قرر الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، التخلي نهائيًا عن رئيس الحكومة الحبيب الصيد واستبداله بشخصية أخرى لم يعلن عنها بعد.
وقال رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي خلال الموكب الرسمي الذي انتظم صباح اليوم الأربعاء بقصر الرئاسة بقرطاج للتوقيع على الوثيقة التأليفية المتعلقة بأولويات حكومة الوحدة الوطنية: إن “رئيس الحكومة الحبيب الصيد اختار الذهاب إلى مجلس نواب الشعب”، في إشارة إلى أن الصيد لم يقدم استقالته من رئاسة الحكومة بطريقة طوعية.
وأشارت مصادر إعلامية أن رئيس تونس قد عرض على رئيس الحكومة تقديم استقالته دون اللجوء لسحب الثقة منه في البرلمان، الأمر الذي رفضه الصيد.
وتولت الأطراف المشاركة في المشاورات لتكوين حكومة وحدة وطنية، خلال الموكب الرسمي اليوم، التوقيع على الوثيقة التأليفية المتعلقة بأولويات حكومة الوحدة الوطنية والتي أطلق عليها “وثيقة قرطاج”.
ولتشكيل حكومة وحدة وطنية يتعين استقالة الحكومة الحالية وموافقة البرلمان على أي حكومة جديدة، وتنص الفقرة الثانية من الفصل 98 من الدستور التونسي على أنه لرئيس الحكومة أن يطرح على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة.
واستلمت حكومة الحبيب الصيد الحالية مقاليد الحكم في فبراير 2015، وأجرى الصيد مطلع العام الجاري تعديلات وزارية وسط احتجاجات اجتماعية متواترة لكن الجهود ظلت مركزة على مكافحة الإرهاب واعتماد القروض الخارجية لإنعاش الاقتصاد.
ومن أبرز الموقعين على الوثيقة التأليفية للحكومة الجديدة أحزاب الرباعي الحاكم (حركة النهضة ونداء تونس وآفاق تونس والوطني الحر) وحركة مشروع تونس والاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحة والصيد البحري.
وفي أول رد فعل له على إعلان الوثيقة التأليفية لحكومة الوحدة الوطنية قال الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، إن هدف حكومة الوحدة الوطنية هو إعادة ترتيب نداء تونس لفائدة شق بعينه، وبين أن الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها تسعى إلى إعادة الموازين داخل الائتلاف الحاكم وتكريس خيارات اقتصادية تهدف لضرب صندوق الدعم وإيقاف الانتدابات والتفريط في السيادة الوطنية.
وأكد الهمامي في ندوة صحفية اليوم أنه لا جديد في برنامج عمل هذه الحكومة في واقع الأمر، وهو ما أشار إليه في وقت سابق رئيس الحكومة الذي تقدمت حكومته على مضمون هذه الوثيقة بإجراءات بدأت في تنفيذها، بحسب تعبيره.
من جهته قال الأمين العام لحراك تونس الإرادة عدنان منصر على صفحته الرسمية على الفيسبوك: “كل الاحترام للسيد الحبيب الصيد في تمسكه باحترام الدستور ومؤسسات الدولة ورفضه الإذعان لنزوات شيخ قرطاج وعصابة المحتالين المحيطة به”، وتساءل عدنان منصر “لماذا لا تسحبون الثقة منه في المجلس إذا كنتم صادقين؟ أم أنكم تخشون ما سيقوله الرجل؟”،
وأضاف منصر “يا أحزاب المافيا، ويا زعماء المافيا الحاكمة، كم نحتقركم وكم نأسى للوضع الذي أوصلتم إليه البلاد، فقد جمعتم إلى فشلكم الاحتيال والجبن وقلة المروءة”.
ومن المنتظر أن يكون عمل الحكومة القادمة، الحرب على الإرهاب والفساد وترسيخ الديمقراطية والتشغيل والتعليم والصحة، وأضاف الرئيس واستعادة دولة القانون.
ويؤكد خبراء، أن تشكيل حكومة جديدة في تونس يمثل إقرارًا بفشل حكومة الحبيب الصيد في تحقيق ما جاءت من أجله، ويؤكدون أن مصير الحكومة القادمة إن تشكلت سيكون نفس مصير الحكومات التي سبقتها إن لم يقع تشخيص كامل للوضع التونسي وإشراك جميع الأطراف في البحث عن الحلول الكفيلة لتجاوز الأزمة التي تعرفها البلاد.
وينتظر أن تكون حكومة الوحدة الوطنية التي تحدث عنها السبسي، الثامنة في تونس منذ الثورة، حيث تشكلت في تونس من 14 يناير 2011 سبع حكومات:
– حكومة محمد الغنوشي الأولى (الوزير الأول في نظام بن علي): استمرت من 17 يناير 2011 حتى 27 من الشهر نفسه في العام ذاته، وهي حكومة ائتلافية تشكلت من “حزب التجمع الدستوري، ومستقلين، والحزب الديمقراطي التقدمي، وحركة التجديد”.
– حكومة محمد الغنوشي الثانية: من 27 يناير 2011، حتى 27 فبراير من العام نفسه، وتكونت من مستقلين، وحزب الديمقراطي التقدمي، وحركة التجديد.
– حكومة الباجي قايد السبسي (الرئيس الحالي): من 7 مارس 2011 حتى 13 ديسمبر 2011، وتشكلت من مستقلين.
– حكومة حمادي الجبالي (الأمين العام السابق لحركة النهضة): تشكلت بعد فوز حركة النهضة بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، عملت خلال الفترة الواقعة بين 22 ديسمبر 2011 حتى 13 مارس 2013، وهي حكومة ائتلافية بين حركة النهضة، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ومستقلين.
– حكومة علي العريض: من 13 مارس 2013 إلى 9 يناير 2014، وهي حكومة ائتلافية بين النهضة، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ومستقلين.
– حكومة مهدي جمعة: عملت من 28 يناير 2014 إلى 26 من الشهر نفسه عام 2015، وهي حكومة تكنوقراط، تكونت من مستقلين بعد اتفاق نتيجة حوار وطني، انطلق في أكتوبر 2013، لحل الأزمة السياسية الناتجة عن اغتيال المعارض القومي محمد البراهمي.
– حكومة الحبيب الصيد: بدأت نشاطها من 6 فبراير 2015 حتى اليوم، وهي ائتلافية تكونت إثر انتخابات تشريعية ورئاسية، جرت عام 2014 بين أربعة أحزاب (حركة نداء تونس (وسط ليبرالي)، والنهضة (إسلامية)، والاتحاد الوطني الحر (ليبرالي)، وأفاق تونس (ليبرالي).