مع الساعات الأولى لمحاولة الانقلاب، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتابع الأحداث باهتمام، ظهر ذلك من خلال التغطية عبر وسائل الإعلام المختلفة: الراديو، والتلفزيون الإسرائيلي بقناتيه الأولى والثانية، والصحف المطبوعة وكذلك المواقع الإخبارية.
اهتمام الإعلام الإسرائيلي بما يحدث في تركيا ليس صدفة، إذ إن تركيا دولة لها مركزها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ودخول تركيا في أزمة في هذا الوقت بالذات، له انعكاسات خطيرة على الشرق الأوسط ككل، حيث أشار موقع “والا” إلى أن الاتفاق الأخير ما بين إسرائيل وتركيا ما زال مستقرًا رغم محاولة الانقلاب وذلك لما للطرفين من مصلحة في تبادل العلاقات بين الدولتين، وأنه وبحسب مصدر في الحكومة الإسرائيلية: “فإن إسرائيل لا علاقة لها بالشؤون الداخلية لتركيا”.
قام موقع “واينت” بتحديث أخباره منذ الساعة الأولى للانقلاب، إلا أن الأخبار ونبرتها تبدلت وتغيرت مع مرور كل ساعة، فالخط العام للأخبار والآراء التي نشرت، تنتقد سياسة رجب طيب أردوغان، وتتهمه بأسلمة تركيا وإبعاد تركيا عن العلمنة، ففي أحد تقارير الصحيفة وصف أحد قادة الانقلاب الفاشل في تركيا أكين أوزتورك بأنه تحول من “قائد في سلاح الجو، إلى عدو الأمة”، وبالإضافة إلى ذلك تحدث الموقع عن خلفية أوزتورك العسكرية، والذي بدأ خدمته العسكرية في أكاديمية سلاح الجو التركي، وكان أيضًا رئيس الملحقية العسكرية للسفارة التركية في إسرائيل ما بين الأعوام 1996 حتى 1998، بالإضافة إلى ذلك فإن أوزتورك نال ميداليات تقدير من حلف الناتو تقديرًا لدوره العسكري، ووصف الموقع في التقرير الجيش التركي بأنه حامي “العلمانية التركية” وبأن حكم أردوغان استغل السلطة لزج الدين في الفضاء العام، لتقوية حزبه من جهة وللحفاظ على منصبه في السلطة من جهة أخرى.
من بين قادة الجيش المنقلبين، كان أوزتورك الأكثر ذكرًا في الإعلام الإسرائيلي، هذه الصورة له مع عمرام متسناع الرئيس الصهيوني لمدينة حيفا في ذلك الوقت، وقد تم التقاط الصورة أثناء تدريب عسكري مشترك أجرته كل من إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة في البحر الأبيض المتوسط.
ذكر الإعلام الإسرائيلي أيضًا “غولن”، وأطلقت عليه القناة الثانية الإسرائيلية لقب “القائد الروحي للانقلاب ومعارض سفينة مرمرة”، بالإضافة إلى ذلك تم وصف غولن في تقرير القناة الثانية بأنه مهدد للعلمانية بسبب أفكاره التي تميل إلى التدين ونشر التعاليم الدينية، وبحسب نفس المصدر، تقول القناة: “بعد أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، تم تبرئة غولن، الذي اعتبره الكثيرون القائد الروحي للحزب، من التهم التي وُجهت إليه، وعلى الرغم من أن أفكاره تعتبر ليبرالية بالمعنى الغربي، إلا أنها تهدد العلمانية الكمالية بحسب الأتراك”.
إحدى النقاط الأساسية التي تحدثت عنها القناة الثانية أيضًا، هي رأي الولايات المتحدة وألمانيا بما يحدث في تركيا، واستنكار الدولتين ما جرى في تركيا ودعمهما لأردوغان، اعتمدت القناة في أخبارها على نقل ما يحدث في تركيا من خلال القنوات الآتية: سكاي نيوز، وإن. بي. سي، والجزيرة وكذلك رويتر، وقالت القناة بأن الحكومة الإسرائيلية تتابع عن كثب ما يحدث في تركيا، وأن المخابرات الإسرائيلية، الموساد، ووزارة الخارجية على تواصل للبحث في حيثيات ما يجري والتخطيط على صعيد دولي لما سيجري، كما ونقلت القناة تحذيرات للإسرائيليين المتواجدين في تركيا من وزارة الخارجية تدعوهم للبقاء في منازلهم وفنادقهم، وعدم الخروج للشوارع.
وبحسب القناة فإن أحد أسباب فشل الانقلاب هو أن عدد المواطنين الأتراك يفوق بكثير عدد أفراد الجيش، مما يجعل القوة بيد الشعب لا الجيش، بالإضافة إلى ذلك تقول القناة بأن “الانقلاب لا يحدث عبر طائرات وتفجيرات من الهواء، طالما أنك تريد أن تطيح بقائد لم تقم باحتجازه، أما موقع “والا” فقد أشار إلى أن أحد أسباب الانقلاب هو ثغرات أمنية في أجهزة المخابرات في تركيا.
مصادر إعلامية إسرائيلية كما مصادر أمريكية، عبرت عن قلقها من أن يكون الانقلاب خطوة يستغلها رجب طيب أردوغان لتوزيع نفوذه وسن قوانين تعطيه صلاحيات أكبر، إذ نقل موقع واينيت عن مراسله في إسطنبول يوئاف زيتون بأن الأصوات المعارضة لأردوغان في تركيا تقول: “فشل الانقلاب هو الطريق للديكتاتورية وذلك يظهر من رد الشعب العنيف تجاه أفراد الجيش”، كما نشرت الصحيفة أن فشل الانقلاب هو “انتصار لأردوغان”، ويكمل المراسل التقرير ليظهر تعاطفه مع أفراد الجيش بنشر صور تحت عنوان “يهينون الجنود الذين قاموا بمحاولة الانقلاب بعد اعتقالهم”، كما وصف موقع واينيت معارضي الانقلاب بأنهم من داعمي أردوغان عامة، ووصفت دعوة المساجد للناس الخروج للشوارع بأنها “دعوة للجهاد”.
نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية مظاهر الاحتفال بفشل الانقلاب، إلا أنها وسط ذلك، أبدت حذرها من خطاب أردوغان تجاه الولايات المتحدة بسبب عدم تعاونها باحتجاز غولن، بالرغم من نشر صحيفة هآرتس أن جون كيري أعرب عن استعدادهم للتعاون مع تركيا بطرق شرعية، وأضاف موقع “والا” الإسرائيلي أن أردوغان يطلب التعاون من أوباما كون تركيا تتعاون مع الولايات المتحدة فيما يخص محاربة الإرهاب.
كما نقلت صحيفة هآرتس: أنه وفي والوقت الذي تمت فيه محاولة الانقلاب، كان هناك محتفلين في كل من دمشق والقاهرة، بالوقت الذي يقع كل منهم تحت حكم العسكر.
هذه المعطيات تشير إلى تعامل الإعلام الإسرائيلي بحذر مع ما جرى في تركيا، وقد يفسر ذلك بسبب غموض ما حدث في الساعات الأولى أو عدم وضوح الموقف الرسمي الإسرائيلي مما يجري، يمكن تلخيص الخط العام للإعلام الإسرائيلي إذًا بعدم صرامة الموقف ضد الانقلاب، وذلك لتحذيره من مخاوف استغلال أردوغان ما حدث لصالحه الشخصي.