أشارت دراسة جديدة إلى أن زيادة الوقت الذي تقضيه على الإنترنت يجعلك أكثر عرضةً للإصابة بالزكام، بحسب ما توصل إليه علماء من جامعتي سوانزي البريطانية وميلان الإيطالية، إذ وجدوا أن الاستخدام المفرط للإنترنت يدمّر الجهاز المناعي.
وأشار الباحثون إلى أن من يقضون وقتًا أطول في تصفّح الإنترنت هم أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد من غيرهم ممّن يستخدمون الإنترنت لوقتٍ محدود، بحسب صحيفة Daily Mail البريطانية.
وشارك في الدراسة 500 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و101 عام، فيما اعترف 40% منهم بأنهم يدمنون الإنترنت بطريقة أو بأخرى، فيما كان هؤلاء أكثر عرضةً للإصابة بأعراض البرد والإنفلوانزا من الأشخاص الأقل تعلقًا بالإنترنت بنسبة تبلغ 30%.
بداية الظاهرة
تشير الأبحاث أن أول من وضع مصطلح “إدمان الإنترنت” Internet Addiction، هي عالمة النفس الأمريكية كيمبرلي يونغ Kimberly Young، التي تعد من أول أطباء النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في الولايات المتحدة منذ عام 1994، وتعرف يونغ إدمان الإنترنت بأنه استخدام الإنترنت أكثر من 38 ساعة أسبوعيًا.
كما أنها قامت عام 1999 بتأسيس وإدارة مركز “الإدمان على الإنترنت” Center for Online Addiction لبحث وعلاج هذه الظاهرة، وقد أصدرت كتابين حول هذه الظاهرة هما “الوقوع في قبضة الإنترنت” Caught in the Net، و”التورط في الشبكة” Tangled in the Web.
وكانت يونغ قد قامت في التسعينات بأول دراسة موثقة عن إدمان الإنترنت، شملت حوالي 500 مستخدم للإنترنت، تركزت حول سلوكهم أثناء تصفحهم شبكة الإنترنت، حيث أجاب المشاركون في الدراسة بنعم على السؤال الذي وجه لهم وهو: عندما تتوقف عن استخدام الإنترنت، هل تعاني من أعراض الانقطاع كالاكتئاب والقلق وسوء المزاج؟
وقد جاء في نتائج هذه الدراسة أن المشمولين في الدراسة قضوا على الأقل 38 ساعة أسبوعيًا على الإنترنت، مقارنة بحوالي خمس ساعات فقط أسبوعيًا لغير المدمنين، كما أشارت الدراسة أن من يمكن وصفهم بمدمني الإنترنت، لم يتصفحوا في الإنترنت من أجل الحصول على معلومات مفيدة لهم في أعمالهم أو دراساتهم ، وإنما من أجل الاتصال مع الآخرين والدردشة معهم عبر الإنترنت.
وشهدت السنوات الأخيرة بعض الحالات الخطيرة للإفراط الشديد في استخدام الألعاب، منها في كوريا الجنوبية التي تتمتع فيها ألعاب الفيديو بشعبية واسعة، ففي عام 2010 أهمل زوجان إطعام رضيعتهما بسبب إدمانها اللعب واندماجهما في عالم افتراضي على الإنترنت فتوفيت جوعًا، وفي عام 2004 قتل رجل صيني زميله الذي سرق سيفه الافتراضي في إحدى الألعاب كنموذج على الاندماج والاهتمام المبالغ بالألعاب، بجانب حالات أخرى لإهمال الدراسة والعلاقات الاجتماعية بسبب الإفراط في اللعب.
صحتك والإنترنت
يؤثر إدمان الإنترنت على صحتنا بشكل كبير، ويتميز المدمنون بالقلق ويعانون من التوتر النفسي، عندما لا يتمكنون من الدخول إلى الشبكة، ولكن عند تمكن الشخص من الدخول إلى الشبكة يشعر بالراحة، وهذا وفق رأي الخبراء يسبب تغيرًا واضحًا في مستوى هرمون الكرتيزول في الجسم، هذا الهرمون يحدد بدرجة كبيرة حالة منظومة المناعة للجسم.
إضافة لهذا، أن مدمني الإنترنت نادرًا ما يتصلون بصورة حية ويلتقون بأصدقائهم والناس الآخرين، وهذا يحميهم من تأثير الميكروبات من جانب، ولكن من جانب آخر تضعف لديهم جدًا منظومة المناعة، كما أنهم لا ينامون جيدًا ويدخنون كثيرًا ولا يمارسون الرياضة.
