طالبت الحكومة التركية، مؤخرا، من عدة دول أجنبية منها تونس والمغرب والصومال، بإغلاق مدارس ومؤسسات جماعة “فتح الله غولن” الإرهابية.
ووجهت الحكومة التركية عبر وزارة خارجيتها طلبا رسميا إلى العديد من البلدان الشقيقة والصديقة، لإغلاق جميع المؤسسات التابعة لجماعة فتح الله غولن الإرهابية، ومنع نشاطها والتعاون مع أنقرة لتسليم العناصر المطلوبة من هذه الجماعة “الارهابية” التي تشكل تهديدا مباشرا على أمن تركيا واستقرارها عقب تورطها المباشر في تنظيم المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا.
تركيا تدعو الدول الاجنبية لملاحقة جماعة “كولن“
في هذا الشأن قال الدكتور، محمد العادل، رئيس المعهد التركي العربي للدراسات الاستراتيجية بأنقرة لنون بوست، إن” قيام الدولة التركية بدعوة الدول الصديقة و الشقيقة بوقف نشاط هذه الجماعة الارهابية و تسليم عناصرها الى السلطات التركية، يعود إلى كون هذه الجماعة هي من خططت و نفذت المحاولة الانقلابية الفاشلة، واستهدفت أمن تركيا و استقرارها ومكتسبات الشعب التركي، و قتلت مواطنين أتراك و هاجمت مؤسسات الدولة و استخدمت سلاح الشعب التركي ضد تركيا والأتراك و مؤسساتهم.”
محمد العادل، رئيس المعهد التركي العربي للدراسات الاستراتيجية بأنقرة
وأضاف العادل “هذه الجماعة الارهابية، أصبحت، في مواجهة حقيقية مع الشعب التركي و عدو مباشر له، لذلك تقتضي مسؤولية الدولة التركية ان تتابع هذه الجماعة الارهابية و نشاطها في أي مكان من العالم، مؤكدا ان هذا المطلب شعبي و ليس مجرد قرار سياسي.”
الدولة التركية لديها معلومات دقيقة جدا عن حجم نشاط جماعة غولن الارهابية في انحاء العالم
وذكر تقرير صادر عن هيئة الإذاعة والتلفزيون التركي أن وزارة الخارجية التركية وجهت رسائل في هذا الشأن إلى حكومات البلدان التالية: المغرب، تونس، السعودية، السودان، الأردن، السنغال، مالي، موريتانيا، وعدد آخر من البلدان العربية والأفريقية والأوروبية ودول البلقان.
وعن نشاطات هذه الجماعة الظاهرة والخفية، خارج تركيا، قال محمد العادل، “الدولة التركية لديها معلومات دقيقة جدا عن حجم نشاط جماعة غولن الارهابية في انحاء العالم، فهذه الجماعة الارهابية تنشط عبر مؤسسات تعليمية و الإعلامية، وتركز في نشاطها على انشاء مؤسسات تعليمية و اعلامية وتجارية، وغالبا تحرص على إقامتها في اطار شراكات مع مواطنين لتحمي نفسها و لتجد من يدافع عنها.
مبينا أن هدف هذه الجماعة الرئيسي هو” استخدام هذه المؤسسات أوكارا للتجسس وتفريخ الجواسيس و الخونة في البلدان التي يتواجدون فيها.” وأكّد العادل أن “تركيا تعلم جيدا لصالح أية أطراف دولية تعمل هذه الجماعة الارهابية.”
وسبق للحكومة الصومالية أن قررت نهاية الأسبوع الماضي, في اجتماع استثنائي، برئاسة “عمر عبدالرشيد علي”، وقف كافة الخدمات التي تقدمها مؤسسة “نيل أكاديمي” التابعة لمنظمة الكيان الموازي، بزعامة المعارض التركي “فتح الله كولن” داخل الصومال.
وأعلنت الحكومة في بيان لها توقيف جميع الخدمات التعليمية والإنسانية لمؤسسة “نيل أكاديمي” استجابة لطلب الحكومة التركية، وأمهلت موظفي المؤسسة أسبوعا لمغادرة البلاد، اعتبارا من يوم الأحد الماضي.
