لأول مرة منذ سنوات، وبعد أقل من ثلاثة أشهر، ينطلق قطار الانتخابات الفلسطينية المحلية دون أي عقبات بعد الحصول على توافق فلسطيني كامل لإجرائها داخل “قطاع غزة والضفة الغربية والقدس”، خاصة بعد الموافقة الرسمية لحركة “حماس” على المشاركة فيها والتعهد بالعمل على إنجاحها، ما يعطي دفعة قوية لكافة الفصائل للاستعداد للمعركة الانتخابية التي ستنطلق في الـ 8 من شهر أكتوبر المقبل.
“حماس” التي كانت تدرس ملف المشاركة بالانتخابات جيدًا، قررت بالأمس وبشكل رسمي المشاركة فيها، وقال المتحدث باسمها سامي أبو زهري إن حركته ستشارك في الانتخابات البلدية عبر قائمة من الكفاءات، مؤكدًا أن حماس ستشارك في الانتخابات من أجل تحقيق الغاية في خدمة أبناء الشعب الفلسطيني.
أبو زهري، ذكر أن الانتخابات ستجري وفق نظام واحد وبيوم واحد وبقرار واحد في قطاع غزة والضفة المحتلة، “في رسالة نفي واضحة لكل التهم التي وجهت لنا بتمسكنا بنظام ديمقراطي واحد في غزة”، داعيًا أبناء الشعب الفلسطيني للانخراط في هذه الانتخابات التي تضمن توفير المتطلبات والخدمات لهم.
طريق للوحدة الداخلية
القيادي في حركة حماس بقطاع غزة إسماعيل رضوان، أكد لـ “نون بوست” أن موافقة الحركة على المشاركة في الانتخابات المحلي جاءت بعد دراسة متأنية في إطار التوافق الداخلي وبما يتماشى مع المصالح الفلسطينية.
وقال رضوان: “مشاركة كافة الفصائل والقوى الوطنية بما فيهم حركة حماس في الانتخابات البلدية المقبلة، خطوة هامة للغاية، قد تساهم في فتح باب المصالحة والتوافق الداخلي، الذي أغلقه الانقسام لسنوات طويلة”.
القيادي في حركة حماس، شدد على أن “الانتخابات المحلية” قد تكون فرصة جيدة لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وفتح كل ملفات الانقسام القائمة بين حركتي فتح وحماس، ومحاولة وضع حلول عملية لها ومعالجتها بأسرع وقت.
رضوان لفت إلى أن مشاركة حماس في الانتخابات نابع من مدى حرص الحركة على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، متمنيًا أن تنجح هذه الخطوة في تحقيق الأهداف التي وجدت لها، وهي خدمة الوطن والمواطن بشكل أساسي.
أوساط سياسية كشفت أن حركة حماس اتخذت موقف “الموافقة” على الانتخابات بعد مشاورات مطولة للحركة في غزة والضفة الغربية والخارج، وكذلك تلقيها ردود إيجابية من حركة فتح، حول بعض الملاحظات التي قدمتها، ومنها أن تكون مرجعية البت في شكاوى نتائج الانتخابات، هي محاكم “البدايات” في المدن التي جرت فيها، وليس “المحكمة الدستورية” التي شكلها مؤخرًا الرئيس محمود عباس.
كما وافقت حركة فتح على أن تتعامل لجنة الانتخابات المركزية (المشرفة على الانتخابات) مع المؤسسات القائمة في قطاع غزة (تديرها حركة حماس)، والتعامل بشكل مهني مع أي مجالس محلية تفوز فيها الحركة.
شروط وتخوفات
وعن موقف حركة الجهاد الإسلامي والمشاركة في الانتخابات المحلية، أكد أحمد المدلل القيادي في الحركة، أن حركته ستشارك فيها شريطة أن تكون بعيدة عن أي “استحقاق سياسي”.
وقال المدلل “حركة الجهاد الإسلامي تدعم أي خطوة فلسطينية داخلية، يمكن أن تصل في نهاية الأمر لتحقيق التوافق الوطني الداخلي، وملف الانتخابات المحلية سيكون بداية لهذا الاستحقاق الوطني”.
المدلل أوضح أن حركته تدعم إجراء الانتخابات المحلية بكل قوة، وستساند الجميع في ذلك، وحركة الجهاد لا ترفض تلك الانتخابات وتدعم المشاركة فيها، إذا كانت بعيدة عن المسار السياسي، وليس لها أي علاقة باتفاق أوسلو.
