيتي الحيوان يساعد على إنجاب الذكور.
ماذا عن الأسباب البيئية التي تؤثر على نوع الجنين؟
في دراسات على مناطق جغرافية تأثرت بكوارث طبيعية كالزلازل والبراكين، أو بحوادث إرهابية، بينّت أن الأمهات ممن يتأثرن بالأحداث السابقة يملن إلى إنجاب الإناث أكثر من إنجابهن للذكور، ففي دولة تشيلي على سبيل المثال عندما ضربها زلزال أرضي مدمر، اكتشفت الأبحاث انخفاض في معدل المواليد الذكور مقارنة بالإناث، كما أن الصادم في تلك الدراسة التي تمت على نساء كن بالفعل حوامل في الشهر الثالث عند حدوث الزلزال، وجدوا أنه حتى عندما تكون الأم في مرحلة غير أولية أو مبكرة في الحمل، وبعد التعرض للضغط الشديد بفعل الحوادث الطبيعية، مالت نسبة كبيرة منهن إلى إنجاب إناث بنسبة تزيد عن الذكور.
تمت نفس الدراسة على أهل نيويورك وكاليفورنيا في الحادي عشر من سبتمبر عقب الحادث الإرهابي، ليتم إيجاد نفس النتائج، انخفاض نسبة المواليد الذكور بالمقارنة مع الإناث، كما تم إيجاد نسبة أعلى من الطبيعي لإجهاض النساء الحوامل في ذكور عقب ذلك الحادث.
إذًا هل يمكننا أن نؤمن بأن الضغط النفسي والحروب والحوادث الإرهابية تجعل عدد المواليد الإناث أكبر من الذكور، ليس شرطًا أن كل مولودة أنثى تأتي نتيجة للضغط النفسي أو نتيجة لكارثة طبيعية، ولا يعني أن كل مولود ذكر كانت ظروف الحمل مسالمة وطبيعية وهادئة، إلا أن احتمالية كون المولد أنثى عقب الحوادث الإرهابية تزيد عن احتمالية ولادة الذكر، وهو ما يطرح السؤال بالنسبة للقضايا الشائكة التي يعاني منها العالم الآن، فهل سيحظى معظم اللاجئين حول العالم تحت ظروفهم القاسية بمواليد إناث أكثر من المواليد الذكور؟ وهل هذا سيجعل العالم قريبًا بدون ذكور؟