ماذا بعد هذا الذي جرى في تركيا؟!
لعل هذا هو أهم وأكثر الأمور التي ينبغي تداولها حين نأتي لمناقشة ما جرى في تركيا في يومَيْ الخامس عشر والسادس عشر من يوليو 2016م، وهما اليومان اللذان سوف يكون لكبار الحوادث التي جرت فيهما، تأثير عميق على أيام كثيرة تالية من تاريخ تركيا والإقليم بأسره.
الغالبية العظمى من المحللين والمهتمين، وحتى من الناس العاديين من ملح الأرض الذين يسيرون في الشوارع ويجلسون على المقاهي في تركيا وفي مصر وفي غير بلدٍ عربي وإسلامي – وهم أهم وأجدر الأطراف بهذه التساؤلات – تعلق في الغالب على الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع الحدث الكبير وتبعاته.
مبدئيًّا يجب التأكيد على أن الأمر أعمق من سلوك أردوغان، وأنه يمس الدولة التركية ككل، الدولة بالمعنى السياسي والجيوسياسي والمؤسسي، أي تركيا كدولة، بمهمة المؤسسات والنظام، وكدولة ككيان قائم له حدوده السياسية المتعارف عليها.
ويبدو ذلك في بعض القرارات التي تم اتخاذها في الساعات التالية لاستعادة مؤسسات الدولة التركية لوجودها، وبدئها في التحقيق في هذا الذي جرى، حيث خرج الأمر من إطار الاعتقالات الدائرة حاليًا في أوساط قضائية وعسكرية وإعلامية، ومحاولات السيطرة على الوضع في الشارع وداخل الثكنات العسكرية.
ومن بين أهم هذه القرارات، إغلاق قاعدة “إنجرليك” الجوية في جنوب تركيا، والتي يديرها حلف شمال الأطلنطي “الناتو”، ويستخدمها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، كقاعدة انطلاق لعملياته فوق الأراضي السورية والعراقية.
كما أعلن بن علي يلدرِم رئيس الوزراء التركي، عن مطالبة بلاده للولايات المتحدة، بتسليم الزعيم السياسي المعارض لأردوغان، فتح الله جولن، والمقيم في الولايات المتحدة، مع تأكيد يلدرِم على أن أية دولة سوف تحمي جولن أو تقدم له أي دعم، سوف تكون في حالة عداء مع تركيا.
رافق ذلك تقارير إعلامية عدة تداولتها أوساط سياسية وأكاديمية وصحفية موالية لأردوغان ورافضة للانقلاب بشكل عام، تتحدث عن دور محتمل للولايات المتحدة في دعم الانقلاب.
وعزز هؤلاء حديثهم بعدد من المؤشرات، ومن بينها أنه لم تصدر أية بيانات أو حتى تصريحات أو تلميحات من بلدان الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، تؤكد على المواقف المبدأية التي يجب أو من المُفترض التأكيد عليها بشكل عام في مثل هذه اللحظات، وكما تم في الحالة المصرية نفسها، وهي رفض الانقلاب والدعوة إلى احترام المؤسسات الشرعية والمنتخبة ديمقراطيًّا، فلم يحدث ذلك إلا بعد وضوح فشل المحاولة الانقلابية.
عقب هذه الحملة الإعلامية والدبلوماسية، قالت الخارجية الأمريكية، إنها تطلب من تركيا أدلة على اتهام جولن، ثم قام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بالاتصال بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وقال له “إن الادعاءات بتورط واشنطن في الانقلاب الفاشل كاذبة تمامًا، وتضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة”.
ولو أضفنا ذلك إلى ما تردد من أرقام تُعدُّ بالآلاف حول إعفاءات واعتقالات تمت في أوساط الشرطة والقوات المسلحة والقضاء (بما فيها المحكمة الدستورية ذاتها) في تركيا، فإننا سوف نجد أنفسنا أمام مرحلة “ما بعد” بالفعل، وأنها لن تكون مرحلة سهلة على الإطلاق.
