خاصية البث المباشر ليست حديثة في عالم التواصل الاجتماعي، فقد توفرت من خلال تطبيقات عديدة أشهرها “LiveStream”، وكذلك الشركة السويدية “Bambuser” وتم تأسيس كل منهما عام 2007 لتتيح البث المباشر للفيديوهات عبر كاميرات الهواتف وعبر كاميرات الويب، لم تكن برأيي هذه التطبيقات عملية من حيث تجربة المستخدم كفرد، إذ إنها احتاجت من المستخدم إنشاء حساب خاص وكذلك دعوة الآخرين لمشاهدة ما يبثه، أضف لذلك كانت هناك تحديات عديدة تتعلق بجودة البث والصوت، بالرغم من كونها عملية في قطاعات مهنية مختلفة كالمؤتمرات والورشات الكبيرة.
مع تطورات تطبيقات التواصل الاجتماعي، والصعود القوي للفيديو القصير على شبكات التواصل الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر، تحسنت تجربة المستخدم لبث الفيديو المباشر، وأصبحت بمتناول اليد بكل سهولة، إنها الآن مجرد كبسة زر، ليست بحاجة لتطبيقات إضافية تحمل ذاكرة الهاتف العبء.
ظهور خاصية البث المباشر في تطبيقات مثل فيسبوك وتويتر، تعني إتاحة إمكانية البث المباشر من الحدث، دون خضوعه لأي بروتوكالات إعلامية ولا رقابة إعلامية، هذه الخطوة توسع دور المواطن الصحفي، وتجعله ناقلاً للصورة ببث حي ومباشر من زاويته الخاصة، إلا أنه ومن جهة أخرى، فإن مثل هذا النوع من البث يحتم تزويد المواطن الصحفي بأدوات تمكنه من سرد الصورة رقميًا بشكل لا يزوّر الحقيقة، وكذلك تمكنه من البث بأدوات بسيطة، غير باهظة الثمن، متاحة وكذلك سهلة الاستخدام.
ومع ذلك، هناك أهمية شديدة لهذه الخاصية في كل من فيسبوك وتويتر، فالمعلومات حول الأحداث يمكن متابعتها بسرعة أكبر والحصول عليها من مكان الحدث، كما حصل في تركيا خلال محاولة الانقلاب عندما كانت هناك محاولات من قبل الانقلابيين للسيطرة على وسائل الإعلام، كان رد الشعب بشكل عفوي، البث المباشر للمظاهرات في شوارع تركيا، الأمر الذي مكن العالم كله من متابعة الأحداث عبر خريطة فيسبوك التفاعلية للفيديو المباشر.
انتشرت الفيديوهات التي توثق حراك الناس في الشارع، وبالتالي كانت لدينا صورة شبه واضحة حول رؤية عامة الشعب التركي لما يحصل حقًا في الشارع، خلال ما حدث أيضًا، قام مدونون ووسائل إعلام باستغلال هذه الخاصية للنشر، فمن جهة، كانت طريقة سريعة جدًا لا تحتاج مونتاج، ومن جهة أخرى كانت بديلاً عن انقطاع البث الذي حصل في قناة TRT، إذ قامت القناة باستخدام البث المباشر على فيسبوك لتغطية بعض التقارير والمقابلات.
خاصية البث المباشرعلى كل من فيسبوك وتويتر أضف إليها خاصية التصوير 360 تحتم على الصحافيين اليوم وعلى الإعلاميين التقليديين تطوير أدوات تجعلهم متمرسين أكثر في استغلال هذه الأدوات، فعدم تبني مثل هذه التقنيات والتوجس منها سيؤخر برأيي عمل “الإعلام التقليدي”، إذ شاهدنا في نماذج عديدة موت صحف ووسائل إعلامية رفضت اتباع خطوات حداثية في استراتيجية عملها، فلذلك من الضروري من جهة أن تستثمر هذه الأدوات في صالح نقل الحقيقة، ومن جهة أخرى من المهم أن يتم تزويد المواطن الصحفي بأدوات تجعله ينتج فيديوهات مباشرة تسرد الأحداث بشكل يمكن الاعتماد عليه كمصدر أو كشاهد عيان على حدث معين، وبالإضافة إلى كل ما ذكر، فإن خاصية البث المباشر تعزز إمكانية التفاعل ما بين المتابع والحدث بفضل إمكانية التعقيب المباشرة وإعادة النشر.
تبقى لدي بعض التساؤلات حول الخاصية، كيف سيتم الحفاظ على أخلاقيات النشر وعدم انتهاك حقوق الأفراد خلال البث؟ كيف سيضمن الصحفي وكذلك المواطن الصحفي نقله للحقيقة في ظل النشر السريع؟ وأي الأخطار التي من الممكن أن يتعرض لها أصحاب الفيديوهات التي يتم بثها؟