حينما تُجبر ضحية الاغتصاب على الزواج من مغتصبها، وأين ما تُخفف عقوبة القاتل من المؤبد إلى بضعة سنوات حينما تكون الجريمة جريمة شرف، هنا في تركيا تزوجت 3000 امرأة، بل وأحيانًا طفلة من مغتصبيها بالإجبار من أجل ستر الفضيحة، ليهرب مرتكبي الجرائم الجنسية والمتحرشيين جنسيًا بالنساء التركيات من عقوبة السجن بمنتهى السهولة، فقد قُدّر عددهم مؤخرًا بحوالي 10000 مغتصب ومتحرش جنسي هارب من تهمة السجن بزواجه من الضحية.
بحسب تقرير صادر من المحكمة العليا للطعون في تركيا، تم رصد أكثر من 3000 امرأة تم إجبارها على الزواج من مغتصبيهم، بالإضافة إلى وجود حالات زواج غير رسمي وغير مُسجل لفتيات في عمر الخامسة بعد تعرضهم لحالات إغتصاب.
على الرغم من تكوين لجنة قضائية لمتابعة تسلسل الجرائم الجنسية و ما يحدث من قِبل المجتمع تجاهها، فإن اللجنة أوضحت إستهجانها من فكرة إجبار الضحية على الزواج، وسلبها حقها الإنساني وإجبارها على قضاء ما تبقى من حياتها مع من تبغضه، إلا أنه لا يفيد إستهجان اللجنة في شيء، فإن عدد جرائم الشرف المتزايد في تركيا والاستمرار في إهانة المرأة بتجاهل معدلات العنف المنزلي و التساهل مع مرتكبي الجرائم الجنسية يجعل تركيا في موضع ضعف امام رغبتها في دخول الإتحاد الأوروبي، إذ أنه من أكثر الحقائق التي يستغلها الإتحاد الأوروبي في وضعها عقبة أمام تركيا، إذ أنه لا يقبل الإتحاد الأوروبي دولة بهذا المعدل من الجرائم الإنسانية ضد المرأة.
على الرغم من سنّ بعض القوانين الجديدة في القانون المدني التركي الخاص بحقوق المرأة، إلا أنه لم يتمّ تطبيقه بشكل حاسم حتى الآن، حيث يتم النظر إلى جرائم التحرش الجنسي بالمرأة الغير محافظة، المرأة الغير محجبة، بالأمر الطبيعي من قِبل العديد من الأتراك، كما يتم إنصاف الرجل في العديد من الحالات، كان آكثرها سخرية هو حكم القاضي على أحد مرتكبي جريمة الإغتصاب بالسجن ثلاثة سنوات بدلًا من الحكم عليه بالمؤبد لأنه التزم بالأناقة والنظافة داخل المحكمة وإرتدى ربطة العنق.
كان آخر ضحايا مهزلة جرائم الإغتصاب في تركيا الطالبة ” أوزجيه جان أصلان” صاحبة التسعة عشر عامًا، والتي تم محاولة إغتصابها من قِبل سائق أحد الحافلات الخاصة في مدينة مرسين التركية، بعد أن انحرف عن طريقه الأصلي ودخل بالسيارة إلى إحدى الغابات، قاومت أوزجيه جان بإستخدام رشاش الفلفل الحار وباستخدام يديها لضرب الجاني، والذي قام بطعنها عدة مرات قبل أن يضربها على رأسها بقضيب حديدي حتى ماتت، ليرمي جثتها في الغابة قبل أن يطلب المساعدة من صديقه ووالده عقب الحادث، ليقرر الثلاثة رجال حرق الجثة في الغابة وقطع كلتي يدي الضحية، وذلك خوفًا من وجود الحمض النووي DNA الخاص بالجاني على أظافر الضحية، اكتشفت الشرطة الجثة في النهاية بعد يومين من الحادث وتم إثبات وجود الحمض النووي الخاص بالجاني على أظافر الضحية حتى بعد حرقها، ولم يتم إثبات حدوث إغتصاب قبل القتل، حيث اعترف المتهم بحرق الجثة عمدًا حتى لا يتم إكتشاف حدوث إغتصاب أم لا، تم إتهام الجاني في النهاية بتهمة القتل المتوحش والشروع في إغتصاب وتهمة إخفاء الأدلة والتستر على الجريمة، لينال حكم مؤبد في السجن يزيد عليه 27 عامًا نتيجة لأحكام أخرى.
