أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقريرها الصادر البارحة الخميس تحت عنوان”جاءوا ليقتلوا” أن ميليشا مسيحية قامت بارتكاب ما وصفته بـ “فظائع” بحق مسلمين في الأشهر الماضية في أفريقيا الوسطى، في حلقة متواصلة من العنف الذي قد يخرج عن نطاق السيطرة.
التقرير الصادر يسلط الضوء على جرائم ارتكبتها ميليشيا مسيحية تدعى “مناهضو بالاكا” ضد مسلمين في مقاطعة أوهام شمال البلاد فيما وصفه السكان بالأعمال الوحشية والمرعبة، تضمن حزّ رقاب بعض الأطفال والنساء، وقتل مئات المسلمين وحرق جثثهم وسرقة مواشيهم.
وكانت أفريقيا الوسطى قد انحدرت الى العنف وحالة من الفوضى والاضطرابات في شهر مارس الماضي عندما قام متمردون معظمهم مسلمون معرفون باسم “سيليكا” بالاطاحة بالرئيس المسيحي فرانسوا بوزيز الذي جاء الى الحكم عبر انقلاب عسكري عام 2003، أدت الى أعمال عنف وسلب ونهب من قبل حلفاء بوزيز والميليشيات المسيحية الموالية له.
وقال التقرير الصادر والذي جاء في 34 صفحة نشرته المنظمة على موقعها على الانترنت أن الميليشيا المسيحية اقتحمت الإقليم رداً على انتهاكات قامت بها قوات “سيليكا” المسلمة بحقّ سكان مسيحين آخرين.
وتقول المنظمة أن امرأة مسلمة قالت بأن ميليشيا “مناهضو بالاكا” في احدى الهجمات شرعت في طعن زوجها بالسواطير في جانبه وظهره قبل أن يذبحوه، وأضافت الامرأة: “أمروا ابني البالغ من العمر 13 عاماً أن يخرج من المنزل ويرقد على الأرض، ثم قاموا بطعنه مرتين بالسواطير وقتلوه”، ثم ختمت كلامها فقالت: “بعد أن قاموا بقتل زوجي وابني، أضرموا النيران في منزلنا، ألقوا جثة زوجي في النار إلى جانب جثة ابني”.
و روى رجل لأعضاء المنظمة، التي قالت أنها استغرقت أشهراً للعمل على التقرير والتحقق من كافة تفاصليه، كيف فرّ من أعضاء “مناهضو بالاكا” واختبأ في مكان بعيداً عن أعينهم وهو يرقبهم يذبحوا زوجته وأطفاله العشرة وحفيداً له.
قصة مروعة أخرى ذكرها التقرير الصادر عن المنظمة بأن احدى راعيات الأغنام المسلمة أجبرت على مشاهدة عناصر الميليشيا المسيحية وهي تذبح طفلها ذو الثلاثة أعوام، وفتيان آخرين بأعمار ما بين الـ 10 و 14 عاماً.
واختتمت المنظمة تقريرها بخلاصة اتهام ميليشيا مناهضو بالاكا المسيحية بارتكاب هجمات منسقة ضد تجمعات سكنية لمسلمين وارتكاب فظائع بحقهم، واصفة عناصر “مناهضو بالاكا” بحراس محليين وجنود موالين للحكومة السابقة ، مفنّدة الأقاويل بأن هذه المليشيا عبارة عن قوات محلية “للدفاع الذاتي” ومؤكدة أن أعمالهم وخطابهم غالبا ما يكون عدوانياً ضد المسلمين بشدة.
وقال كاتب التقرير ومدير قسم الطوارئ في هيومان رايتس ووتش بيتر بوكارت أن “عمليات القتل الوحشية في جمهورية أفريقيا الوسطى تخلق دوامة من القتل والانتقام، ما يهدد بخروجها عن نطاق السيطرة”، محذراً من “تصاعد احتمالات وقوع المزيد من العنف الجماعي بصورة مروعة”.
وبموجب تفويض من الأمم المتحدة، كانت فرنسا قد أرسلت خلال الأسابيع الأخيرة 1600 جندي إلى البلاد المضطربة في محاولة لوضع العنف المتزايد بالتعاون مع قوات الاتحاد الافريقي المتواجدة في البلاد والتي تزيد عن 2500 جندي.
من جانب آخر، ذكرت وكالة الأناضول أن مجموعة من سكان “فوه” – وهو حيّ تقطنه غالبية مسيحية في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى – اعترفوا بإحراق مسجد محلي للانتقام من الهجمات الأخيرة التي أنحى باللائمة فيها على مسلحي مجموعة “سيليكا” المسلمة، وقال أحد الشباب الذي كان واقفا على بعد 50 مترا فقط من المسجد المحترق: “كنا نعيش في وئام مع جيراننا المسلمين، لكن عندما شرع البعض منهم في دعم متمردي سيليكا و تخزين الأسلحة لهم، شعرنا بالغضب”.
وفي الأسبوع الماضي، دمر حشد من المسيحيين الغاضبين مسلحين بالسواطير والهراوات أجزاء من مسجد “رحمة دي فوه” وأجبروا المسلمين المحليين على الفرار للنجاة بحياتهم، وأضاف الشاب الذي رفض ذكر اسمه، أنه أحرق ورفاقه المسجد بعد يوم واحد من مزاعم بأن متمردي سيليكا شنوا هجوما على حيهم، ونهبوا المحلات التجارية والمنازل المسيحية، وختم الشاب كلامه فقال: “الطريقة الوحيدة التي يمكننا أن ننتقم بها إثر هجوم سيليكا كانت من خلال مهاجمة المسجد، لأننا كنا نعلم أن هذا من شأنه أن يسبب لهم الألم”.