كل هذه الأمور تؤدي إلى اضطرابات في عمل القلب، قد تسبب الجلطة الدماغية أو السكتة القلبية، بالإضافة إلى أمراض العيون بسبب التركيز الدائم على الشاشة والتعرّض للذبذبات المنتشرة.
كما تسبب أمراض العمود الفقري والمفاصل، بسبب الجلوس الطويل بشكل غير سليم، وزيادة الوزن من جرّاء تناول المأكولات غير الصحية والوجبات السريعة أثناء الانشغال بالإنترنت.
وتفقد المراهق بشكلٍ مستمر لكل المستجدات في حسابه الخاص، ومشاركاته المتكررة وانتظاره للردود، كل ذلك يجعله يقضي أوقاتًا طويلة أمام الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، وقد بينت الدراسات العلمية أن ذلك من شأنه أن يشجّع المراهق على العزلة ، وأن يؤثر على علاقته بأفراد أسرته، الأمر الذي يؤدي به في أحوالٍ كثيرة إلى القلق والاكتئاب.
أثبتت الدراسات العلمية أن دماغ المراهق المدمن على الإنترنت يظل في حالة تأهب قصوى، فيقوم عندئذٍ بإبراز هرمون يسمّى بالكورتيزول بشكلٍ مفرط، الأمر الذي يرتد سلبًا على سلامة أعصابه.
وقد كشفت دراسة طبية حديثة، أجراها باحثون أمريكيون من جامعة بوسطن، أن قلّة النوم تلعب دورًا أساسيًا في خفض معدلات النجاح المدرسي كما والجامعي، ويعتقد الباحثون في هذا الإطار، أن معدل انتشار أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة في غرف نوم الأبناء والبنات هي المسبب الأول لهذه الظاهرة، فهؤلاء يبقون في حالة استيقاظ دائمة لمتابعة كل جديد.
قنبلة صحية موقوتة
هواتف ذكية
كشفت دراسات أمريكية نشرت في مواقع طبية متعددة أخيرًا أن الوميض الناتج من المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحرّكة الموجودة في ألعاب الأجهزة اللوحية والمحمولة، يتسبّب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، محذرين من الاستخدام المستمر والمتزايد لألعاب الكمبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال، لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع.
وأشارت دراسات إلى أن الإدمان المرضي على ألعاب الفيديو قد يسبب اضطرابات في النوم وفشلًا على صعيد الحياة الخاصة أو الدراسة، وكسلًا وخمولًا وعزلة اجتماعية لدى الأطفال، إضافة إلى التوتر الاجتماعي وفقدان المقدرة على التفكير الحر وانحسار العزيمة والإرادة لدى الفرد.
وجاء في دراسة أنجزها باحثون في جامعة “ساني” لطب العيون في نيويورك، أن الأشخاص الذين يقرأون الرسائل ويتصفحون الإنترنت على هواتفهم النقالة يميلون إلى تقريب الأجهزة من أعينهم أكثر من الكتب والصحف، ما يجبر العين على العمل في شكل متعب أكثر من العادة.
وأكد الباحث مارك روزنفيلد المسؤول عن الدراسة، أن “حقيقة حمل الأشخاص للأجهزة بمسافة قريبة من العين يجعلها تعمل في شكل متعب أكثر للتركيز على الأشياء المكتوبة”.
أما نوعية الألعاب التي يزاولها الأطفال فتختلف بين ألعاب الصراعات والحروب والذكاء والتركيب وغيرها، وذكرت أبحاث علمية أنه على رغم الفوائد التي تتضمنها بعض الألعاب، تبقى سلبياتها أكثر من إيجابياتها لأن معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين ذات مضامين سلبية ولها آثار عكسية جدًا فيهم، خصوصًا في مستوى الصحة.
وحذّر خبراء جامعة ساني من أن تعوّد الأطفال على استخدام أجهزة الكمبيوتر والإدمان عليها في الدراسة واللعب، ربما يعرّضهم إلى أخطار وإصابات قد تنتهي بإعاقات أبرزها إصابات الرقبة والظهر.
وذكرت أبحاث نشرتها الأكاديمية أن الشباب يواجهون “قنبلة صحية موقوتة” فيما يتعلّق بآلام الرقبة والظهر المرتبطة باستخدام أجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو والهواتف الذكية.
وعمومًا، لا يوصي الخبراء بمنع أجهزة الآيباد تمامًا عن الطفل، بل بتحديد أوقات استخدامها مع مراقبة المحتوى الذي يصل إليه الطفل عبرها.
