نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا عن تحول الشباب في تونس إلى الفكر الجهادي.
وتحكي الصحيفة قصة حياة السعدي، التي بدأ ابنها أيمن، البالغ من العمر ١٦ عاما، في التفكير في الجهاد والانضمام إلى المعارضة في سوريا، في مارس الماضي قرر أيمن مغادرة المدرسة والمنزل!
في نهاية أكتوبر الماضي عادت حياة إلى منزلها لتجد الشرطة تحاصر البيت، لقد فجر انتحاري نفسه في سوسة التونسية، واعتُقل آخر عندما كان يحاول تفجير الشحنة التي يحملها. لاحقا عندما اتصل بها زوجها من قسم الشرطة الذي بقي فيه لبقية اليوم، قال لها باقتضاب “نعم، إنه طفلك، أيمن الآن في السجن”.
قصة أيمن الذي انتقل من طالب واعد إلى انتحاري محتمل هزت تونس في الأسابيع التي أعقبت عملية سوسة. الأسئلة بدأت تُطرح عن تونس التي أصبحت أرضا خصبا للمجموعات الجهادية لضم أعضاء جدد.
العمليات الجهادية في تونس ليست في أوجها مقارنة ببقية الدول، لكن ٣٠ عنصر أمن قُتلوا هذا العام، وهناك المزيد من المخاوف بأن المئات من المتطوعين يذهبون من مساجد السلفية في تونس إلى التدريب على القتال في سوريا، مع احتمالية غير قليلة بعودتهم وإثارتهم قلقا كبيرا في تونس.
الباحث مهدي تاجي يقول أنه بعودة ٢٠٠ شخص فقط، فإنهم سيسببون مشاكل حقيقية في تونس.
ويقول التقرير أنه منذ تنحي بن علي الذي فرض علمنة الدولة على كل المؤسسات التونسية بشكل جذري، تزايد الوجود السلفي في كل المدن في تونس. مئات المساجد تسعى لتجنيد الشباب التونسي، ليس فقط لأعمال الدعوة، ولكن أيضا “للجهاد”
بعض تلك المجموعات السلفية بدأت في 2012 في عمليات مثل الهجوم على السافرة الأمريكية في تونس، بعد أيام فقط من الاعتداء على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي في ليبيا، كما ظهرت بعد المجموعات منهم بالقرب من الحدود الجزائرية، محللون يقولون أنهم ممن عاد من القتال مع القوات الفرنسية في مالي.
رشيد عمار، قائد الجيش التونسي، حذر في يونيو الماضي من أن تلك المجموعات ليست مجموعات إرهابية، لكنها مجموعات تمرد وانقلاب، تخطط لقلب النظام في تونس.
ورغم أن التوجه السلفي بشكل عام يُركز على الدعوة والتربية، إلا أن عائلات معظم المُجندين الجدد يتحدثون عن “عسكرة”.
الحكومة التونسية حظرت الجماعة السلفية “أنصار الشريعة” كخطر إرهابي في أغسطس الماضي، الجماعة التي يقودها عائدون من أفغانستان والعراق، خرجوا من السجون مع بداية الربيع العربي، ضمت مجرمين ومهربين والكثير من الشباب، حسبما تقول السلطات.
حكومة النهضة حاولت كذلك أن تضم السلفيين إلا جانبها، لكن مع العنف الذي حدث من جانب أنصار الشريعة، تراجعت الحكومة عن ذلك التوجه قبل أن تحظر الجماعة. ومع الضغط، انسحب “أنصار الشريعة” تحت الأرض من جديد، لكن التجنيد للجهاد ما زال قائما.
الشباب يسافرون غالبا عبر ليبيا حيث يتلقون تدريبا عسكريا قرب بنغازي، التي منها يسافرون إلى تركيا ومنها إلى سوريا. ورغم إقامة التونسيين الكثير من الحواجز لمنع “المجاهدين تحت سن الخامسة والثلاثين” من السفر إلا أن المسلحين ما زالوا قادرين على الدخول من وإلى ليبيا.
حياة السعدي، والدة أيمن، تقول أنها لا تلوم المسجد على التوجه الذي سلكه ابنها، فأصدقاءه لا يريدون السفر إلى سوريا، لكنها تلقي باللائمة على الشيوخ الذين يركبون السيارات الفارهة الذين يؤثرون على ابنها.