تطلع الإنسان إلى المستقبل لا يتوقف، فهناك عشرات الدراسات والتقارير التى تصدر بين الحين والآخر تحدثنا عن المستقبل وكيف سيبدو عالمنا بعد خمسين عاما تقل أو تكثر، وتتراوح بين ارهصات مفرحة وآخرى مرعبة، وفى هذا التقرير نرصد بعض هذه الدراسات والتقارير التى حاولت أن تتوقع ما سيكون عليه العالم عام 2050.
أربع قوى توجه مستقبل العالم في الشمال
هذا الكتاب الذي ألفه لورنس سميث توقع علمي عن كوكب الأرض بحلول عام 2050 يرتكز على أبحاث تتناول القوى الأربع المغيّرة للعالم: (التحولات الديموغرافية – الطلب على الموارد الطبيعية – التبدل المناخي- العولمة)، حيث يتوقع أن يشهد العالم انفجارًا سكانيًا، وتختفي الحيوانات البرّية، وتتحلل البيئة المحيطة بالإنسان، وترتفع تكلفة الموارد بدءًا بالنفط ووصولًا إلى الماء.
وتوصل إلى عدة توقعات ونتائج منها: أنه سوف تزداد ثماني دول في الحَيد الشمالي (بما فيها الولايات المتحدة) شهرة وقوة، وسوف تصبح أكثر استقرارًا على الصعيد السياسي، في حين تواجه تلك الأقرب إلى خط الاستواء ضائقات مائية، وسكانًا مُسنّين، ودولًا ضخمة مكتظة بالسكان مُنهَكة بارتفاع تكاليف الطاقة والفيضانات الساحلية، وتتمثل حجة سميث الرئيسة بأن هذه القوى العالمية الأربع الضاغطة سوف تحوّل الربع الشمالي لكوكبنا، جاعلةً إياه مكانًا لنشاط بشري أكبر ذي أهمية استراتيجية واقتصادية.
ويدمج سميث دروس الجغرافيا والتاريخ مع توقعات لدراسات حديثة وبيانات تحليلية، كل شيء بدءًا بديناميكيات المناخ واحتياطيات الموارد، ووصولًا إلى التوزّع السكاني وفقًا للأعمار، وتوقعات النموّ الاقتصادي.
ولكن سميث يقدّم ما يفوق خلاصةً عن الإحصائيات والدراسات، فقد أمضى خمسة عشر شهرًا في السفر في أنحاء العالم الشمالي، جامعًا خبرات شخصية ومعرفة حقيقية لجوهر الأمور، ومقابلات، ويتردد صدى هذه القصص في مختلف أنحاء الكتاب، جاعلًا “العالم في العام 2050” عملًا استثنائيًا قائمًا على استقصاء علمي، مزوّدًا بخرائط، وصور فوتوغرافية، وجداول أصلية، وبذلك اعتُبر هذا الكتاب الأكثر توازنًا وإقناعًا وحداثة في معالجة التحديات والفرص التي تواجه عالمنا في القرن التالي.
تعداد سكان العالم 2050
في العام 2050 يتوقع أن يرتفع التعداد السكاني العالمي إلى 9.1 مليار، مع زيادة 33 مليون فرد سنويًا، ويستند هذا التوقع إلى خفض معدل الخصوبة من 2.56 طفلاً للمرأة الواحدة اليوم إلى 2.02 طفل في 2050، لكن العدد الإجمالي قد يصل إلى 10.5 مليارات نسمة أو قد يقتصر على 8 مليارات تبعًا لتطور معدل الخصوبة، ومن أصل التعداد السكاني المتوقع في 2050 أي 9.1 مليار بشري، سيعيش 7.9 مليارات في البلدان التي تعتبر اليوم نامية.
ويحتمل أن يتضاعف التعداد السكاني في 2050 في 31 بلدًا تعتبر في عداد الدول الأقل تطورًا مثل أفغانستان وبوركينافاسو والنيجر والصومال وأوغندا، في المقابل يحتمل أن ينخفض التعداد السكاني في 2050 في 45 بلدًا بينها بيلاروسيا وبلغاريا وألمانيا واليابان وبولندا وروسيا وكوريا الجنوبية وأوكرانيا.
أما في البلدان النامية فهناك نحو نصف السكان تقل أعمارهم اليوم عن 25 عامًا، فقط 9% من السكان تزيد أعمارهم على 60 عامًا أو أكثر، لكن هذه النسبة يتوقع أن تبلغ 20% في العام 2050.
اختفاء المياه بحلول 2050
اختفاء المياه بحلول عام 2050 هذا ما كشف عنه تقرير سري نشره موقع “ويكيليكس”، حيث أكد التقرير أن المياه الصالحة للشرب ستختفي من الأرض بحلول العام 2050 بسبب تركيز النظام الغذائي في الغرب على اللحوم! وجاء التقرير تحت عنوان “انسوا الأزمة المالية العالمية، المياه العذبة بدأت تنفد في العالم” الذي أعد لأول مرة في العام 2009.
