اقتضت الحاجة لتغيير الشخصية العثمانية أن يتم إعادة تشكيلها بما يتوافق مع النهج الجديد الذي ارتضاه مؤسسو الجمهورية التركية، نهجًا علمانيًا يرى في الإسلام طقوسًا واعتقادات وشرائع لا حاجة لها في ظل تبني نظرة علمانية تيمم وجهها قِبل الغرب لتنهل من معين التقدم والرقي الموعود وتدير ظهرها بالكامل للمشرق بكل تاريخه وارتباطاته.
كانت الأداة الأساسية لصياغة الشخصية “التركية” الجديدة بعد التعليم، هي الثقافة والفنون، ومن أوائل هذه الإجراءات الثقافية تغيير الحرف العثماني من حرف عربي إلى حرف لاتيني، وحذف ما يمكن من المفردات التركية العثمانية لتحل مكانها كلمات ذات جذور لاتينية تعبر عن الرغبة في التطور، أو استعمال كلمات تركية قليلة الشيوع تعبيرًا عن تجاوز المرحلة الإسلامية إلى صياغة المرحلة القومية ذات الوجه الأوروبي، ولعل هذا النوع من التغيرات قد حصل منذ وقت مبكر وحتى قبل انهيار الدولة العثمانية بجهود الشعراء والأدباء والفنانيين الذين كانت لهم انتماءات ماسونية وغربية وساهموا بصياغة المشروع التحرري مما زعم حينها أنه الاستبداد والجهل.
واستمر ذلك بوتيرة أعلى بعد قيام الجمهورية من خلال وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة، والمرئية فيما بعد كالسينما، ولاحقًا التلفزيون، هذه الشاشة الصغيرة التي اقتحمت كل بيت وتركت أثرها عميقًا في تشكيل رؤية المشاهدين للكون وللذات والمجتمع، فكادت تسلخ الشعب من تراثه وثقافته بالكامل حتى فاقت مظاهر التغريب في تركيا كثيرًا من البلدان الغربية ذاتها، دون الثمار الحلوة للموعودة لهذا التغيير، كالاستقلال والتقدم والرخاء، فبقيت البلد مطية للسياسات الأمريكية، وارتفعت الأسعار وشحّت السلع، وبقي الهامش العلمي والاقتصادي بين تركيا وأوروبا الغربية متسع وهي تلهث خلفها بغية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وأوروبا تشيح بوجهها عن تركيا كأنها مرض معد لا شفاء منه.
موجة التغيير الثقافية
لكن محاولات الشعب التركي بالمحافظة على ثقافته والتمسك بموروثه لم تتوقف رغم خفوت صوت أصحابها على مدى أكثر من نصف قرن، ولكن كثيرًا ما كان تعلو ثم تخبو من خلال مندريس والذي ذهب ضحية لانقلاب عسكري وتم إعدامه، ثم أربكان والذي تم عزله بانقلاب آخر، وتورغوت أوزال، وأخيرًا مع رجب طيب أردوغان، ومعه حزب العدالة والتنمية.
مثّل استلام حزب العدالة والتنمية للسلطة رغبة حقيقية من الجماهير المحافظة التي انتخبته رغبة لإعادة تأكيد ذاتها ليس من خلال صناديق الاقتراع وحسب بل من خلال الثقافة والفن أيضًا، فصارت كثير من الموضوعات التي كانت في عداد المحظورات تطرح للنقاش وتم العودة للأرشيف لإعادة اكتشاف التاريخي الإسلامي والعثماني منه على وجه الخصوص، تجلى ذلك ليس فقط من خلال الأبحاث الأكاديمية والتغطيات الصحفية فحسب بل أيضًا من خلال الأعمال الأدبية من شعر ونثر، وأخيرًا عن طريق الدراما التلفزيونية.
الرواية المضادة
كان لزامًا على هذا التيار المحافظ في المجتمع والدولة التركية، أن يطرح روايته المضادة لرواية الدولة الكمالية والتي تم طرحها وتبنيها بعد إسقاط السلطان عبدالحميد الثاني، والتي تصور ليس الواقع والمستقبل وحسب وإنما تنبش الماضي وتعيد أحياءه وإعادة تشكيله إذا لزم الأمر، بما يتناسب مع رؤية من يسمون اليوم بـ “العثمانيين الجدد”، والذي يطمحون لاستعادة دور تركيا بوصفها وريثة الدولة العثمانية، ووضعها في قلب السياسة الدولية، الأمر الذي ينعكس من خلال الدراما عمومًا وخصوصًا التلفزيونية منها لانتشارها وقدرتها على التأثير.
