فضيحة فساد جديدة في مصر عنوانها توريد مزيف وصفقات وهمية للقمح، استنفرت الجهود الحكومية بسببها ممثلة بالبرلمان والإدرات والهيئات ولجان تقصي الحقائق لكشف خيوط الفضيحة والفاسدين الذين يقفون ورائها.
يشتد عود الحكومة المصرية لمحاربة الفساد بعد كل فضيحة ولكن سرعان ما تخفت الهمة ويستكمل الفساد طريقه ليستشتري في معظم القطاعات والمؤسسات الاقتصادية، صحيح أنه بعد كل فضيحة فساد تطلق تصريحات رسمية لمحاربته والقضاء عليه، إلا أن المصريين أخذوا مناعة من تلك التصريحات موقنين بعدم جدواها وأن القضاء على الفساد المستشري في مصر أصبح أحد الأمراض المزمنة التي تشوه المجتمع والاقتصاد والتي يحتاج إستئصالها لعمليات معقدة ووقت طويل يطال كل الجهات المعنية.
توريد وهمي للقمح
بدأت القصة بعدما تمكنت إدارة مباحث التموين بالقليوبية من ضبط مسؤولين من شركة للصوامع لتخزين القمح في منطقة قليوب، حيث كشفت أن كمية القمح المخزن التي تم توريدها وتخزينها تبلغ قرابة 60 ألف طن حسب ما هو مسجل، وبعد فحص الصومعة من قبل المباحث تبين أن الكمية المخزنة فعليًا مقدارها قرابة 47 ألف طن وأن نسبة النقص يبلغ حوالي 12 ألف طن ما قيمته 36 ألف جنيه تقريبًا. وكشفت إدارة المباحث عن اتفاق بين مسؤولي الصوامع مع أعضاء اللجنة المشرفة عن استلام وتخزين القمح.
بعد تلك الحادثة شكل البرلمان المصري لجنة لتقصي الحقائق لزيارة الصوامع في جميع أنحاء مصر كما طلبت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب من رئيس الوزراء وقف استلام القمح وإجراء حصر لجميع الصوامع وتشكيل لجان محايدة من الرقابة الإدارية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة لحصر كميات القمح المخزنة في الصوامع وإعلان نتائجها أمام الرأي العام.
وفي أثناء زيارة اللجان للصوامع والتأكد من تطابق الكميات بدأت المصائب تظهر تباعًا لتكشف عن حجم الفساد في الصوامع وحجم الإهمال وقلة الرقابة الموجودين في وزارة التموين المصرية حيث تبين أن إحدى الصوامع التي تعاقدت معها شركات وزارة التموين ليس لها سجل تجاري أو بطاقة ضريبية وهذا يعني أن الوزارة تعاقدت مع كيان وهمي.
وقد كشفت التحقيقات الأولية في التلاعب باستلام القمح المحلي إثبات توريد كميات من القمح في الدفاتر تزيد عن تلك التي تم توريدها في الواقع وقدرت الاختلاسات الحاصلة في عمليات توريد القمح في الموسم الحالي بما يزيد عن 250 مليون جنيه، وحسب تصريحات لنواب من أعضاء اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق في مخالفات توريد القمح أن حجم الاستيلاء على المال العام في هذه القضية يقدر ب 5 مليارات جنيه في آخر عامين.
اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق: وجدت في أول زيارتين لها إلى الصوامع أن جحم الاستيلاء على المال العام بلغ 119 مليون جنيه.
ووجدت اللجنة البرلمانية في أول زيارتين لها إلى الصوامع أن حجم الاستيلاء على المال العام بلغ 119 مليون جنيه وهذا يظهر حجم الفساد المستشري في شون القمح في أنحاء الدولة. كما أظهرت البيانات الورادة من وزارة التموين والمقدمة لمجلس النواب أن هناك تلاعب في معدلات توريد القمح وعدم تطابق بين المساحة المزروعة بالقمح والكمية الموردة لدى الحكومة
كما ظهرت طريقتين للفساد في قضية صوامع القمح كما جاء في تقرير لصحيفة اليوم السابع، أولها تسجيل كميات وهمية من القمح بالصوامع واختلاس قيمتها والإفلات من تسليم الكميات الموردة للمطاحن بادعاء تلف الكميات التي تم تسجيلها بطريقة وهمية، وثاني طريقة هي خلط القمح المحلي بالقمح المستورد الذي يقل سعره من 800-1000 جنيه عن القمح المحلي المدعوم وبهذه العملية يتم الاستيلاء على الدعم الموجه للفلاحين مستغلين دعم الدولة للقمح المحلي والاستفادة من فارق السعرين.
