غولن في الأردن.. تساؤلات عن نشاطات أنصاره ومؤيديه

بات الحديث عن المعارض التركي فتح الله غولن يتصدر مؤخرا شاشات الإعلام وأثير الهواء، ويحجز له مساحات واسعة في الصحف الورقية والإلكترونية، بل وعرفته المجالس في المجتمعات العربية والمحلية بشكل غير مسبوق.
بحيث أنه من لم يكن يعرف عن الداعية المعارض غولن سابقا أصبح يعرفه الآن، ومن كان يعرف عنه شيئا قليلا سارع إلى البحث عنه أكثر للاطلاع على سيرته ودوره ليس في الحياة التركية فقط بل ومساهماته وإنجازاته خارج تركيا.
ما دفع بهذه الشخصية التركية الصوفية إلى واجهة الأحداث وقلبها هو اتهامه من قبل النظام التركي بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل الذي قامت به مجموعة محدودة من عناصر الجيش التركي مساء الجمعة الماضية.
ما يهمنا في الحديث عن غولن وأنصاره ومؤسساته ومنظومته الدولية على امتداد جغرافيا العالم في 6 قارات و160 دولة، هو الوقوف وتسليط الضوء على أنصاره ومؤسساته في الأردن التي يشرف عليها ويقوم من خلالها بنشر أفكاره ومعتقداته.
مدرسة البرج التركية الأردنية
في البحث عن المؤسسات والمنظمات التي تتبع فتح الله غولن في الأردن ولها نشاطات وتحركات خاصة بها، لم نهتد إلا إلى مدرسة واحدة في منطقة خلدا يطلق عليها اسم مدرسة “البرج التركية الأردنية” أو “الحميدية” سابقا، والتي أقدمت وزارة التربية والتعليم على إغلاقها بسبب مخالفتها للوائح وتعليمات مديرية إدارة المدارس الخاصة قبل يومين.
فبحسب مدير إدارة التعليم الخاص أمين شديفات فقد تم سحب ترخيص المدرسة بسبب المخالفات التي ارتكبتها فاقتضى بموجبها معاقبتها، لافتا إلى أنه “تم مخالفة المدرسة سابقا عدة مرات لعدم التزامها بالتعليمات واللوائح والقوانين”، منوها إلى أنه “لا عام دراسي مقبل في المدرسة”.
ووفقا لمصادر صحفية، فإن من يقوم بالجهد والإشراف على المدرسة وتطويرها هما رئيس شركة البرج للتربية والتعليم عزيز كرجان ومدير عام الشكر فائق بكار.
المدرسة ترد: إغلاقنا ليس له علاقة بأحداث تركيا
بالتواصل مع القائمين على هذه المدرسة، اتصلت “أردن الإخبارية” مع مديرها الأستاذ عبد الزراق طويقات الذي بين أن هذه المدرسة تأسست في تسعينيات القرن الماضي على يد شخص تركي يدعى محمد آيدن.
نفى طويقات في حديثه لـ”أردن الإخبارية” نشر أي توجهات أو أفكار خاصة بالمعارض التركي فتح الله غولن من خلال المناهج المدرسية، مؤكدا على أن كل ما يتم تناوله داخل الصفوف المدرسية مناهج أردنية وتوجهات وطنية بحتة بموافقة واطلاع وزارة التربية والتعليم.
وحول وجود شخصيات تركية تقوم على الإشراف والتوجيه داخل المدرسة وفقا لأفكار غولن، قال طويقات إن “كل الموظفين داخل المدرسة سواء إداريين أو معلمين هم أردنيين”، مبينا أن “عدد الموظفين في المدرسة يصل إلى نحو 100 موظف في حين أن عدد الطلبة يبلغ حوالي 500 طالب وطالبة بينهم أبناء وزراء وسفراء وضباط ومسؤولين على مستويات مختلفة”.
وفي توضيح منه لسبب إغلاق المدرسة وفيما إن كان السبب سياسي يتعلق بالتطورات الأخيرة في تركيا، أوضح طويقات أن “إدراج كتاب في مادة الكمبيوتر لم يتم الحصول على موافقة رسمية لتدرسيه داخل المدرسة كان السبب في إغلاق المدرسة”، لافتا إلى أن “المدرسة تلقت إنذارا بذلك في تاريخ 4/4 الشهر الماضي أي قبل اندلاع الأحداث والتطورات الأخيرة في تركيا”.
وبشأن وجود زيارات من قبل جماعة فتح الله غولن للمدرسة، أوضح طويقات بأنه استلم إدارة المدرسة منذ عام فقط وأنه لا يعلم بهذه الأمور وغير مطلع عليها، وأن عمله محصور فقط في الدور التربوي والإداري والرقابي بحكم منصبه الذي يشغله.
