تناقلت وسائل إعلام محلية سورية عن زيارة العماد علي حبيب إلى تركيا قادمًا من باريس لما قيل أنه من أجل بحث تشكيل مجلس عسكري موسع مع الأتراك يتألف من تشكيلة ضباط من النظام السوري ومن المعارضة السورية ممن انشقوا منذ بداية الأحداث في سوريا.
وقد انتشر هذا الخبر بين السوريين آملين أن هذا التحرك يحمل بوادر حل للأزمة وعودتهم إلى بلادهم، ولدى سؤال الدكتور عمار قحف مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية حول صحة تلك الأخبار ومدى انعكاسها على الأزمة السورية، أجاب أنه: في ظل انسداد المفاوضات السياسية وتراوح المشهد العسكري في سورية تظهر مبادرات قديمة على الساحة من جديد مثل مشروع تشكيل مجلس عسكري موسع يحكم سورية في الفترة الانتقالية، وهي مبادرة فرنسية الأصل منذ أعوام، وتم ترويج أسماء العميد مناف طلاس والعميد علي حبيب سابقًا.
ويكمل قحف أنه من وجهة نظر تحليلية تساهم هذه المبادرات في تحريك الملف السوري سياسيًا بغض النظر عن مدى مصداقية زيارة العماد حبيب إلى تركيا من عدمها، كما تساهم في محاولة تفكيك عقدة الأسد لدى الطرفين الدوليين الذي بات الملف بيدهما – روسيا وأمريكا – وبالتالي اللعب على التحالفات الدولية الهشة ومحاولة إحداث اختراق فيها لا نعلم بعدها إن كانت الأسماء “بالون اختبار” أم لا، ولكن المهم هو تفكيك العقدة السياسية المستعصية والوصول إلى حل مستدام من دون الأسد مع الحفاظ على المصالح الروسية في سورية.
عمار قحف: المهم هو تفكيك العقدة السياسية المستعصية والوصول إلى حل مستدام من دون الأسد مع الحفاظ على المصالح الروسية في سورية.
وعند سؤال الخبير في الشؤون التركية الدكتور علي باكير حول ما جرى في أنقرة لتشكيل مجلس عسكري موسع أجاب أنه لا يملك معلومات دقيقة حول الموضوع، لكن المؤكّد أن حل القضية السورية ليس بهذه السهولة، بحيث تقتصر على اتفاق لإنشاء أو تشكيل مجلس عسكري موسّع.
ويرى باكير أن حل الأزمة في سوريا يعتمد على تماسك المعارضة على الأرض وعلى مواقف اللاعبين الإقليميين والدوليين، وحتى هذه اللحظة لا يوجد أي تحولات كبرى في مواقف الدول بهذا الخصوص، لكن ربما نشهد إعادة تقييم في شهر أغسطس/ آب القادم.
تشكيل مجلس عسكري موسع من أنقرة
قدم علي حبيب من باريس لإجراء مشاورات مع القيادة العسكرية التركية، حيث أكدت المصادر أنه تم استقباله بشكل رسمي في مطار أنقرة من قبل هيئة الأركان العامة للجيش التركي ومدير جهاز الاستخبارات التركية.
علي باكير: حل القضية السورية ليس بهذه السهولة، بحيث تقتصر على اتفاق لإنشاء أو تشكيل مجلس عسكري موسّع.
هدف الزيارة حسبما جاء في موقع أورينت الإخباري عن مصادر عربية مطلعة، هو البحث في تشكيل حكومة عسكرية موسعة برئاسة العماد علي حبيب وبمشاركة عدد كبير من الضباط المنشقين المتواجدين في معسكرات في الأردن وتركيا بالاشتراك مع ضباط النظام، وإنشاء نواة جيش وطني يتألف من عشرة آلاف ضابط وجندي كمرحلة أولى.
وتقضي الخطة أن تنضم فصائل عسكرية تابعة للجيش الحر كأفراد يجري استيعابهم في إطار الجيش الوطني المنوي إنشاءه، مع العلم أنه لن يتم معاملة تلك الفصائل على شكل منظمات، وفي هذا إشارة إلى تفكيكها ونزع السلاح منها وإعادة تأهيل من يود من الأفرد المنضوين تحت تلك الفصائل للانضمام تحت راية الجيش الوطني.
