ما يجري لحواضر العالم الإسلامي هو الأشنع في التاريخ الحديث والقديم على السواء، فما يجري من تدمير للمدن السنية وتهجير لأهلها هو مخطط “غربي – روسي – إيراني” مكتمل الأركان.
فأمام أنظار العالم أجمع وفي ظل حملة إجرامية لا مثيل لها في التاريخ، تهدم حلب عاصمة الثقافة الإسلامية وسط صمت العالم أجمع، العالم الذي لا نسمع صوته إلا عند حادثة دهس هنا أو عملية إرهابية هناك، أما عندما ترتبط هذه العمليات بقتل المدنيين المسلمين فلا مشكلة، حتى الاستنكار والتنديد وقلق بان كي مون لم نعد نسمعه.
ما يجري باختصار أن العالم يريد حماية نظام الأسد، باستثناء بعض الدول الإسلامية والتي هي أقل من أصابع اليد الواحدة، فالهدف من تدمير المشافي والأسواق والمخابز وقتل أكبر عدد من المدنيين “السنة” هو قطع شرايين الحياة في حلب المحررة، وهذه رغبة روسية – أمريكية لحصار الثوار وتهجير مئات الآلاف من المدنيين من مناطق حلب المحررة أي تهجير حاضنة الثوار الشعبية.
فالسكان عند خروجهم سيتوجهون إما إلى مناطق النظام وإما إلى خارج سوريا وقليل منهم من سيذهب إلى إدلب التي تكوى بالقصف ليل نهار، وعند ذهاب هؤلاء لمناطق النظام حيث لا قصف، سيتم إجبار شبابهم على الالتحاق بقوات الأسد (وذلك ما حدث مع الكثيرين على مدار السنوات الماضية)، وكان من المفترض لدى هؤلاء أن ينجح انقلاب تركيا حتى ينفذوا خطتهم القذرة بشكل كامل بالتعاون مع الانقلابيين عندما يسيطرون على الحكم هناك!
الخطير أن الأسد وروسيا ومليشياتهم الإيرانية يحاولون السيطرة على جزء من حلب المحررة ويحاصرون قسم آخر منها، فيما تعمل المليشيات الانفصالية التابعة لوحدات حماية الشعب المدعومة أمريكيا على الاستيلاء على ريف حلب الشمالي، فيما تجري معارك استنزاف للثوار في ريف حلب الجنوبي، وهذا يعني أن المخطط إذًا مكتمل الأركان وإن لم يتحد الثوار في كيان واحد فالعواقب ستكون وخيمة.
ولا شك أن البلدان السنية الرئيسية والتي تبنت الثورة السورية تعلم العواقب الخطيرة لهذا التداعي الأممي على المسلمين السنة في الشام، ولا شك كذلك أنهم يعلمون عاقبة ما يجري من إبادة جماعية ممنهجة في حلب بالذات على أمن المنطقة الاستراتيجي بل وعلى مستقبل المنطقة بأكملها، خصوصًا مع شحن إيران للآلاف من المقاتلين الشيعة تمهيدًا لتوطينهم في سوريا، ولا شك أن تلك الدول السنية لا بد أن ترد دعم فصائل الثورة السورية بكافة السبل، وإلا فهلال “ملالي قم” سيتمدد في قلب المشرق العربي، وعندها عليهم ألا يلوموا إلا أنفسهم.
وقد قالها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من قبل، لن نسمح للسنة أن يحكموا سوريا، وهذا بالضبط ما تفعله روسيا وأمريكا وإيران اليوم في سوريا.