في هذا السياق، تم إنتاج مجموعة من المسلسلات أهمها ثلاث مسلسلات هي، وادي الذئاب، وقيامة أرطغرل، وأخيرًا فيلنتا، والتي سنتناولها سريعًا للوقوف على أهم سماتها وصلتها بالمشروع الذي سبق الحديث عنه.
أولًا: مسلسل وادي الذئاب (Kurtlar Vadısı)
يعتبر مسلسل وادي الذئاب من أقدم المسلسلات التي تم إنتاجها في هذا السياق والذي كان أول عرض له عام 2003م، ويخرجه عثمان سيناف وإنتاج نجاتي شاشماز، وقد تم إنتاج عشرة أجزاء من هذا المسلسل وإنتاج ثلاثة أفلام منه كذلك، وله دبلجتان إلى العربية، واحدة سورية وأخرى عراقية، ولاقى إقبالًا منقطع النظير في تركيا والعالم العربي، غير أن شعبية المسلسل أخذت بالتراجع تدريجيًا، والمسلسل يعالج موضوع القوى الشريرة الخفية التي تريد الإضرار بوحدة البلاد ورفاه سكانها وذلك من خلال استدعاء مؤامرات داخلية وخارجية، في إطار من الدراما التشويق والإثارة والمغامرات البوليسية.
ثانيًا: مسلسل قيامة أرطغرل (Diriliş Ertuğrul)
بدأ بث المسلسل على القناة التركية الأولى TRT1 اعتبارًا من العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2014م وينتجه محمد بوزداغ، والمسلسل وهو يمثل سيرة والد مؤسس الدولة العثمانية أرطغرل بن سليمان شاه، ويستحضر مسيرة قبيلة الكايه من قبائل الأوغوز والتي هاجرت من أواسط آسيا هروبًا من المغول والمجاعات بحثًا عن المرعى والأمان حتى وصلت إلى ما يعرف اليوم بتركيا، ما مثل بداية التأسيس الفعلي للدولة العثمانية.
الدراما إثارة تاريخية تصور صراع الدولة السلجوقية ضد المحاولات المغولية والصليبية للسيطرة على المنطقة خصوصًا القدس، وجهود أرطغرل تحت رعاية روحية من الشيخ ابن العربي، لصد هاتين الهجمتين.
ثالثًا: مسلسل فيلينتا (Fılınta)
يمثِّل مسلسل فيلينتا حلقة أخرى في هذه الجهود، والمسلسل على اسم ضابط شرطة عثماني تبناه قاضٍ مسؤول عن قسم شرطة غلطة (حي من أحياء إسطنبول)، بعد أن وجده طفلًا صغيرًا أمام باب بيته، لينضم لاحقًا إلى سلك الشرطة ويمثل قلقًا مزمنًا للعصابات التي كانت تريد توريط الدولة العثمانية بحروب إقليمية بغية استنزافها والقضاء عليها، لأسباب عديدة منها الإجرامي ومنها القومي وكذلك الديني.
أهداف سياسة شبه معلنة
- أولًا: تعزيز الشعور الوطني
من السهل على المتابع أن يلحظ البعد الوطني الذي تحاول هذه المسلسلات تعزيزه في بلد يواجه ظروفًا صعبة في محيطه الإقليمي والدولي هذه الأيام وخصوصًا في ظل تنامي حرب انفصالية في جنوب شرق البلاد مع قوى كردية مدعومة من الخارج، أضعفت النسيج الاجتماعي والسياسي في البلد، هنا تبرز الحاجة لاستدعاء التاريخ والتأييد على فكرة أن الوحدة هي السبيل الوحيد للنجاة من أعداء الأمة والذين يحاولون إفساد العلاقة بين أبناء الوطن الواحد وضرب بعضهم ببعض، ومن علامات خلق هذا الشعور الجمعي بالوطنية، الاهتمام بالرموز كالعلم (البيرق) والخيمة التي ترمز للوطن ووحدة الشعب، والسيف الذي يرمز لليقظة المسلحة الجاهزة دائمًا للدفاع عن المظلومين أينما وجدوا بصرف النظر عن خلفياتهم الثقافية والعرقية، كما هو الحال في مسلسل قيامة أرطغرل.
