ربما تعد أحد أكبر خسائر نظام العدالة والتنمية في هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة، خسارة الرجل الذي صنع الوجه الإعلامي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بشكل عام، وصورة رئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان منذ أن داخل إلى مجال السياسة.
إنه إيرول أولتشاك (53 عامًا) الذي وجد مقتولًا هو وابنه عبدالله (16 عامًا) في محيط جسر البوسفور في مدينة إسطنبول صبيحة ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، حيث تعرض إيرول وابنه إلى إطلاق نار أثناء تواجده في محيط الجسر برفقة ابنه ليفقدا حياتهما فورًا، وينقلا لمستشفى الطب العدلي في إسطنبول.
بكى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولم يتمالك نفسه أثناء تشييع جنازة الأب صديقه القديم وابنه صغير السن دفاعًا عن شرعيته التي لطالما حاول الترويج لها خلال حياته من خلال مجهوده الإعلامي الضخم الذي استفاد منه أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.
فمن هو إيرول أولتشاك الذي بكاه أردوغان؟
يعد أولتشاك المدير الأول لأكثر من 14 سنة لصورة حزب العدالة والتنمية الإعلامية والدعائية عبر فرقه المتخصصة ووكالاته الإعلانية، بداية من لحظات ميلاد الحزب وتأسيسه على يد صديقه رجب طيب أردوغان إلى لحظات المجد الذي تلت التأسيس ونجاحات الحزب المختلفة.
فقد صمم الرجل بنفسه شعار الحزب “المصباح البرتقالي” واختار ألوانه، وأدار كافة الحملات الانتخابية للحزب التشريعية والمحلية وغيرها، حتى انتخابات رئاسة أردوغان الأخيرة، حيث عمل كمستشار للحزب، وكذلك لأردوغان شخصيًا.
تعود صداقة إيرول أولتشاك (مواليد عام 1963) وخريج كلية الفنون بجامعة اسطنبول بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ما قبل العدالة والتنمية، حيث دخل أولتشاك إلى عالم السياسة عبر وكالة “آرتر” للإعلان التي أسسها للعمل في حملات مرشحي الانتخابات والترويج للأحزاب بشكل عام.
تعرف على أردوغان منذ ذلك الوقت حينما كان يشغل رئيس بلدية اسطنبول، حيث انتقل بعدهل للعمل في قسم الدعاية والترويج التابع للبلدية، بعد انقلاب 1997 الناعم على حكومة نجم الدين أربكان، برزت فكرة تأسيس حزب جديد لدى رجب طيب أردوغان ورفاقه، ولم يتردد أردوغان في عرض الأمر على أولتشاك الذي وافق على الفور أن يكون مؤسس النواة الإعلامية الأولى لحزب العدالة والتنمية.
وبحسب متخصصين ومتابعين للشأن التركي؛ فإن أولتشاك أصبح بعد ذلك هو صانع صورة أردوغان التي رآها العالم منذ أن كان واليًا لإسطنبول وصولا لكرسي الرئاسة في قصر تشانكايا مرورًا بسنوات رئاسة الوزراء.
وعلى صعيد الجانب الفني لرجال الدعاية والإعلان في تركيا كان أولتشاك معروفًا لدى الأتراك بمهمته التي صنع من خلالها الصورة الذهنية لرجب طيب أردوغان كزعيم وقائد، فكان يحدد متى يظهر وكيف يظهر، حيث كان يضعه بعبقرية نادرة في سياق الأحداث بشكل يعظّم من صورته، فيستدعيه في إعلانات الحملات تارة بصوته فقط وتارة بصورته وتارة بشخصه.
وبعد أن قضى أولتشاك حياته في صناعة الصورة الإعلامية لحزب العدالة والتنمية وكذلك لرئيس أردوغان، قتل دفاعًا عنهما على أيدي عناصر المحاولة الانقلابية الفاشلة، وهذا ربما أحد الأسباب التي تفسر التأثر الكبير الذي بدى على رجب طيب أردوغان أثناء تشييعه جنازة رفيق دربه وابنه.