وبحسب التقرير، فإن المدراء التنفيذيين في شركة “نستلة” العالمية للأغذية يشعرون بالقلق حول مستقبل الشركة في عالم مهدد بتغير المناخ، ويؤكدون أن الاستهلاك العالي اللحوم سيسبب نضوب إمدادات المياه العذبة في العالم.
وأشار التقرير إلى أن الأمريكيين يتناولون الكثير من اللحوم، وأصبح العالم الآن على “شفا كارثة” وهو ما يهدد مصير الدول النامية كذلك مثل الهند والصين التي بدأت في تناول الكثير من اللحم البقري والدجاج ولحم الخنزير.
التغيرات الاقتصادية عام 2050
نشرت صحيفة “الإندبندنت” على موقعها الإلكتروني تقريرًا عما سيكون عليه العالم في عام 2050، تطرقت فيه إلى نقاط رئيسية منها المقارنة بين الناتج المحلي الإجمالي في دول عدة.
وبحسب التقرير فسوف يجتاز الناتج المحلي الإجمالي للدول ذات الاقتصادات الناشئة التي تشمل الصين والهند والبرازيل والمكسيك وروسيا وإندونيسيا وتركيا، دول مجموعة السبع الحالية التي تضم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وأمريكا بحلول العام 2050، فيما لن تكون بريطانيا من بين أفضل 10 اقتصادات في العالم كما هو الحال الآن، ولكن ستحتل المركز الحادي عشر.
أما الهند، فسوف تتفوق اقتصاديًا على الولايات المتحدة، كما ستتسع الفجوة الاقتصادية بين الصين والهند والولايات المتحدة من ناحية وبقية دول العالم من ناحية أخرى.
سنغافورة: أغنى دولة في العالم عام 2050
أظهر “تقرير الثروة” الذي أعده “سيتي بنك” وشركة خدمات الاستشارات العقارية “نايت فرانك” أنه من المتوقع أن تصبح سنغافورة أغنى دولة في العام بحلول عام 2050.
وقد تربعت أربع دول آسيوية على رأس القائمة من حيث حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مع تعديل الأرقام بالأخذ في الاعتبار التضخم عند حساب الدخل، وكذلك تكاليف المعيشة، وأسعار الصرف.
اختفاء لغات العالم بحلول العام 2050
أكدت مديرة برنامج ذاكرة العالم بمنظمة “اليونسكو” جوي سبرنغر أن التعددية اللغوية العالمية تواجه خطر الانحسار، وقالت إن “دراسات أجرتها المنظمة بينت أن نصف لغات العالم ستختفي بحلول العام 2050″، وأوضحت أن منظمة اليونسكو أطلقت برامجًا متعددةً لتوفير فرص جديدة للتواصل بين أكثر من ستة آلاف لغة في العالم بهدف التركيز على موضوعات التعددية اللغوية وبخاصة على الإنترنت”، حيث أشار الباحثون إلى ضرورة تضمين لغات الأقليات في مواقع الخدمات العامة، وذلك على ضوء دراسات أشارت إلى أن “التنوع اللغوي من أهم الكنوز التي يتمتع بها العالم وذلك في إطار التحدي الذي تواجهه اللغات في عصر تقدم التكنولوجيا والوسائط المتعددة.
ضعف النظر يهدد نصف سكان العالم بحلول 2050
أشارت دراسة طبية إلى أن نصف سكان العالم، أي نحو 5 مليار إنسان، سيعانون ضعفًا في النظر بحلول سنة 2050، كما أن واحدًا بين كل خمسة ممن سيضعف نظرهم، قد يصابون بالعمى الكامل.
وأوضحت دراسة نشرت في مجلة “أوبتال مولوجي” أن فقدان البصر بسبب ضعف النظر سيتضاعف 7 مرات، بين عامي 2000 و2050، ليضحى بذلك واحدًا من الإشكالات الصحية الكبرى في العالم.
ويقول باحثون من معهد برين هولدن للبصر من جامعة “ساوث ويلز” في أستراليا، إن نمط الحياة المعاصرة يفاقم مشكلة نقص النظر، لاسيما الجلوس لوقت طويل أمام الحواسيب والتلفزيون، إضافة إلى التحديق بتركيز عال في شاشات الهواتف الذكية، وينصح الباحثون الآباء بفحص صحة النظر لدى أبنائهم باستمرار، ولمرة واحدة على الأقل في العام، وفق ما نقلت “دايلي ساينس”.
كوراث ومخاطر متعددة
وفقًا لما عرضته مجلة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية، في تقريرها الذي حدد عددًا من المشكلات التي ستواجه العالم خلال العام 2050. وهي :
1– من المتوقع أن يصبح النفط باهظ التكلفة، مع زيادة أعداد البشر، والمزيد من المنازل والسيارات، سيزيد الطلب على موارد الطاقة.
2– زيادة عدد الهجمات الإلكترونية، ما يسبب أضرارًا جسيمة على العالم، حيث يتوقع الخبراء زيادة تلك الهجمات بنسبة 61%، ما سينتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح أو الممتلكات، تقدر تكلفتها بعشرات المليارات من الدولارات.