دولة المؤسسات التركية من أفشل الانقلاب!
لسنا هنا في معرض تشريح أسباب المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في اليومَيْن الماضيين، أو كيف تم التعامل معها، وأسباب فشلها باستفاضة، حيث سبقنا لذلك كثيرون، كما أن الأمر الأهم هو الإشارة إلى بعض النقاط في موضوع “كيفية التعامل” معه.
أردوغان في أول ظهور إعلامي له بعد المحاولة الانقلابية تعهد بمحاسبة “كل المتورطين”
وتبرز هذه النقاط أهمية مصطلح “دولة المؤسسات”، وكيف أنها العاصم الأكبر أمام أية محاولات للفوضى، وكيف لعبت سياسات أردوغان طيلة الفترة التي تولى فيها السلطة، أعظم الأدوار في التدافع ضد واقع ظل قائمًا في هذا البلد ما يقرب من تسعين عامًا.
ومبعث ذلك الكلام، أنه أمام الصورة الإعلامية التي احتلها أردوغان، نجد الكثير من القصور في توصيف كيف تم إفشال المحاولة الانقلابية، حيث الجانب العاطفي هو الطاغي على الأمر، في ظل شعبية أردوغان واستحواذه على الصورة، لكن الأمر أهم وأعمق من ذلك بالفعل.
فالتعامل مع الأزمة، شمل الدولة التركية بالكامل وليس أردوغان فحسب حتى وإن تصدر الصورة، حيث اختص أردوغان بالإطار الإعلامي التعبوي مع الشارع، استغلالاً لشعبيته، بينما كان التعامل التنفيذي مع الأزمة من اختصاص الحكومة والوزارات المعنية والمسؤولين المعنيين بالأمر، بالإضافة إلى دوره هو بطبيعة الحال كرئيس للدولة.
وعلى رأس هؤلاء شخصان، الأول هو رئيس الحكومة بن علي يلدرِم، ومدير هيئة المخابرات القومية هاكان فيدان، بالإضافة إلى رئيس هيئة الأركان التركية بالوكالة أوميت دوندار، ووزير الداخلية أفكان ألا.
وأهمية الأول والثاني معروفة، باعتبار أن الأول هو صاحب المنصب التنفيذي الأول في البلاد، والثاني هو الذي قام بإدارة القوات التي توالي أردوغان – ولاؤها لأردوغان بالتحديد وليس كرئيس للدولة – بما فيها القوات الخاصة التابعة للمخابرات التركية.
أما وزير الداخلية، فهو الذي قاد القوات الخاصة التابعة للوزارة، وعديدها مائة ألف جندي على قدر كبير من التأهيل – نسبتها إلى قوات الجيش النظامي التركي، حوالي 20% -، للسيطرة على العناصر المنفلتة من القوات المسلحة التركية، وساعده على ذلك قلة عدد هؤلاء، وحُسن تدريب الشرطة التركية بشكل عام.
أما أهمية دور رئيس الأركان بالوكالة، فقد كانت في نقطة حساسة للغاية، وهي معرفة حقيقة الوضع داخل القوات المسلحة التركية في مختلف مناطق تمركزها وقواعدها، واستعادة السيطرة عليها.
فرئيس الأركان هو أعلى سلطة عسكرية في أي بلد في العالم، حتى ولو كان وزير الدفاع عسكريًّا كما هو الحال في تركيا، فرئيس الأركان هو صاحب القرار الأول في تحريك القوات والقطع العسكرية، مهما كان عددها، ولو كان جنديًّا واحدًا، ولو كانت مدرعة واحدة.
وفي ظل غياب رئيس الأركان الأصلي الجنرال خلوصي أقار، الذي احتجزه الانقلابيون في مقر القيادة العامة مع قيادات أخرى، كان دوندار هو المنوط به إصدار أهم قرار في الأزمة، وهو عودة الجنود والقطع العسكرية إلى ثكناتها، ومتابعة مدى استجابة العناصر الانقلابية لذلك، واتخاذ القرار النهائي في التعامل مع الجنود والضباط الرافضين للقرار، بالإضافة إلى متابعة الوضع في القواعد العسكرية والنقاط المختلفة التابعة للقوات المسلحة التركية، في مختلف أنحاء البلاد وحتى خارجها، ومعرفة موقفها.
