تقدمت مصر قبل نحو ٦ أعوام للمنافسة على منصب مدير عام منظمة اليونسكو الدولية “منظمة التربية والثقافة والعلوم”، كان فاروق حسنى، وزير الثقافة المصري الأسبق المرشح المصرى للمنصب الرفيع في مواجهة ٦ مرشحين، ينحدرون من روسيا، وليتوانيا، وبلغاريا، وتنزاينا، والجزائر، وبنين.
وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني
حاول الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك “المخلوع بعد ثورة يناير” أن يدفع بكل ما أوتي من قوة ونفوذ في سبيل حصول وزير ثقافته المقرب منذ عام 1987 على هذا المنصب الرفيع، لكن ما حدث أن تصريحات قديمة لحسني اعتبرت معادية للسامية حرمته من نيل هذا المنصب، بعد تدخل جهات عدة مناهضة لهذا الترشيح، ليسقط فاروق حسني في الانتخابات بعدما حصل على ٢٧ صوتًا مقابل ٣١ صوتًا للمرشحة البلغارية إيرينا بوكوفا سفيرة بلادها في فرنسا، والتي جرى التجديد لها لولاية ثانية في العام ٢٠١٣، على أن تجري انتخابات جديدة على المنصب ذاته في العام 2017.
المديرة العامة السابقة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو”، إيرينا بوكوفا
المعركة تتجدد الآن
هذه المرة تشتعل معركة اليونيسكو بين دولتين عربيتين للفوز بمنصب مدير المنظمة في انتخابات العام القادم، حيث تتنافس قطر ومصر على المنصب الآن، ويستعد كل منهما للدفع بمرشحه للمنصب، رغم أنه لم يتحدد موعد رسمي حتى الآن لفتح باب الترشح له خلفًا للبلغارية إيرينا بوكوفا.
كان لقطر الأسبقية بإعلان ترشيح وزير ثقافتها السابق الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري للمنصب الأممى وتسخيرها كل قواها من أجل الفوز به، ليس ذلك فحسب، بل أعلنت عن التبرع بمليون دولار للمنظمة، في ديسمبر الماضى بعد عام من تبرعها بـ10 ملايين دولار.
مصر لم تحسم مرشحها
بدأت حالة من الجدل بين الأوساط الثقافية والإعلامية المصرية حول الاسم الأقرب من الترشح لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونيسكو، وحول الأسماء التي شغلت حيز من الجدل كانت هناك ثلاث شخصيات أولهم السفيرة مشيرة خطاب أحد أبرز رموز نظام حسني مبارك.
كما طرح اسم الوزيرة السابقة ومستشار الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، فايزة أبو النجا، أما الاسم الثالث المطروح فهو الدكتور محمد سامح عمرو رئيس المكتب التنفيذي حاليًا باليونيسكو الذي دفعت به جامعة القاهرة مندوبًا لها مؤخرًا.
حيث انتخب سامح عمرو في ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣ رئيسًا للمجلس التنفيذي لـ”اليونيسكو”، ومثل مصر في المفاوضات الخاصة بمختلف اتفاقيات المنظمة، لاسيما التي تخص التراث الثقافى، إلا أن شروط وزارة الخارجية لمن يجرى ترشيحه للمنصب، قد تعوق وصول سامح للمنصب، بعد أن اشترطت أن يكون للمرشح صلة بالتعليم والثقافة، وأن يكون وزيرًا سابقًا، والشرط الأول يمكن ينطبق بالكامل على سامح عمرو، أما الثانى قد يكون سببًا في استبعاده.
ولا تزال ترفض وزارة الخارجية المصرية الإعلان رسميًا عن اسم مرشح مصر، فيما تداولت أنباء عن طرح اسم السفيرة مشيرة خطاب، عقب جولة لها فى بعض الدول لبحث دعمها لمصر حال ترشحها.
قطر تسبق مصر
يبدو من الخطوات المتسارعة التي تخوضها قطر للظفر بالمنصب أنها تسبق مصر إليه بخطوات، إذ أكد حمد بن عبدالعزيز الكوارى، مستشار الأمير القطرى لشئون الثقافة ومرشح قطر، دعم الدول الخليجية له فى ترشيحات منصب المدير العام لليونسكو، وإقرار اللجنة الثقافية العامة لدول مجلس التعاون الخليجى، بندًا يدعم المرشح القطرى ليكون أول شخصية عربية تتولى رئاسة هذا المنصب الأممى.
هذه الخطوات القطرية على المستوى الإقليمي والدولي أتت بنتائج ظهرت فى نجاح قطر فى إدراج “القهوة” و “المجلس العربى” على قائمة التراث غير المادى التابع لليونيسكو، فيما فشلت مصر فى إدراج ملف “فن الأراجوز” نظرًا لعدم إكمال وزارة الثقافة المصرية للملف المقدم لليونيسكو، وهو ما تسبب في رفضه.
في المقابل تخبط مصري
في خطوة مفاجأة من جانب مصر تم سحب ملف اليونيسكو من وزارة التعليم العالى وإسناده لوزارة الخارجية المصرية لتكون المسئولة عن اختيار سفير مصر فى اليونيسكو بعد 70 عامًا ظل فيها الملف مسئولية وزارة التعليم العالى، وهو ما قد يفسر تأخر مصر للإعلان عن مرشحها حتى اللحظة.
ينتقد هذا التأخر كثيرون من الأكاديميين المصريين الذين أكدوا أن قطر أعلنت عن مرشحها منذ عام تقريبًا، فيما لا تزال الجهات المصرية تتحسس خطاها، وتفكر فى طرح اسم بعينه، وهو ما قد يكلف مصر إخفاقًا دوليًا جديدًا، ربما سيكون أشد وطأة من خسارة فاروق حسنى الذى خسر فى المراحل الأخيرة للسباق بفارق قليل.
حتى أن الشروط المصرية المحددة للمرشح الذي سيمثل مصر غير واضحة المعالم، ويراها البعض مفصلة لتلائم شخصيات بعينها، فيما تشترط أن يكون المرشح شخصية عامة ومعروفة ومرموقة ومقبولة على الصعيدين المحلى والدولى، ولم تضع ضوابط لهذا الشرط مطلقًا.
من جانب وزارة الخارجية المصرية التي تسلمت الملف حديثًا، فقد أكدت إنه لم يجر الإعلان رسميًا عن مرشح مصر لشغل منصب المدير العام لمنظمة اليونيسكو، خلفًا لإيرينا بوكوفا التى تخوض المنافسة على منصب سكرتير عام الأمم المتحدة. موضحة على لسان مسؤولين في تصريحات لوسائل الإعلام أنه سيجرى الإعلان عن المرشح المصرى فى حينه، وجار الترتيب لذلك الأمر خلال الفترة الحالية، وتتم المناقشة بشأنه حاليًا.
يتوقع مراقبون أن تحاول مصر الحصول على دعم الدول العربية التى لها حق التصويت، وهى “مصر والمغرب والسودان ولبنان وسلطنة عمان والجزائر”، كما ربما تسعى مصر لاستغلال عضويتها بمجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقى بالترويج لبرنامج المرشح المصرى المجهول حتى الآن، كما أكدت مصادر دبلوماسية مصرية بأنه من المتوقع قيام مصر بحملة ترويج في القمة الأفريقية المقبلة والقمة العربية أيضًا، للمرشح المصرى لتوفير الدعم له خلال انتخابات اليونيسكو.