وأمر النائب العام المصري نبيل أحمد صادق بحبس أصحاب الصوامع والشون وأعضاء اللجنة المشرفة على استلام القمح، ممن ثبت تورطهم في توريد قمح محلي واستبداله بقمح مستورد أقل جودة وأرخص سعرًا للاستفادة من فارق السعر.
ولم تكشف النيابة المصرية حتى الآن عن أسماء المتورطين في القضية مع العلم أنها ذكرت عن تورط شخصيات وأسماء كبيرة في تلك الوقائع على أن يتم الكشف عنها لاحقًا، وصدر أمر قضائي بضبط وإحضار الهاربين ممن ثبت عليهم التورط بملابشات القضية، وإدراج أسماء المتهمين على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول. كما تضمنت قرارات النائب العام منع المتهمين وزوجاتهم وأولادهم القاصرين، مؤقتًا، من التصرف في أموالهم وإدارتها، ووقف صرف أي مستحقات لأصحاب الصوامع المتورطين في هذه القضية.
اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق: حجم الاستيلاء على المال العام في مخالفات توريد القمح يقدر ب 5 مليارات جنيه في آخر عامين.
وفي وقت سابق من هذا الشهر رفضت وزارة الزراعة المصرية شحنة قمح أمريكي لاحتوائها على نسبة عالية من فطر الرجوت كما جاء في بيان للوزارة حيث وصلت نسبة الفطر إلى 0.096% علمًا أن النسبة المسموح بها يجب ألا تتجاوز 0.05% حسب المرسوم الصادر بشأن مواصفات الواردات، وهو المعيار العالمي الأكثر انتشارًا بين دول العالم.
وسبق أن رفضت مصر خلال الأشهر الماضية شحنات قمح مصابة بنسبة عالية من هذا النوع من الفطور والذي يتسبب في الإصابة بأمراض كالهلوسة في حال تناوله بكميات كبيرة.
والنتيجة أن عمليات الفساد في مصر تلقي بظلال ثقيلة على الاقتصاد المصري برمته حيث تسهم في التأثير على حجم الناتج المحلي وتبديد المال العام ونفور المستثمر الأجنبي وتأثيرها على المواطن المصري كونها تلامس لقمة الخبز اليومية.
موجة غلاء قادمة في أسعار السلع والخدمات
بحسب تقارير صحفية أفادت أن الحكومة ستقرر خلال اجتماعاتها المقبلة عدد من الملفات أبرزها زيادة أسعار الكهرباء وجميع أنواع الوقود كالسولار والبنزين وغاز الطهي، فالحكومة ترى أنه لم يعد لديها حل سوى رفع أسعار الخدمات وتخفيض الدعم وبحسب ذات المصدر فإن هذا الرفع يهدف لمواجهة تنامي عجز الموازنة العامة في ميزانيتها الجديدة للعام المالي الجديد 2016-2017 بعد وصوله إلى رقم قياسي يقدر بنحو 35.9 مليار دولار.
الحكومة ستقرر خلال اجتماعاتها المقبلة زيادة أسعار الكهرباء وجميع أنواع الوقود كالسولار والبنزين وغاز الطهي.
حيث سيتم رفع سعر شريحة الكهرباء لتوفير المال اللازم لمواجهة الأعطال وتقوية الشبكات أما بالنسبة لحاجة رفع أسعار الوقود فالحكومة تواجه صعوبات عديدة من حيث تأمين استيراد الوقود ونقص العملة الصعبة بسبب تراجع إيرادات السويس والسياحة والصادرات الوطنية.
ويخشى الكثير من الخبراء أن يؤدي رفع الدعم عن المواد الأساسية سيؤدي إلى موجة غلاء تجتاح جميع السلع الغذائية والخدمات المرتبطة بالكهرباء والوقود بما تؤثر على المواطن من ذوي الدخل المحدود وعلى الفقراء على حد سواء، وتحاول الحكومة من وراء هذه الخطوة الإيفاء بشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مع نهاية العام الحالي، إذ تقدر قيمة القرض الذي من المتوقع أن تحصل عليه مصر بين 5-6 مليار دولار.