وهو ما تم بالفعل، حيث إنه أصدر أوامره للمقاتلات التركية بالتعامل مع المروحيات التي استولى عليها الانقلابيون، وقصفوا بها مقار الدولة السيادية المختلفة، مثل مقر البرلمان، ومقر التليفزيون الرسمي، ومقر هيئة المخابرات القومية التي كانوا يعلمون تمامًا أنها أهم طرف في دولة أردوغان.
تكاتفت أجهزة الدولة التركية، وكان من الواضح – بالرغم من الفشل في التنبؤ مبكرًا بالمحاولة بالرغم من أن مؤشراتها كانت بادية للعيان – أنها بالفعل دولة مؤسسات، وهناك قدر كبير من التفاهم بين أطرافها مكنهم من العمل بهذه الصورة من التنسيق بالرغم من تباعد أطراف الدولة بهم بسبب ظروف الانقلاب.
هذه ربما أهم الملاحظات الواجب التأكيد عليها فيما يتعلق بجزئية التعامل مع المحاولة الانقلابية، ولئن كان لها دلالات، فإن أهمها أن أردوغان قد نجح طيلة ما يقرب من عقد ونيف من الزمان في تأسيس دولة حقيقية تدين له بالولاء، بما في ذلك حتى استيعاب تجربة القوة التنفيذية الخاصة التي شكلتها حركة “حماس” في قطاع غزة، للرد على تقاعس الشرطة النظامية في حفظ الأمن، لإفشال تجربة “حماس” في الحكم بعد فوزها في انتخابات المجلس التشريعي الثانية، في يناير 2006م، ولكن تنفيذها بحرفية أكبر.
قبضاي حي “قاسم باشا”!
“أنا قبضاي من حي قاسم باشا في إسطنبول”، هذه حقيقة لا ينكرها أردوغان، وما فتئ يؤكد عليها، ولئن كان لهذه العبارة دلالة رئيسية، فتبقى أنها رسالة إلى خصومه بأنه قد تربى على ثقافة الإيجابية، والتصدي للمشاكل وأخذ الحقوق بيده.
وكان ذلك واضحًا بالأمس، حيث بدأ مرحلة “ما بعد” في الشقَّيْن الداخلي والخارجي، بما في ذلك تصفية الحسابات مع خصومه، مبكرًا من خلال الأذرع التنفيذية التي تدين له بالولاء، ولاسيما الأمنية والعسكرية، وقواعده الجماهيرية، حتى من قبل انتهاء المحاولة الانقلابية بشكل كامل، كما أنه أصر على العودة إلى مطار إسطنبول بينما دبابات الانقلابيين لا تزال في الشوارع!
وبالرغم من كل ما أشرنا إليه حول “دولة المؤسسات”، فإن النجاح المتحقق بالأمس، لم يتحقق بسبب ذلك وحده، وإنما بسبب منظومة من السياسات التي تبناها أردوغان منذ أن تولى الحكم، مع إدراكه الكامل أن التحدي الأكبر لاستمراره هو تحييد الجيش التركي.
ومن نافلة القول في هذا الإطار، أن نذكر إنجازاته في المجال الاقتصادي والتنموي، قد صنعت له ظهيرًا شعبويًا غير منتمٍ سياسيًّا أو حزبيًا، ولكن ليس هذا فحسب ما قام به “قبضاي حي قاسم”.
أهم ما قام به أردوغان، هو سعيه إلى كسر احتكار الجيش للسلاح، ولكن من دون التورط في فكرة تأسيس ميليشيا حزبية تستفز الدولة التركية المتجذرة بمؤسساتها.