ولا عجب أن يرى المرء رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان (الأسطى/ المعلم كما يلقبه الأتراك) وأحمد داوود أوغلو (الخوجا/ الأستاذ بالتعبير التركي) يزوران مع عائلتيهما موقع تصوير مسلسل قيامة أرطغرل وتتم دعوة أبطال المسلسل لإفطار رمضاني على مأدبة الرئيس ويشارك اثنان منهما في احتفالات فتح القسطنطينية فيلقيان ترحيبًا من الجمهور لا يقل عن الترحيب بالرئيس نفسه، وتصبح موسيقى التتر الخاصة بالمسلسل مقترنة بحضور الرئيس في الفعاليات الجماهيرية، ويثور جدل كبير في الصحافة المحلية بل وفي البرلمان حول تمويل التلفزيوني الحكومي TRT لمسلسل فيلينتا والذي فيه انحياز واضح للسلطان عبدالحميد الثاني والذي قامت عليه ثورة الاتحاد والترقي، بمبلغ خمسة ملايين دولار للحلقة الواحدة على ما نقلته وكالة جيهان الإخبارية.
- ثانيًا: إيقاظ الشعور الإسلامي
أصبح شائعًا أن يرى رئيس الدولة رجب طيب أردوغان وهو يتلو القرآن الكريم في احتفالات شبه رسمية، وأن يستعين السياسيون الأتراك بتعبيرات وأدعية إسلامية في خطاباتهم، ومما لفت الانتباه خلال احتفال القوات المسلحة التركية بعيد النصر الأخير، أنها المرة الأولى منذ تأسيسه يقوم بافتتاح الحفل بآيات من القرآن الكريم، وهو ما كان فيما مضى يعد من المحظورات، بل وإقرار دراسته والسنة النبوية في مناهج الكليات العسكرية كمادة اختيارية، وبناء مسجد تشملجا والذي يتسع لحوالي ثلاثين ألف مصل على تلة مطلة على البيسفور في الشق الآسيوي من إسطنبول، فضلًا عن مظاهر التدين المتسارعة في الدولة والمجتمع.
وهكذا نرى المتدين كالقاضي قياس الدين في مسلسل فيلينتا كشخص ذكي وعطوف خلافًا للدراما الأخرى التي لا ترى في المتدينين سوى دراويش ومتطرفين، بل إن أبطال هذا النوع من المسلسلات أناس متدينون كثيرًا ما تراهم يرفعون أيديهم بالدعاء ويصلّون ويقبّلون القرآن الكريم ويضعون أكفّهم على قلوبهم كإشارة للاحترام عند ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويستعيدون قصص القرآن الكريم والصحابة في سياق الاسترشاد والنصيحة.
أما في ميدان القتال فإنّ التكبير كثيرًا ما يتردد من الأفواه وعند سقوط قتلى من جانب الأخيار، يتم استدعاء قيمة الشهادة والجنة، وتمثل صلاة الجنازة والدفن الإسلامي والدعاء، وفي قيامة أرطغرل مثلًا نرى شخصية المرشد الروحي الشيخ ابن العربي تلعب دورًا مركزيًا في مجريات المسلسل وتأثيره على أبطاله والذين هم بدورهم أناس متدينون مثل أرتوك وبامسي وأرطغرل نفسه، ويكاد القاضي قياس الدين يلعب نفس دور الإرشاد الروحي والديني لبطل فيليتنا.
- ثالثًا: تبرير الزعامة التركية للأمة الإسلامية
تقدم هذه المسلسلات تركيا كمدافع عن القدس والمسجد الأقصى وهما عنوان وحدة المسلمين، وقد حضر هذا المعنى في المسلسلات الثلاث، في قيامة أرطغرل بكثير من التفصيل حيث تقف قبيلة الكايه في وجه طموح فرسان المعبد ومؤاتمراتهم وتستعاد نفس الفكرة بصورة مختصرة في فيلينتا، أما في وادي الذئاب فلها حديث يطول.
