تسعى المملكة المغربية، إلى جذب الأعمال السينمائية الأجنبية إلى بلادها ورفع عائداتها المالية في هذا القطاع، مستغلة في ذلك جمالها الطبيعي ومرونة قوانينها.
واحتضنت المملكة، السنة الماضية، تصوير 79 فيلمًا وثائقيًا و19 فيلمًا سينمائيًا طويلاً و11 فيلمًا قصيرًا و15 مسلسلاً تلفزيونيًا بين أجنبي ومحلي، بقيمة مالية فاقت 40 مليون دولار (الأعمال الأجنبية فقط)، وفق ما أعلنه، الخميس الماضي، مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، فيما شهد المغرب سنة 2014، تصوير 38 فيلمًا أجنبيًا، حيث وصلت موازنة تلك الأعمال إلى 44 مليون دولار.
وتعتبر الصناعة السينمائية من الروافد الاقتصادية المهمة في المغرب، ما دفع إلى وضعها ضمن أولويات الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة، حيث شرع المغرب، مؤخرًا، في تقديم تحفيزات مالية لمنتجي الأفلام الأجانب، الذين يختارون المملكة من أجل التصوير.
281 مليون دولار قيمة الأفلام الأجنبية خلال الخمس سنوات الأخيرة
وتمكنت المملكة المغربية من استقطاب عدة شركات إنتاج عالمية، واستقطبت أفلامًا كان مخططًا تصويرها في تونس أو مصر، وشهد المغرب، في الفترة الممتدة بين 2010 و2015، تصوير 150 فيلمًا أجنبيًا، بقيمة 281 مليون دولار.
واستقبلت مدينة ورززات، التي يطلق عليها هوليود المغرب جنوب شرق البلاد، نحو 19 إنتاجًا سينمائيًا السنة الماضية، وتحتوي مدينة ورزازات على استديوهات بمواصفات عالمية وتوفر أمام صناع السينما جميع التجهيزات والموارد البشرية التي يمكن تصورها.
وترجع أهم الأفلام التي تم تصويرها في المملكة المغربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أفلام فرنسية متوسطة وبعض المسلسلات البريطانية.
ويؤكد المركز السينمائي المغربي (حكومي) الذي يعنى بمنح الرخص لتصوير الأفلام، أن المغرب أصبح خلال 40 سنة أحد أهم مواقع التصوير في العالم، سواء تعلق الأمر بالسينما أو التلفزيون، أو الأعمال ذات الميزانيات الضخمة، أو ذات الميزانيات المحدودة.
استوديو تصوير
يرجع اهتمام المنتجين والمخرجين الأجانب بالتصوير بالمغرب – بحسب المركز – إلى تنوع المناظر الطبيعية، والمساهمة الفعالة لكافة مؤسسات الدولة الرسمية، والتخفيضات التي تمنحها الخطوط الملكية المغربية للنقل الجوي للأشخاص والمعدات.
وقامت المملكة المغربية بإنتاج فيلم وثائقي حول خصوصيات المغرب وقد برمج ليُعرض على 640 قناة أجنبية في 120 دولة.
ورززات: هوليود المغرب
جغرافية البحر والجبل والمجال الصحراوي الممتد والتنوع العرقي والشمس، فضلاً عن مجهودات الدولة لإغراء كبرى شركات الإنتاج، والتراث الشعبي، كلها عناصر تصنع جاذبية سينمائية متميزة للمكان المغربي خاصة في مدينة ورززات.
وززرات تحتضن ثلاثة استوديوهات عالمية
تقع مدينة ورززات التي يوجد بها ثلاثة استوديوهات عالمية، جنوب المغرب عند مدخل الصحراء وعلى سفح جبال أطلس الشاهقة وتتمتع بطبيعة ساحرة تخطف الأبصار، صحاري مترامية وكثبان رملية وواحات وسهول ساحرة، وروجت مدينة ورززات” خلال السنوات الاخيرة نفسها كفضاء لتصوير أفلام هوليودية شهيرة.
مدينة ورززات
وأسهمت الدولة المغربية في إنعاش الاستثمار الأجنبي في المجال السينمائي، خصوصًا ما يتعلق باحتياجات تصوير الأفلام التاريخية وأفلام الحركة التي تتضمن تصوير حشود كبيرة أو جيوش، بحيث فتح المجال أمام إسهام الجيش المغربي، وتم تسهيل إجراءات الاستيراد المؤقت للأسلحة والذخيرة الضرورية لتصوير الأفلام، والحصول على تخفيضات في النقل الجوي وتحديد أسعار رمزية للتصوير بالفضاءات والآثار التاريخية وإعفاءات ضريبية وتسهيل الإجراءات الإدارية.
كما عمد العديد من المستثمرين المغاربة والأجانب إلى تشييد استوديوهات للتصوير مجهزة بأحدث المعدات في كل من الدار البيضاء وورززات.
أهم الأفلام التي احتضنتها المملكة
استقبلت مدينة ورززات تصوير الفيلم العالمي “الإسكندر الأكبر” ويحكي الفيلم الذي يخرجه أوليفر ستون قصة حياة وفتوحات القائد الروماني التاريخي الإسكندر المقدوني، إضافة إلى فيلم المصارع “Gladiator”،, للمخرج ريدلي سكوت الحائز على جائزة أوسكار عام 2001، وفيلم ديفيد لين الشهير “لورانس العرب”، و”جوهرة النيل” الذي قام ببطولته في الثمانينات مايكل دوغلاس وكاثلين تيرنرو، إضافة إلى فيلم المخرج مارتن سكورسيزي عن الدلاي لاما “كوندون”، و” كونجدوم أوف هيفين”، و”إستريكس واوبليكس” و”كليوباترا”، كما صورت مشاهد عديدة من فيلم ريدلي سكوت سقوط الصقر الأسود “Black Hawk Down” في ورزازات وسلا المجاورة للرباط.
فيلم “عطيل” لأورسن ويلز، أول الأفلام المصورة في المملكة
واحتضن المغرب كذلك تصوير الجزء الخامس من “المهمة المستحيلة”، الذي يقوم ببطولته توم كروز، وفيلم “القناص الأمريكي”، كما احتضن تصوير جزء من فيلم جيمس بوند.
 فيلم “لورانس العرب”
يعود أقدم الأفلام التي صورت في المغرب إلى أواخر الأربعينات من القرن الماضي مع فيلم “عطيل” لأورسن ويلز، لتتوالى أفلام كبار المخرجين العالميين، من قبيل “الرجل الذي عرف أكثر من اللازم” لألفريد هيتشكوك و”لورانس العرب” لديفد لين و”الإغراء الأخير للمسيح” لمارتن سكورسيزي و”شاي في الصحراء” لبرناردو برتولوتشي و”غلادياتور” لريدلي سكوت و”الإسكندر” لأوليفر ستون و”أنديجين” لرشيد بوشارب و”بابل” لأليخاندرو غونزاليث أنريتوي وغيرها.
ورغم احتضان المغرب لعملية تصوير العديد من الأفلام الأجنبية في بلادها، فإن قطاع السينما المحلية بالمملكة مازال يعاني من العديد من الصعوبات أهمها تراجع مجموع قاعات السينما في الأعوام الأخيرة إلى أقل من 50 قاعة، تعاني جلها من قدم تجهيزاتها وتقلص عدد روادها.