3– إذا كنت تريد الراحة، ستضطر للتخلي عن خصوصيتك، لأن التطور التكنولوجي الهائل، سيخلق أكبر قدر من الشفافية بين الناس والسلطات أو الحكومات أو أجهزة المخابرات، فالمعلومات تكمن في قلب الثورة الرقمية، وهذا يعني أقل قدر من الخصوصية.
4– انقطاع التيار الكهربائي في كثير من المدن على نطاق واسع ربما يصبح سمة شائعة.
5– ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات قد يتسبب في غرق الكثير من المدن الرئيسية في جميع أنحاء العالم.
6– الأعاصير قد تكون أكثر تواترًا وأكثر شدة، بسبب تغير المناخ وارتفاع مستويات البحر، وارتفاع درجات الحرارة، كلها عوامل تزيد من قوة ونسبة العواصف، لأن كلما زادت سخونة الأرض، سيزيد بخار الماء، الذي يعتبر وقود العواصف.
7– عدد الناس الذين سيعانون من التخلف والعته وفقدان الذاكرة، أو ما يسمى بأمراض الشيخوخة، التي لا نعرف كيفية تشخيصها أو إيجاد علاج لها، قد يصل إلى 3 أضعاف.
8– سهولة انتشار الأمراض حول العالم، لأن ارتفاع درجة حرارة الأرض تدريجيًا، سيزيد من أعداد الآفات الناقلة للأمراض القاتلة، وسيموت الناس بأعداد مهولة بسبب زيادة عدد البعوض الذي يحمل الملاريا، وحمى الضنك، وحمى الصفراء، والكوليرا.
9– الجراثيم قد تقتل 10 ملايين شخص كل سنة، حيث ستتفاقم مشكلة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، بسبب تساهل الأطباء والصيادلة في جميع أنحاء العالم في إعطائها، واستخدامها بحرية من قبل المزارعين في جميع أنحاء العالم على محاصيلهم وإضافتها إلى الأعلاف الحيوانية، حتى عندما تكون الحيوانات ليست مريضة.
10– الغابات الممطرة التي نحصل منها على العديد من الأدوية المنقذ للحياة قد تواجه خطر الإبادة الكاملة، بسبب قطع الأشجار وإزالة الغالبات.
11– سيعاني الملايين من سكان العالم نقص المواد الغذائية، حيث يتوقع انتشار المجاعات، لاسيما في إفريقيا وجنوب آسيا، لأن آفات المحاصيل ومسببات الأمراض تنتشر في المناطق الأكثر دفئًا، والمناطق الأكثر جفافًا، كما أن زيادة أعداد البشر، سيؤدي إلى زيادة الطلب على المواد الغذائية، مثل القمح والذرة والأرز، وبالتالي سيحدث قصورًا كبيرًا.
12– انقراض العديد من أنواع الأسماك التي نتناولها خلال الأيام الحالية، بسبب الإفراط في الاستغلال أو عدم وجود ضوابط للصيد.
13– من المتوقع أن يعاني نصف سكان العالم تقريبًا من نقص حاد في المياه العذبة، وستكون هناك حروبًا كثيرة سببها الرئيسي التنازع على مصادر وحصص المياة العذبة من الأنهار، وهناك تقارير عدة تناقلتها وسائل الإعلام منذ بدء الألفية الثالثة تحذر من أن قرابة ثلثى سكان الأرض سيعانون من العطش مع حلول العام 2050، وأن العديد من الحوادث الحدودية المرتبطة بالمياه قد تتحول إلى حروب مفتوحة بسبب النقص المتزايد في هذه الثروة الطبيعية الحيوية، فضلاً عن أن ما يغذى هذه النزاعات الأنهار الحدودية أو تلك العابرة للحدود، وكذلك الآبار الجوفية المشتركة التي ترفض الدول تقاسمها.
14– ارتفاع نسبة الوفيات وانتشار الأمراض، خاصة الناتجة عن التلوث الجوي، وقد يكون الهواء ثقيلًا بسبب التلوث، ما سينتج عنه تدهور أوضاع الرئة، وزيادة أمراض الجهاز التنفسي.
ختامًا
لا زالت التوقعات والتقارير والدراسات التي تتطلع إلى مستقبل البشرية خلال الخمسين عاما القادمة مستمرة لا تتوقف بهدف البحث عن حياة أفضل للإنسان على هذا الكوكب، فيما تشير مجمل الدراسات أن القادم ليس بالأفضل لاسيما فيما يخص أمن وسلامة الكوكب الذي يشكو من مشكلات بيئية مزمنة، وتلوث فاقت نسبة الحدود المسموح بها دوليا، وإهدارًا للموارد الأساسية التي لا يمكن بدونها أن تستقر حياة الإنسان مثل المياه والتي من المتوقع أن تنشأ الحروب القادمة بسبب التنازع على منابعها وحصصها وهو ما يستدعي بذل جهود أممية جبارة لضمان غد آمن للأجيال القادمة وحياة أفضل.