كما أنّ الأتراك استحقوا الزعامة ليس لقوتهم وتغلبهم على الأعداء وحماية الأراضي المقدسة وحسب، بل لأنهم حفظة الميراث النبوي المتمثل بالبردة النبوية ونسخة مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو ما يؤهلهم لقيادة الأمة الإسلامية بصورة أو بأخرى، وهو ما يتم استحضاره في مسلسل فيلينتا حين تتم سرقة مصحف عثمان ثم سرعان ما يستعاد ليعزز هذا المعنى، وهو أمر لا بد حاضر في أذهان من يقفون خلف هذه المسلسلات، يعززه التوجه الحكومي بإنشاء مؤسسات حكومية وأهلية تجمع المسلمين تحت عناوين دينية وثقافية وخيرية.
سمات سلبية مشتركة
- أولًا: العنف المفرط
تمتاز هذه المسلسلات، رغم اختلاف الأرضية التاريخية لها، بالعنف المفرط وربما كان ذلك انعكاس لمحاولات تقليد الأفلام الغربية وخصوصًا الأمريكية، اعتقادًا من المنتجين أن هذا النوع من الدراما يجذب المزيد من المشاهدين، وليس بالضرورة تعبيرًا عن ثقافة الشعب التركي، فالأفلام الهندية على سبيل المثال مترعة بالعنف المبالغ به والمضحك أحيانًا، خلافًا لثقافة الشعب الهندي الذي يمتاز بالتسامح والسلمية.
ويمكننا أن نلاحظ في مسلسل قيامة أرطغرل حجم العنف الذي يمارسه الأخيار، أرطغرل وأصحابه، على الأسرى الذين يقعون في أيديهم من التعذيب والإهانة فضلًا عن قطع الرؤوس وغير ذلك من أساليب العنف، أما الأشرار فإن عدوانهم ليس له حدود، ويكفي أن نشاهد في الحلقة الواحدة عشرات القتلى والذين يتساقطون كالذباب بلا حساب، وهو ما يحصل أيضًا في مسلسل فيلينتا والذي لا يقل عدد القتلى في الحلقة الواحدة فيه عن ثمانية في أضعف الحالات غير حالات الصلب والطعن والذبح والقنص وكل أنواع القتل.
أمّا مسلسل وادي الذئاب فقد فاق الجميع بمعدل ونوعية العنف، ففي إحدى حلقاته والتي تم انتقاؤها عشوائيًا يقوم بطل المسلسل بولاد (مراد) علم دار بتحطيم العصابة من خلال اختطاف مساعد رئيسها وكي يحصل على معلومات منه فإنه يقطع يده بالمنشار الكهربائي ويركّب قنبلة موقتة مكان اليد المقطوعة بينما المجرم تحت التخدير، كما يقوم باعتراض رئيس المجلس السري للعصابة والتحقيق معه ويقتلع عينه بالسكين، ثم يتسلسل إلى وكر العصابة ويفتح الباب والذي يفتح ببصمة العين، بالعين التي اقتلعها، ثم يلبس لباس التخفي الخاص بمجلس العصابة، والتي تكون مجتمعة بغرض اختيار زعيم الذراع المسلح لها، وعند وقوع الاختيار على الشخص المكلف يقوم علم دار بدس السم في الكأس الذي سيشرب منه الجميع فيموتون على الفور ثم يقتل الأخير بطعنه بالسيف طعنة نجلاء تخترق بطنه ليخرج السيف من ظهره، وعلى إثرها يظهر قائد العصابة الخفي في مكتبه على شاشة العرض ليهدد علم دار فما يكون منه ألا أن يفجر القنبلة والتي زرعت مكان اليد المقطوعة بعد أن يتأكد أن مساعد الزعيم عنده، فيموت الزعيم وتنتهي كل العصابة.
يبدو أن منتجي هذه الأفلام لا مشكلة لديهم مع كمية العنف التي يعرضونها، فهي ربما تكون مبررة أخلاقيًا من وجهة نظرهم، إذا مارسها الصالحون أو تمت ممارستها لأغراض نبيلة ضد الأشرار، وهو وإن كان يتوافق مع الثقافة المادية الغربية فإنه يتناقض مع الثقافة الإسلامية والتعاليم الإسلامية والتي أمرت بالرفق والرحمة وتجنب العنف غير الضروري حتى مع الأعداء، بل مع الحيوانات أيضًا.