فجّرت قضية أوزجيه جان المظاهرات في أنحاء تركيا، إعتراضًا على التساهل القانوني من قِبل الدولة تجاه جرائم الإغتصاب والذي يُسهّل الأمرعلى كل من أراد القيام بتلك الجريمة، حيث لا يخاف من القانون ولا يخاف من قضاء بقية حياته في السجن، وذلك لوجود العديد من الحالات التي صرّح عنها الإعلام، والتي نالت جزاءً يقدر بثلاث إلى خمس سنوات فقط، نتيجة لتغيير في الأقوال وتدمير الأدلة.
قانون أوزجيه جان
أصبحت عريضة قانون أوزجيه جان من أهم العرائض في التاريخ التركي، حيث حصلت على 700.000 توقيع خلال 48 ساعة فقط، لتصبح ثان أهم عريضة في التاريخ التركي بتحقيقها في النهاية إلى مليون وربع المليون توقيع، والتي تنص على طلب شعبي من الحكومة التركية بإزالة الفقرة الخاصة بتخفيف العقوبات على مرتكبي الإغتصاب إن كانوا ارتكبوا الجريمة تحت تأثير الكحوليات، أو منع تخفيف العقوبة إن إلتزم المتهم بالأدب والنظافة داخل المحكمة، طالبت العريضة كذلك بزيادة الحزم في نص عقوبة زواج الاطفال، والحد من زواج المجني عليهن بالإجبار ووضع العقوبات الصارمة على كل من يجبر فتاة على الزواج من الجاني عليها.
مظاهرات في تركيا ترفع فيها النساء لافتات مكتوب عليها ” الحرية لحياة المرأة”
نشر المركز البحثي Global Policy and Strategy تقريره السنوي عن معدلات جرائم العنف ضد المرأة في العام السابق في تركيا، لتكون النتيجة 908 حادثة إعتداء عنيف على امرأة، كانت ضحيتها 1280 امرأة، بعدد 1177 من الجاني عليهن، كما ارتفعت النسبة إلى 1400 % من نسبة ضحايا قتل حوادث العنف تجاه المرأة منذ عام 2003 حتى عام 2010.ارتفعت نسبة العنف الجسدي إلى 64.6% في 2015 طبقًا للتقرير السابق، كما كانت نسبة الإعتداء الجنسي تُقدر بحوالي 30.7 % كما كانت نسبة الإعتداء النفسي والتضييق الإفتصادي على المرأة 4.5 %.
أشار التقرير إلى أسباب العنف تجاه المرأة في تركيا، فنال الإعتداء الجنسي المركز الاول من بينها بنسبة 26.5 % من معظم حوادث العنف، يليه العنف الحادث بين الأزواج بما يحمله من عنف منزلي نتيجة للخلافات الزوجية أو بسبب رغبة الزوجة في الإنفصال أو الطلاق، كما أشار التقرير إلى حوادث العنف التي يسببها رغبة الزوج أو الشريك من الإنتقام من زوجته أو شريكته بعد الإنفصال عنه، كما سجَل التقرير حالات من الإعتداءات الجنسية أو الجسدية لبعض الفتيات في بعض المناطق النائية أو الغير متدينة في بعض القرى التركية، وذلك نتيجة لرفض الفتاة الزواج من شخص معين، ذلك كله بالإضافة إلى العنف المنزلي للفتاة من قِبل الأبوين، والذي سجل نسب مرتفعة في بعض المناطق.
على الرغم من محاولات التعديل المستمرة التي تقوم بها الحكومة التركية في القانون المدني الخاص بحقوق المرأة، إلا أنه لم يتم إعتماد قانون أوزجيه جان السابق ذكره هنا قانونًا رسميًا ضمن القانون المدني التركي، ولا زالت هناك بعض التسجيلات الرسمية لزواج ضحايا الإعتداءات الجنسية، وتسجيلات غير رسمية بإجبار الأطفال على الزواج من المعتدي عليهم، والذي لم تضع الحكومة ولا المجتمع حدًا له إلى الآن.