أصبح دونالد ترامب مرشحًا رسميًا عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة المقررة في مطلع نوفمبر القادم، بعدما حصل على تزكية غالبية عدد المندوبين تماشيًا مع نتائج الانتخابات التمهيدية التي أجراها الحزب على مدى الأشهر الماضية، وتمكن خلالها ترامب من التقدم على باقي منافسيه الـ16 بحصوله على 1237 مندوبًا، وهو العدد الكافي للفوز بترشيح الحزب.
ومن المقرر أن يعلن ترامب قبول ترشيحه رسميًا مساء الخميس القادم مع اختتام مؤتمر الحزب الذي انطلق الاثنين الماضي، بعدما أطلق تصريحات الملياردير الأمريكي ترامب في أول ظهور له أمام مؤتمر الحزب في كليفلاند بولاية أوهايو حيث جرى التصويت مساء الثلاثاء، تعهد فيها بالفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وخلق وظائف للأمريكيين، وتعزيز الجيش، وتأمين حدود الولايات المتحدة، و”استعادة القانون والنظام” في البلاد.
وعلى الفور سارعت منافسته هيلاري كلينتون التي ينتظر أن يعلن ترشحها الرسمي عن الحزب الديمقراطي الأمريكي في الأيام المقبلة، إلى الرد على ترشيح الحزب الجمهوري لترامب، قائلة في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعد الاقتراع: “دونالد ترامب أصبح للتو المرشح الجمهوري. فلنساهم معا الآن لضمان ألا تطأ قدماه أبدا مكتب البيت الأبيض”.
ورغم أن آخر استطلاعات للرأي في أمريكا تظهر أن 60% من الأميركيين يعتبرون مرشح الحزب الجمهوري غير مؤهل لرئاسة الولايات المتحدة، وأنه منحاز ضد النساء والأقليات، إلا أن الحزب أصر على الاستمرار في دعمه كممثل له في الانتخابات.
ورغم ذلك شاب القاعة التي جرى فيها التصويت بعض الفوضى بعد احتجاج المندوبين الرافضين لترامب بالصراخ والاستهجان ضد المسؤولين الجمهوريين الذين حاولوا تبني قرار التزكية دون تصويت، كما كانت لائحة الغائبين لافتة للانتباه في المؤتمر الختامي، حيث تغيب الرئيسان بوش الأب والابن اللذان لم يدعما ترامب للوصول لبطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري.
حيث خرجت النتيجة في النهاية وحصل ترامب على تأييد 1237 مندوبًا، يليه السناتور تيد كروز عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية تكساس، وفاز بأصوات 475 مندوبًا، ثم جون كاسيك حاكم ولاية أوهايو، وحصل على تأييد 120 مندوبًا، والسناتور ماركو روبيو عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية فلوريدا، وفاز بأصوات 114 مندوبًا. وحصل ثلاثة مرشحين آخرين على أصوات 12 مندوبًا.
وبعد التصويت الرئاسي، وافق مؤتمر الحزب في اقتراع صوتي على ترشيح مايك بينس حاكم ولاية إنديانا (57 عاما) لمنصب نائب الرئيس، والذي اختاره ترامب.
العالم يتجه نحو مزيد من الجنون
بترشيح رجل الأعمال الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري أصبح لديه الفرصة كاملة لدخول البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة خلفًا لأوباما، لكن عليه أن يحسم معركته مع منافسته هيلاري كلينتون أولًا.
ترامب هو الذي طالب في تصريحات عديدة بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية
ترامب لم يكن متوقعًا له أن يمر من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بهذه الصورة، خاصة مع تصريحاته التي أثارت ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والاجتماعية الأمريكية، إلا أنه استطاع أن يقنع قواعد الحزب بخطاباته الشعبوية التي تلعب على الأوتار القومية لفئات بعينها داخل قطاعات الحزب الجمهوري، اختارت خطاب ترامب عن وعي به.
ترامب هو الذي طالب في تصريحات عديدة بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية عقب حادث إطلاق نار في ولاية كاليفورنيا، حتى يتمكن المشرعين من فهم ما يحدث على حد قوله.
ولم يكن هذا التصريح هو أول تصريح يدلي به دونالد ويثير به الجدل باضطهاده للسملين، فقد سبق وأعرب خلال مقابلة له مع قناة “فوكس بيزنس نيوز” عن رغبته في إطلاق مبادرات مماثلة لتلك التي تطلقها الحكومة البريطانية في إطار محاربة داعش تشمل إغلاق بعض المساجد.