- ثانيًا: نظرية المؤامرة
بالاطلاع على أدبيات التيار السياسي المحافظ يمكن لمس قناعته الراسخة بأنّ انهيار الدولة العثمانية والتي تمثّل النموذج لديه، كانت نتيجة لتآمر مجموعة من القوى المحلية والدولية التي سعت لتدمير وحدة “الملّة العثمانية” وإثارة النعرات الدينية والقوميّة والتسبب بالانهيارات الاقتصادية والأمنية وجر الدولة لحروب خاسرة وتهديد وحدتها الترابية، وعلى رأس هذه القوى بالإضافة إلى الدول الاستعمارية الأوروبية وروسيا، المنظمات السرية وشبه السرية كالماسونية والصهيونية وفرسان الهيكل والتنظيمات الطورانية.
تنتشر هذه القناعة في كل مسلسلات هذا النوع من الدراما إلى حد أن الحبكة برمتها تكاد تقوم عليها، فالمتآمرون منتشرون في كل مكان وقد يكونوا من أقرب الأقرباء ممن يزعمون الصلاح والوطنية، لتكتشف لاحقًا أنهم يتآمرون مع العدو لمصالحهم الضيقة، أو أنهم يعلنون الإسلام ويبطنون خلافه وهمهم الأول هو تدمير الإسلام والقضاء عليه، كما هي قصة فرسان الهيكل التي دار حولها الموسم الأول من مسلسل قيامة أرطغرل.
كما أنّ مناعة الأفراد في هذه المسلسلات، ضد الإسقاط والعمالة تكاد تكون شبه معدومة، فمن السهل إسقاط الرجال والنساء في شرك العمالة والخيانة بأبسط الأساليب كما حصل مثلًا في مسلسل فيلينتا مع ناظر الداخلية والذي كان ضحية لعملية إسقاط قام بها زعيم الشر في المسلسل، بوريس زاهاريس، والذي بدا أن لديه قوى تفوق حتى أعتى أجهزة المخابرات التابعة للقوى الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا فضلًا عن جهاز المخابرات العثماني والذي كان يشهد له بالكفاءة والفعاليّة حينها.
- ثالثًا: سطحية تناول القضايا الكبرى
رغم أن هذه المسلسلات تطرح قضايا كبرى كطمع القوى الأوروبية بأراضي الدولة العثمانية والتي كانت حينها تلقب بـ”الرجل المريض”، والصراع على مصادر النفط والتلاعب بالأقليات واستخدامها كأداة لإضعاف الدولة، إلا أن هذه القضايا تطرح بشكل سطحي وأحيانًا مضحك، فالسلطان عبدالحميد الثاني والذي يشهد له بالدهاء وسعة الإطلاع، نراه رجلًا قليل الحيلة يعتمد على قسم شرطة غلطة بقيادة الضابط “مصطفى فيلينتا” ورئيسه القاضي قياس الدين خاتمي، لحل كل المعضلات التي تواجه الدولة بينما باقي المؤسسات تقف مشلولة وعاجزة عن تقديم أي عون يذكر في هذا المجال، بما في ذلك جهاز المخابرات الشهير والذي أسسه السلطان عقب توليه الحكم.
خلاصة
استطاعت الدراما التركيا أن تفرض نفسها على الصعيد العالمي بحيث حلت ثانيًا، وشكلت مصدرًا هامًا للدخل الوطني بلغ قرابة ستمائة مليون دولار العام الماضي، وهو مبلغ كبير بمقاييس العالم الثالث، ورغم احتكار توجه معين للدراما التركية، بدأت تظهر مسلسلات جديدة عالية الجودة استقطبت عددًا كبيرًا من المشاهدين الأتراك وفي أنحاء عديدة من العالم، لتعيد تشكيل الوعي المحلي والدولي تجاه تركيا العدالة والتنمية المتصالحة مع تاريخها وبيئتها، ورغم السلبيات التي ظهرت في هذا النوع من المسلسلات فذلك لا ينقص من كونها قصة نجاح لفتت الانتباه وحازت على إعجاب الكثيرين.