وتأتي هذه الأخبار لتؤكد مدى سرعة عودة العلاقات والاتصالات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا بعد اعتذار القيادة التركية عن إسقاط طائرة السوخوي الروسية، حيث سبق وأن كلفت روسيا مصر لمتابعة تشكيل جسم الحكومة العسكرية السوري، وانعقد بالفعل في القاهرة أول اجتماع في شهر كانون الأول العام الماضي بدون حضور العماد علي حبيب، وبعد المصالحة بين تركيا وروسيا تم نقل الملف إلى أنقرة.
من هو العماد علي حبيب؟
علي حبيب من مواليد مدينة طرطوس من الطائفة العلوية تخرج من الأكاديمية العسكرية في العام 1962 وعين وزيرًا للدفاع في العام 2009 خلفًا لحسن تركماني، وأحيل إلى التقاعد في العام 2011 وقد تواترت الأنباء أنه انشق عن النظام السوري وغادر البلاد هاربًا إلى تركيا ومن ثم إلى فرنسا إلا أن النظام السوري عاد ونفى هذا الخبر وقيل عن مصدر رسمي أنه “لا صحة لوسائل الإعلام عن سفر وزير الدفاع الأسبق، العماد علي حبيب في سورية وهو لا يزال في منزله”.
شارك العماد حبيب في عملية تحرير الكويت حيث كان قائدًا للقوات السورية المشتركة في حرب الخليج ضد العراق في حفر الباطن وترسخت وقتها علاقته مع السعودية بشكل كبير.
تؤكد جهات معارضة أن العماد تمت إقالته من منصبه لعدة أسباب تعود لعلاقته القوية بالسعودية، إذ تقول مصادر إنه تلقى اتصالاً هاتفيًا سريًا من الأمير السعودي خالد بن سلطان، ورفضه دخول الجيش إلى مدينة حماة لما يحيط بالمدينة من وضع خاص يتعلق بأحداث حماة 1982.
علي باكير: ليس هناك انعطافة في الموقف التركي من الملف السوري، والمقصود من بعض التصريحات التركية في هذا الصدد، هو رسالة إلى روسيا وإيران على وجه التحديد لخلق المناخ الإيجابي اللازم للوصول إلى حل في الملف السوري.
وبالإضافة إلى ذلك رفض حبيب في بداية الثورة أن تكون مؤسسة الجيش تابعة للمخابرات لما كانت تتمتع به المخابرات من سلطة ونفوذ في الدولة قياسًا مع سلطة الجيش، وبحسب موقع أورينت فإن العماد طلب من الأسد بعد الثورة أن يكون للجيش السلطة العليا وأن تكون المخابرات تابعة له بتراتبية المراكز والرتب، كما أنه أرجع التصرفات السيئة للمخابرات وليس للجيش ويذكر أن بشار رفض طلبه، بسبب توجسه من علاقاته القوية مع السعودية وموقفه القوي بين أقرانه من القادة والضباط الذي كانوا يتبعون له عندما كان وزيرًا للدفاع.
تركيا وعودة العلاقات مع سوريا
كثر الحديث خلال اليومين الماضيين عن عودة العلاقات التركية مع سوريا بعد تصريحات لرئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في مجلس النواب حيث صرح “نعتزم توسيع صداقاتنا في الداخل والخارج ولقد بدأنا في فعل ذلك خارجيًا حيث أعدنا علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا إلى طبيعتها ومتأكد من عودتها مع سوريا أيضًا”.
ولدى سؤال الدكتور علي باكير عن نية تركيا إعادة العلاقات مع سوريا أجاب “لا اعتقد أنّ هناك انعطافة في الموقف التركي من الملف السوري، لا يزال الموقف على حاله، والمقصود من بعض التصريحات التركية في هذا الصدد، هو رسالة إلى روسيا وإيران على وجه التحديد لخلق المناخ الإيجابي اللازم للوصول إلى حل في الملف السوري”.
ويكمل باكير قائلًا “إعادة العلاقات مع نظام الأسد أمر غير صحيح، وما يقال أيضًا عن تراجع تركي وقبول بالأسد لمدة 6 أشهر في المرحلة الانتقالية هو أمر غير صحيح أيضًا على اعتبار أنّ هذا الموقف كان قد تم طرحه من قبل السعودية وتركيا سابقًا في الاجتماعات الدولية لإبداء الليونة ويتضمن إمكانية الموافقة على بقاء الأسد بضعة أشهر فقط خلال المرحلة الأولى من العملية الانتقالية لكن مقابل أن تقوم موسكو بالتصريح بشكل علني عن قبولها ذلك وإخراج الأسد من السلطة بعدها بتاريخ محدد وهو ما لم توافق عليه موسكو وبطبيعة الحال إيران”.