ترامب يؤمن بضراروة الترحيل الجماعي لنحو 11 مليون مهاجر غير شرعي يعيشون في الولايات المتحدة
وفي خطاب له أعلن ترامب عن عدة قرارت سيلعن عنها قريبًا، من شأنها تحجيم عدد الجاليات المسلمة لدى أمريكا، مؤكدًا أنه سيقوم بوضع قاعدة بيانات خاصة بالجالية المسلمة المقيمة في الولايات المتحدة، والتي من شأنها تحديد هوية خاصة للمسلمين المقيمين في أمريكا.
هذا بينما ينظر إليه البعض في الولايات المتحدة وكذلك في الشرق الأوسط أنه كان صادقًا في التعبير عن المشاعر الحقيقية تجاه العرب والمسلمين، والفرق بينه وبين الآخرين أنه أكثر صراحة ووضوحًا، وتجرأ على قول ما يرفض قوله الكثيرون الذين يفرش لهم السجاد الأحمر في عواصم عربية وإسلامية.
كما أن ترامب يؤمن بضراروة الترحيل الجماعي لنحو 11 مليون مهاجر غير شرعي يعيشون في الولايات المتحدة، على الرغم من الانتقادات التي تقول إن هذه الفكرة تعكس كره الأجانب من جهة وباهظة التكاليف من جهة اخرى.
حيث يقول ترامب إن خطة الترحيل التي يتبناها قابلة للتحقيق كما أنها تتسم بالإنسانية في نفس الوقت. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاحات في مجال الهجرة سوف تنهي “الحصول على المواطنة بحكم المولد”، وهي السياسة التي تمنح أبناء المهاجرين غير الشرعيين الجنسية طالما أنهم ولدوا على الأراضي الأميركية. ولا يدعم ترامب إنشاء مسار جديد للحصول على الجنسية بالنسبة للعمال الذين لا يحملون وثائق.
ترامب قد تعهد بإقامة سور عازل بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع دخول المهاجرين غير القانونيين إلى الأراضي الأميركية
كما أن ترامب يعتقد أنه سيكون هناك “توافق جيد للغاية” بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. حيث قال في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية إن بوتين وأوباما يكرهان بعضهما البعض أكثر من اللازم بطريقة تؤثر على التفاوض، لكني “على الأرجح سأتوافق معه بشكل جيد للغاية، ولا أعتقد أنكم ستواجهون هذا النوع من المشاكل التي تواجهونها في الوقت الراهن”.
ويرى ترامب أن العالم سيكون أفضل حالًا إذا كان صدام حسين ومعمر القذافي ما زالا في السلطة. حيث صرح ترامب لـ “سي إن إن” إنه يعتقد أن الوضع في كل من ليبيا والعراق “أسوأ بكثير” مما كان عليه تحت حكم الحاكمين المستبدين. وبينما يعترف بأن صدام حسين كان “رجلا مخيفا”، قال ترامب إنه قام بعمل أفضل لمواجهة الإرهابيين.
وعلى صعيد آخر كان ترامب قد تعهد بإقامة سور عازل بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع دخول المهاجرين غير القانونيين إلى الأراضي الأميركية، فيما أشار محللون أن ترامب يُطلق كل هذه التصريحات بهذه الصورة مستغلًا مخاوف قطاع من الأمريكيين للحصول على تأييد لحملته.
كل هذه الأمور المثيرة للجدل التي تعج بالعنصرية وإشاعة الكراهية مفترض أن تدخل حيز التنفيذ إذا وصل المرشح الجمهوري ترامب إلى كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة، وهي ليست دعاية انتخابية عادية وإنما تلك الترشيحات هي التي حشدت لترامب حظًا وافرًا من الأمريكيين ليس بالقليل.
حيث قدم برنامجه الذي يجمع بين عداء المهاجرين، والعنصرية، ودعم الشركات الكبيرة، والمطالبة بمزيد من تخفيض الضرائب على الأغنياء، والعداء للمجموعات الخارجية، تلك التوجهات التي تمثل الخط العام للمحافظين من الطبقة العاملة البيضاء اليمينية، وهي طبقة مستنفرة الآن تحمل ميولًا سلطوية إلى حد كبير.
استطلاعات للرأي في أمريكا تظهر أن 60% من الأميركيين يعتبرون مرشح الحزب الجمهوري غير مؤهل لرئاسة الولايات المتحدة
وتتناغم هذه الخطوة بترشيح ترامب مع موجة اليمينية التي تجتاح العالم وخاصة في الغرب، أما في الشرق فنجد منظمات مثل داعش لها بريقها، وهي المقابل الموضوعي في وجهة نظر البعض لحالة ترامب القادمة، وهو ما يعني أن العالم سوف يتجه نحو مزيد من الجنون بالفعل.