وتختلف الآراء بين من يُحمّل اللاعبين أنفسهم مسؤولية تنظيم وقتهم وممارسة ألعاب الفيديو باعتدال، ومن يتهم الشركات المنتجة باعتمادها على أساليب لتصميم الألعاب تجعل منها منتجات قابلة للإدمان لدى بعض اللاعبين، وبالتالي عليها أن تبذل مزيدًا من الجهد لحماية اللاعبين من خطر الإدمان.
ومن ذلك دراسة بريطانية حديثة حثت الشركات على إعادة النظر في بنية الألعاب ووضع ضوابط بهدف منع اللاعبين من إدمانها، ولتتجنب التدخل الحكومي بفرض قيود على استخدام الألعاب، كما هو الحال في بعض الدول الآسيوية، فعلى سبيل المثال وضعت الصين حدودًا على ممارسة ألعاب الإنترنت، منها تحديد وقت اللعب فبعد قضاء اللاعب لثلاث ساعات دون حصوله على فترة للراحة تنخفض القدرات المتاحة للشخصيات التي يلعب بها.
إدمان ومخاطر الهواتف الذكية
صورة تعبيرية
لم يقتصر الإدمان على الإنترنت والألعاب الإلكترونية فحسب بل انتقل للهواتف الذكية، فقد أظهرت دراسة عالمية حديثة أن 60% من سيدات العالم لا يستطعن الاستغناء عن هواتفهن الذكية، في الوقت الذي يعتبرن أن أجهزتهن الذكية أهم مقتنياتهن، مقابل 43% من الرجال الذين أكدوا أيضًا عدم تمكنهم من فك ارتباطهم بالأجهزة الذكية.
وبينت دراسة حديثة أجرتها وكالة “نيونانس للإعلام” والتسويق الرقمي، أن السيدات أكثر ارتباطًا وإدمانًا لهواتفهن الذكية من الرجال، حيث تجد النساء في الهاتف المحمول وسيلة حيوية لتمرير الوقت الذي تعاني من طوله ورتابته، خاصة بالنسبة لربة المنزل، إضافة للانشغال بمتاعب الحياة وعدم القدرة على التواصل مع الأهل والأصدقاء بشكل دائم، مما يجعل من برامج وتطبيقات الهواتف الذكية وسيلة سهلة تساعد على التواصل بشكل دائم مع الآخرين.
ويقول الباحثون بأن مدمني الهواتف الذكية، وخاصة المدمنين على استخدام شبكات وبرامج التواصل الاجتماعي يجدون فيها “واقعًا بديل”، حيث إن الشخص يلجأ إلى إيجاد واقع بديل عن واقعه المعاش الذي لا يطيب له في معظم الأحيان ولا يجسد أمانيه، وكل ما يحتاجه لتغيير واقعه هو خلق حساب شخصي في موقع اجتماعي، فيخلق بذلك عالمًا جديدًا خاصًا به، هذا بالإضافة إلى أنه يعمد من خلال ذلك إلى إعادة رسم صورته بالطريقة التي يريد، وهي تكون بطبيعة الحال مغايرة لصورته الحقيقية غير المرضية بالنسبة له.
إن الشخصية الوهمية الجديدة التي تتيح له تلك المواقع إمكانية تمثيلها، والكم الكبير من الأصدقاء الذين توفرهم له من كل أنحاء العالم، كل هذه المغريات تجعل الشخص غير قادر على الهروب من هذا العالم الافتراضي الذي “يهتم كثيرًا بشخصه”، على حد قول أحدهم “لا بل أكثر من الأشخاص المحيطين به في عالمه الواقعي”.
لا بد لمدمني الهواتف الذكية الاطلاع على بعض المخاطر التي قد ترتبط باستعمال الهاتف الذكي:
السمع: مع أن استماعك للموسيقى من هاتفك لا يعني أنك ستصاب بالصمم، لكن رفعك لصوت مشغل الموسيقى حتى أقصى درجة قد يؤذي خلايا الاستشعار في الأذن الداخلية التي تنقل إشارات السمع للدماغ، مما يؤدي لفقدان السمع.
ألم الطباعة: وهو ألم في الأصابع والرسغ ويرتبط بالكتابة على الهاتف ولعب الألعاب، وهو ينتج عن تكرار حركات الأصابع الدقيقة كما يحدث عند طباعتك أو لعبك للعبتك المفضلة لساعات، كما قد يفاقم ألم التهاب الأربطة إذا كنت تعاني منها.
الإدمان: ومع أن هذا المصطلح ليس دقيقًا، غير أن دراسة أجريت في 2012 تشير إلى أن 60% من المشاركين يخشون ترك هواتفهم المحمولة أو الانفصال عنها، وهو أمر يدعو للتأمل!