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، لفت إلى أن الانتخابات البلدية هي “وظائف خدماتية” تقدم للجمهور الفلسطيني، وسندعمها بما يتوافق مع الوضع الفلسطيني ويخدم المواطنين بدافع أساسي.
وحتى إعداد هذا التقرير، أعلنت ثماني فصائل فلسطينية بشكل رسمي المشاركة في الانتخابات وهي: حركة فتح، وحركة حماس، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجهاد الإسلامي، وحزب الشعب الفلسطيني، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، والمبادرة الوطنية الفلسطينية.
وأعلنت الفصائل عن توجه لكتابة “ميثاق شرف” يكون ضامنًا لإجراء الانتخابات البلدية المقبلة، وقال محمود خلف عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، إن “الفصائل أجرت اجتماعات طيلة الفترة الماضية لدراسة إجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة، وتوصلت لعدد من المقترحات من بينها الاتفاق على ميثاق شرف، ولم تعارض حركتا حماس وفتح الفكرة”.
وأشار إلى وجود جهود فصائلية لبلورة هذه المقترحات التي لا تزال قيد التداول، وذلك لإنهاء إشكالية الضمانات المتعلقة بإجراء الانتخابات والاعتراف بنتائجها والمرجعيات التي ستحكمها، موضحًا أن الفصائل جميعًا مطالبة بتشكيل ضمانة لهذه الانتخابات.
في ذات السياق، كشفت مصادر موثوقة في حركة فتح أن الحركة تخشى المفاجآت في الانتخابات البلدية المقبلة، خاصة في ظل تخوفات قائمة بدخول قوائم موالية للنائب والمفصول من الحركة محمد دحلان، للمشاركة في تلك الانتخابات بالضفة الغربية وغزة.
وتشتدّ الخلافات بين دحلان المقيم في دولة الإمارات والرئيس عبّاس منذ مارس 2013، حيث اتّهمه عباس في اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح، بالتخابر مع إسرائيل، والوقوف وراء اغتيال قيادات فلسطينيّة، والمشاركة في اغتيال الراحل ياسر عرفات، وهو الأمر الذي نفاه الآخر، متّهمًا الرئيس بتحقيق أجندة أجنبية وإسرائيلية، وتدور في كثير من المناسبات الداخلية لحركة فتح، اشتباكات بين أنصار الفريقين.
تفاصيل العملية الانتخابية
حسين الأعرج وزير الحكم المحلي، كشف عن التفاصيل المتعلقة بإجراء انتخابات البلدية المزمع عقدها في الثامن من أكتوبر، مبينًا أنها ستجرى في مرحلة واحدة فقط يوم السبت الموافق (8-10-2016).
وأوضح أن التجهيزات للانتخابات ستبدأ في 8/7/2016 وتستمر لفترة 90 يومًا حتى بدء الانتخابات، مشيرًا إلى أنه ستجرى مرحلة تكميلية بعد أسبوعين من انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات، وذلك في حال تعثر لجنة الانتخابات المركزية عن إجرائها في أي بلدية محلية، أو تقدم طرف بطعن في أي منطقة تجرى فيها بالمرحلة الأولى.
وعلاوة على ذلك أكد الأعرج، أن لجنة الانتخابات هي التي ستتولى مهمة الإشراف على تنفيذها، ولديها كامل القوائم المتعلقة بمن يحق لهم الانتخاب، مشيرًا إلى أن اللجنة هي من ستختار الجهة التي ستشرف على تأمين الانتخابات، والجهات التي ستساعدها في العملية الرقابية.
وفي 21 يونيو الماضي، أعلن رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمدلله، أنه سيتم إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة يوم 8 أكتوبر المقبل، وجرت آخر انتخابات بلدية في فلسطين عام 2012، وشملت هيئات محلية في الضفة فقط، حيث رفضت حركة حماس المشاركة فيها، ومنعت إجراءها في قطاع غزة.
ويسود الانقسام السياسي والجغرافي أراضي السلطة الفلسطينية، منذ منتصف يونيو 2007، عقب سيطرة حماس على قطاع غزة، بينما بقيت حركة فتح تدير الضفة الغربية، فيما لم تفلح جهود المصالحة والوساطات العربية في رأب الصدع بين الحركتين.