فكان أن قام بالموافقة على إنشاء شركات أمن خاصة تدين له بالولاء، قبل أن يسن قانونًا يسمح لعناصر هذه الشركات بالالتحاق بالشرطة النظامية، بعد دورة تدريبية قصيرة.
وأصبحت عناصر هذه الشركات، جزءًا مهمًّا من قوات الشرطة، ولاسيما بعد أن تم ضم قوات الدرك أو “الجندرمة”، إلى وزارة الداخلية، وفصلها عن هيئة الأركان العامة للجيش التركي.
وكان تحريك الشارع بالأمس، جزءًا مهمًّا من تخطيط مسبق، لعلم أي صانع قرار في أية دولة، بأن الرادع الأكبر أمام أي جيش للانقلاب، هو الحشود البشرية الضخمة.
ماذا بعد؟!
بهذه العقلية لن يغفر أردوغان لخصومه في الداخل، وسيصل معهم إلى آخر الشوط، وهو أمر ليس بحاجة إلى توضيح، فالاعتقالات والإعفاءات ناهزت الستة آلاف موظف عام!
كما أنه لن ينسى أن السفارة الأمريكية في أنقرة، وصفت الانقلاب في ساعاته الأولى بأنه “انتفاضة”، وامتنعت عن التعليق، كما أن الولايات المتحدة تستضيف أهم خصومه، فتح الله جولن، والذي يتهمه الأتراك بأنه خلف المحاولة الانقلابية التي جرت الأيام الماضية.
ويبدو أن الفترة القادمة بينه وبين الأمريكيين بالذات، سوف تكون تصفيةً لحسابات كثيرة، وأهمها أن أردوغان لن ينسى للأمريكيين أنهم هم مَن خلقوا له أسوأ كوابيسه، وهو ملف الأكراد، بدعمهم لأكراد سوريا المقربين من حزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي.
ويبدو أن التفويض الشعبي الذي حصل عليه أردوغان، والكارثة التي كاد أن يتسبب بها الانقلاب للدولة، حيث إنه لولا موقف المعارضة العلمانية والقومية الرافض للانقلاب، وعدم وجود القسم الأكبر من الجيش التركي فيه، لكانت حربًا أهلية صريحة في تركيا، بعد دعوة أردوغان ويلدرِم للجماهير بالنزول إلى الشارع، وتعهد يلدرِم باستعادة زمام الأمور، حتى ولو تطلب الأمر القتل، كما قال على حسابه على موقع “تويتر”، كل ذلك يبدو أنه سوف يدعم أردوغان في تبني سياسات أكثر اقتحامًا وتصادمية.
فأردوغان الضعيف الذي اضطر اضطرارًا للاعتذار إلى الروس، ومصالحة إسرائيل حتى على حساب ثوابت عديدة تشدد فيها، خلال السنوات الماضية، وأرسل مندوبيه إلى إيران لمحادثة ممثلين عن النظام السوري، قد اختفى الآن.
فعلى سبيل المثال، فإنه سوف يتراجع بالتأكيد عن أية أفكار لتطبيع العلاقات مع مصر أو مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقد يعود إلى تشدده السابق مع إسرائيل في أول فرصة، على الأقل لمعاقبة الأمريكيين على ما صنعوه معه.
وهو ما يقول بأن تطورات الداخل التركي سوف يكون لها انعكاساتها على الشرق الأوسط بالكامل.
ولكن السؤال المهم ها هنا، هو: هل أردوغان قادر على المضي قُدُمًا إلى نهاية الشوط؟! الإجابة هي كلا، فربما كانت الأمور في الأيام الأولى، مدفوعة بحماسة الروح التي اكتسبها من الشارع التركي، وصعود الخطاب الوطني، في ظل كارثة محققة كادت أن تحدِق بالبلاد، إلا أن اعتبارات موضوعية، سوف يكون الرئيس التركي مجبرًا على الاستجابة لها بعد ذلك.