مستويات غير صحية من الإشعاع: ما زال الجدل مستمرًا بشأن هل تسبب الأشعة الصادرة من الهاتف السرطان، إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن أشعة الهاتف قد تكون مسرطنة للبشر، وهذا أمر قد يقلقك!
الإصابة بمتلازمة الاهتزازات الشبحية: وتعني أن يشعر الشخص بأن هاتفه يهتز بينما في الحقيقة هو ساكن، وتدل الإصابة بها على الاستعمال المفرط للهاتف.
البكتيريا: فالهاتف هو مصدر للجراثيم، فقد نشرت مجلة وول ستريت العام الماضي دراسة اختبرت ثمانية هواتف محمولة في مكتب، ووجدت أنها كانت ملوثة بنوع من البكتيريا التي تدل على التلوث بالبراز.
ألم العنق: وهذا ناجم عن وضعية الرأس باتجاه الأمام التي يتخذها مستعمل الهاتف المحمول، مما يؤدي لضغط على العنق ويقود لهذه الآلام.
أعراض الانسحاب: فإذا تعطل هاتف الشخص أو اختفى فإنه يشعر بأعراض تشبه من يقلع عن الكافيين مثلاً أو النيكوتين، مثل الشعور بالقلق والعزلة.
صعوبات في النوم: فقد أظهر استبيان أجرته جامعة ستانفورد عام 2010 أن النوم بجانب الهاتف المحمول يجعل الشخص يواجه صعوبات فيه، وذلك بسبب أضواء الهاتف التي يعتقد أنها تربك إفراز مادة الميلاتونين في الدماغ التي لها علاقة بتنظيم النوم.
حوادث ومخالفات
صورة تعبيرية
تتسبب الألعاب الإلكترونية وإدمانها في حوادث مروعة، فقد أطلقت حديثًا لعبة بوكيمون جو التفاعلية على الهواتف الذكية، خلال الأيام الماضية الأمر الذي جعل البعض يدمن اللعبة ويخرج في البحث على البوكيمون مما تسبب في العديد من الحوادث والإصابات في أنحاء مختلفة من المدن حول العالم، على الرغم من كون اللعبة مسلية.
وتسبب شاب يبلغ الـ 26 سنة في وقوع حادث هو الأسوأ، حيث كان يطارد بيكاتشو في أحد الشوارع السريعة، واعترف الشاب أنه توقف من أجل اللعب، ورغبته فى الإمساك بكل الشخصيات التى تظهر له أثناء اللعب.
وتعرض شاب يدعى مايك شولتز للإصابة وذلك أثناء قيامة بالتزلج واستخدام لعبة بوكيمون جو وذلك للبحث والقبض على الشخصيات في اللعبة وقال إنه أصاب يده على الرصيف بعد أن اصطدم بشكل قاس.
وعثرت فتاة على جثة أثناء البحث عن شخصيات لعبة بوكيمون جو فى حديقة بالقرب من نهر، وهو الحادث الغريب من نوعه الذي تداولته وسائل الإعلام المختلفة.
أثبتت إحصاءات رسمية أن 300 ألف من أصل نحو 2.4 مليون حادثة سير كل عام سببها استخدام هاتف ذكي وزيارة مواقع التواصل الاجتماعي أثناء القيادة، نتائج توصلت إليها جامعة دويسبورغ/ ايسن.
وأظهرت أن نحو 61% من السائقين يكتبون الرسائل النصية على هواتفهم المحمولة ويرسلونها وهم جالسون خلف مقود سيارة تسير بسرعة 180 كيلومترًا في الساعة!
كما أن 30% من زوار موقع تويتر يقولون إنهم يرسلون التغريدات طيلة الوقت، ومن كل الأوضاع، وهكذا فإنهم يتفننون في إرسال التغريدات ومتابعة ما يظهر منها على صفحاتهم أثناء قيادتهم سياراتهم، لاسيما في الرحلات الطويلة وعلى الطرق السريعة حيث يقود الجميع سياراتهم بسرعة عالية.
و17% من السائقين يلتقطون صور السلفي أثناء القيادة، و14% يتواصلون على إنستغرام بالصور أيضًا، و11% يدردشون على سناب شات، و12% يصورون أفلام فيديو وهم جالسون خلف مقود سيارتهم، و27% ممن يصورن أفلام فيديو أثناء قيادة السيارة مطمئنون تمامًا إلى أن ما يفعلونه لا يهدد سلامتهم قط.
الحديث عن ظاهرة إدمان الإنترنت المذكور آنفًا، لا يعني التوقف عن استخدامه أو تجاهل وجود هذه الظاهرة، بل يعني العمل على ممارسة الاستخدام المعتدل والأمثل ووضع ضوابط وحدود لاستخدامه.