وتتغلغل حركة “الخدمة” التي يتزعّمها “محمّد فتح الله كولن” في مفاصل المجتمع والدولة التركيّين تربويا وثقافيا واجتماعيا ودينيا واقتصاديّا عبر الآلاف من المؤسسات المنتشرة(مدارس وجمعيات خيريّة ومؤسسات إعلاميّة ودور نشر وطباعة وتوزيع) في مختلف ربوع تركيا وخارجها.
ضعف تجاوب المغرب وتونس
وأوضح العادل أن “بعض الدول الافريقية مثل السنغال و مالي بدأو فعلا في اجراءات عملية ضد جماعة فتح الله غولن الارهابية… مقابل ضعف التجاوب من المغرب و تونس.”
وأضاف ” للأسف حتى الآن لا توجد أية اجراءات في المغرب وتونس ، بل نتابع أن هناك أصواتا اعلامية و سياسية تدافع عن جماعة غولن الارهابية بسبب مصالح تجارية لا غير، و هذا سينعكس سلبا على العلاقات الثنائية بين تركيا و أية بلدان لها صلة بجماعة غولن الارهابية”
و رغم انشغال تركيا في هذه المرحلة بأولويات الأمن الداخلي ، فإن القيادة السياسية وجهت جميع مراكز الدراسات و الخبراء برصد المواقف الدولية و العربية خاصة ، حسب قوله. وتابع ” هذا الامر يؤكّد أن الحكومة التركية ستبدأ قريبا حملة واسعة ضد نشاط جماعة غولن الارهابية في أنحاء العالم … وستعمل على مراجعة علاقاتها مع جميع الدول و الأحزاب و الحركات التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة مع جماعة فتح الله غولن.”
ولم يخفي, رئيس المعهد التركي العربي للدراسات الاستراتيجية بأنقرة, امكانية مراجعة تركيا لعلاقتها مع كل من حركة النهضة في تونس و حزب العدالة و التنمية في المغرب، إذا لم تتخذ هذه الاحزاب مواقف إيجابية، وقال في هذا الشأن “اذا اتصل الأمر بالأمن القومي التركي فليس هناك أي استثناء ، واعتقد ان حكومة العدالة و التنمية في أنقرة تجمعها علاقات متميزة مع كل من تونس و المغرب ، ونثق بأن الحكومة التونسية و كذلك الحكومة المغربية وجميع الاحزاب التي لها صلة بجماعة غولن الارهابية ستتخذ موقفا ايجابيا بما يحافظ على مصالح البلدين و يزيد من حجم التعاون و الشراكة ، فالرهان على جماعة غولن الارهابية لا يقبله العقل.”
و تمتلك هذه الجماعة ،في تونس، العديد من المؤسسات منها، مؤسسة البوسفور و مدرسة خير الدين الدولية في العاصمة تونس ، إضافة الى العديد من المؤسسات التجارية والاستثمارات في محافظات تونس و صفاقس و سوسة.
وسارعت حركة النهضة في تونس و العدالة والتنمية في المغرب بإدانة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، مساء الجمعة الماضية، التي نفذتها عناصر محدودة في الجيش، تتبع لما تسمى “منظمة الكيان الموازي” التي يديرها “فتح الله كولن”، حاولت خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان شطري مدينة إسطنبول والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في أنقرة وإسطنبول، وفق تصريحات حكومية وشهود عيان.
وتتهم الحكومة التركية “كولن” بمحاولة خلق هيكل مواز في الشرطة والقضاء والإعلام والقوات المسلحة بهدف الاستيلاء على الدولة، وهي تهمة ينفيها رجل الدين التركي.
وأشار التقرير الصادر عن هيئة الإذاعة والتلفزيون التركي إلى أن جماعة فتح غولن الإرهابية تنشط في معظم هذه البلدان ولديها العديد من المدارس، والمؤسسات المدنية والتجارية والإعلامية مثل مكاتب شبكة وكالة أنباء جيهان وتلفزيونSTV ومجلّة “حراء” إضافة الى مدارس ومؤسسات تجارية بأسماء مختلفة وغالبا تكون مع شركاء محليين.