الاعتبار الأول، داخلي، حيث يقف أردوغان الآن أمام أزمة كبرى وطاحنة في مؤسسات الدولة، وانقسام واضح في الجيش التركي المتذمر أساسًا من سياساته، ومن الواضح أن الانقسام كبيرًا، وليس هينًا، فالمجموعة الانقلابية كانت كبيرة الحجم نسبيًّا وموزعة على كل أسلحة الجيش التركي، وما قامت به تجاه مؤسسات الدولة، لم تكن لتفعله حتى قوة احتلال!
كما أن ما حدث له بواعثه الموضوعية التي تتعلق بسياسات أردوغان ذاته، وسبق لنا في هذا الموضع أن أشرنا إلى أن هناك مؤشرات على انقلاب قادم في تركيا بسبب أثر سياسات أردوغان على الأمن القومي التركي.
ولو نظرنا إلى عدد المعتقلين ومن تم إقصاؤهم، سنجد أنفسنا أمام أعداد ضخمة للغاية في المؤسسة القضائية، وفي الرتب الأكبر والوسيطة في الجيش التركي، وحتى داخل الشرطة نفسها، والتي هي محسوبة عليه، كان هناك متورطين في الانقلاب.
ويمكن القول أن الروح الانقلابية قائمة في الغالبية العامة من مؤسسات الدولة، بسبب حجم الكيان الموازي كما يسمَّى في تركيا، وأن النظام محميٌّ بواسطة قوى أخرى أكثر فاعلية، أهمها الظهير الشعبي غير المؤطر حزبيًّا.
الاعتبار الثاني، اقتصادي، فمهما قيل من عبارات حماسية ودُبِجَ من خطابات، فإن ما يجري في تركيا منذ يوليو 2015م، عندما وقع تفجير سوروج، وإعلان حزب العمال الكردستاني انتهاء الهدنة بينه وبين الحكومة التركية، وما تلا ذلك من تفجيرات وحروب طاحنة في مدن تركية رئيسية، أثر على الاقتصاد التركي كثيرًا، حيث تراجعت السياحة بنحو ثلاثين%، مع تراجع قطاع الصادرات على خلفية الأزمة مع روسيا ودول الإقليم، مما أثر على قيمة الليرة التركية.
وكان هجوم مطار أتاتورك إسطنبول في يونيو الماضي، ثم الأحداث الأخيرة التي راح ضحيتها حوالي 300 مواطن تركي في ليلة واحدة، تم فيها قصف مطارات تركيا وغلقها، سوف يكون له أبلغ الأثر على الاقتصاد التركي.
كما أن ذلك كله سوف يكون دافعًا إلى مراجعات داخلية واسعة في مؤسسات الدولة وفي حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي تهدد سياسات أردوغان تجربته بأكملها، وربما يكون جزءًا من الثمن، التراجع عن مشروع تحويل تركيا إلى دولة رئاسية لتهدأة الرأي العام الذي سيبدأ في فحص الموقف، وربما قادت المعارضة حملة ضد أردوغان وحزبه، باعتبار أن ما جرى تتحمل سياسات رسمية ما “أيًّا كانت”، مسؤوليته بدرجة أو بأخرى.
الاعتبار الثالث خارجي؛ حيث لن يكون بمقدور تركيا الاستمرار في تحدي الولايات المتحدة في موضوع جولن، أو الاستمرار في اتهام واشنطن بدعم محاولة الانقلاب الأخيرة، وربما لو أصرت الحكومة التركية على مواقفها، لكان ذلك دعمًا إضافيًّا لخصوم أردوغان في الداخل، للتشهير به وبحزبه، وقد يصل الأمر إلى الدعوة لانتخابات مبكرة.
ويبقى التأكيد على أنه، وبشكل عام، فإن الصورة لا تزال بعد ملتبَسَة، وقد تستمر حالة عدم وضوح الرؤية حول ما جرى وأسبابه ومن يقف خلفه، لفترة طويلة، حيث إنه من غير الممكن في أوقات الفوضى والأزمات الوصول إلى الحقيقة الكاملة!