وفيما إن كان هناك خططا للتوسع والانتشار، لم يخف طويقات وجود أفكار ودراسات لإنشاء فروع أخرى للمدرسة في مختلف مناطق المملكة.
هل من أنصار لـ”غولن” في الأردن؟
في البحث عن أنصار ومؤيدي وأتباع فتح الله غولن في الأردن، لم نجد إلا رئيس تحرير صحيفة اللواء والأمين العام السابق لرابطة علماء الشام بلال حسن التل قد كتب مادحا ومعجبا بتفكير وإنجازات غولن.
فقد نشر الموقع الرسمي لفتح الله غول مقالا للتل تحت عنوان “أيام الله في تركيا”، ومما جاء فيه: “حقق تيار الخدمة الإيمانية بفضل توجيهات مرشده الأستاذ فتح الله كولن نجاحات باهرة في مجال محاربة الجهل عبر إقامة منظومة تعليمية متكاملة إذ صار الآن لدى تيار الخدمة الإيمانية أكثر من ألفي مدرسة وأكثر من عشرين جامعة تعتبر من أكثر الجامعات تميزا في العالم، هذا غير المدارس القرآنية المنتشرة في تركيا وعلى امتداد جغرافيا العالم”.
وأردف التل الذي شغل عضوية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب بقوله: ” إذا كان نجاح تيار الخدمة الإيمانية في مجال التعليم بقيادة الأستاذ فتح الله كولن يستحق أن ننحني احتراما له، فإن نجاحه الأكثر تميزًا وتأثيرًا يكمن في مجال الإعلام، فقد أدرك الأستاذ الداعية فتح الله كولن مبكرًا وبحكم تجربته التربوية وتفهمه لقضايا ومشكلات مجتمعه، إنه لم تعد الأسرة والمدرسة وحدهما عُنصري التربية الرئيسين للطفل والشباب بل وللرجل والمرأة”.
وواصل التل الذي عمل سابقا مديرا عاما لدائرة الإعلام والعلاقات في رئاسة الوزراء قائلا في مقاله المنشور في العام 2011: “لذلك نجح التيار في خلق وامتلاك منظومة إعلامية متكاملة تقف على رأسها مجموعة زمان التي يعمل فيها أربعة آلاف موظف، منهم ستمائة وخمسون يعملون في المبنى الرئيس لجريدة زمان أكبر الصحف التركية وأكثرها انتشارا، إذ توزع يوميا 930 ألف نسخة في حين أن الصحيفة الثانية في تركيا تطبع 430 ألف نسخة”.
وتابع التل في مدح غولن عبر ما أنجزه في ميدان الإعلام بقوله “مجموعة زمان تمتلك وكالة جهان الإخبارية وهي وكالة أنباء تبث يوميا أكثر من 500 خبر مكتوب بالإضافة إلى مائة خبر تلفزيوني وأكثر من مائة صورة، وهي بذلك تعتبر أكبر وكالة أنباء خاصة في تركيا، ولها مكاتب رسمية في 39 دولة، بالإضافة إلى مراسلين في ستين دولة، تبث أخبارها باللغات التركية والعربية والإنجليزية والروسية”.
إلى ذلك، ليس من المعلوم والمكشوف كم هم أعداد أنصار فتح الله غولن في الأردن، أو كم من المؤسسات والمنظمات يعملون على إدارتها والإشراف عليها، بينما تتساءل أوساط محلية عن علم الجهات المختصة والمعنية بهم وبنشاطاتهم وتحركاتهم إن كانت موجودة.
في حين اعتبر بعض المراقبين أن قرار إغلاق مدرسة البرج التركية رسالة مجاملة أردنية إلى النظام التركي تعبر عن تضامن ورفض لمحاولة الانقلاب الفاشل التي يعتقد أن غولن هو من يقف وراءها ويدعمها بالرغم من ضعف الموقف الرسمي من محاولة الانقلاب.
يذكر أن فتح الله غولن هو من مواليد مدينة أرضروم في شرق تركيا بالعام 1941 وكسب شهرة كرجل دين سني يلقي خطبًا نارية، وأنشأ حركته المعروفة باسم “الخدمة الإيمانية” التي تقوم بالإشراف على مئات المدارس والجامعات والشركات في تركيا وخارجها حيث ركزت في البداية على دول آسيا الوسطى الناطقة باللغة التركية، بينما يعيش غولن الذي يبلغ من العمر 75 عاما في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ العام 1999.
المصدر: أردن الإخبارية