جاء العالم لويس تيرمان في عام 1926 ليقوم بتجربة الأذكياء، والتي أسس من أجلها اختبار الذكاء الموجود حتى الآن وهو ما يعرف باختبار الـ IQ، استخدم تيرمان ذلك الاختبار من أجل اختيار أفضل من كانوا في مجموعته التجريبية، فجاء بعدد من الطلاب من أجل التجربة، وقام باختبارهم، ليحصل في النهاية على 1500 طالب يصل مستوى ذكاء 70 منهم إلى 140 فيما فوق، ليعرفوا بعد ذلك باسم “Termties” نسبة إلى العالم تيرمان.
يطلق اللقب السابق على كل من هم يتمتعون بمستويات ذكاء مرتفع، وهم أيضًا من يتمتعون بمكانة عالية في المجتمع نتيجة ذكائهم، فهم من يحققون الثروة والنجاح، ولكنهم يتمتعون بأعلى معدلات في الطلاق والإدمان والانتحار، فلم يوصلهم ذكائهم العالي إلى مستويات عالية من السعادة كذلك.
إذا كان الجهل نعمة أحيانًا، فهل يمكن أن يكون الذكاء نقمة هو الآخر؟ من الممكن أن يبدو هذا السؤال غريبًا للبعض، فلم قد يكون الذكاء نقمة وهو الصفة التي يتمناها الجميع لأنفسهم ولأولادهم، حيث يبذل الجميع كل الجهد من أجل تبني عادات الأذكياء، واتباعهم في أساليب حياتهم وتطبيقها على أنفسهم، في محاولة للوصول إلى مستوى الذكاء الذي يؤهلهم للوصول إلى مكانة الخبراء والعلماء، إلا أنه هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأذكياء أنفسهم يكرهون تلك الصفة فيهم أحيانًا، فكما قال إيرنست هيمنجواي “السعادة، هي أندر الصفات التي أراها عند الأذكياء”.
يميل نظامنا التعليمي إلى تطوير ذكائنا الأكاديمي، ولكنه في المقابل يحد من الأفق المعرفي لدينا، ولكن لا يزال مستوى الذكاء عندنا هو ما يحدد قدراتنا الإدراكية، وليس ذكائنا الأكاديمي، لذا فنحن نقضي العديد من الساعات نقوم بتنيمة وتطوير قدراتنا العقلية، ولكن ماذا إذا كان الذكاء هو نقمة بحد ذاته على الأذكياء أنفسهم؟
1- الذكاء حمل ثقيل
الذكاء هو حمل ثقيل على الأكتاف، هذا ما يعبر عنه معظم الأذكياء حينما يتم سؤالهم عن شعورهم تجاه الذكاء بشكل عام، فيندر أن يعيش أي منهم طفولة طبيعية، لا يعني هذا أن الطفولة تكون مشوهة، بل تكون غير ملائمة لسنه، فتجد الطفل الذكي يختلف عن أقرانه، ويجدوه هم مختلف عنهم، ولا يحبون التواصل معه، نجد على ذلك أمثلة من الحياة الواقعية، فقد التحقت أعجوبة الرياضيات “صوفيا يوسف” بجامعة هارفرد وهي في عمر الثانية عشر، وقت يكون آخر هم أقرانها هو الحصول على لعبة إلكترونية جديدة!
2- الذكي يفكر أكثر مما يشعر
لا يميل الأذكياء إلى حل مشاكلهم عن طريق المهارات العاطفية، حيث يجد الأذكياء طريقة معينة في تسمية وتعريف مشاعرهم عن طريق البلاغة اللفظية، إلا أنهم لا يجدون راحة في التعبير عنها باستخدام المهارات العاطفية، كما تجد أن الأذكياء يقلقون بمعدل يتضاعف عن المعدل الطبيعي، فالقلق المستمر صفة من صفات الأذكياء، كما أنهم يشعرون بالقلق المبالغ فيه في اليوم، ربما عن مشاكل يومية، أو ربما بسبب أمور دنيوية أو طبيعية، فإذا حدث شيء سلبي خلال اليوم، تجدهم يقلقون بشكل يزيد عن الآخرين.
يميل الذكي إلى التفكير في كل شيء وأي شيء، فهو يريد أن يصل إلى الحكمة الوجودية وراء كل مفهوم ووراء كل معلومة، فالذكي لا يجد معنى محددًا وثابتًا لكل شيء، وهو ما يدفعه للبحث الدائم عن إجابات، وهو ما يدفعه أحيانًا إلى الجنون.
3- بقع سوداء في العقل
التعبير السابق هو تعبير مجازي للطريقة التي يتبعها الأذكياء في اتخاذ القرارات، فوجدت الدراسات أن اتخاذ القرارات لا يعتمد كليًا على مستوى ذكاء الفرد، ولذا تجد أن قرارات الأذكياء تكون اعتباطية في أغلب الأحيان ويمكن وصفها بالحمقاء، وذلك لأنهم يتمتعون بما يسمى “التحيز الأعمى”، وهو ما لا يجعل الأذكياء يرون أخطاءهم ويعترفون بها، حتى ولو كانت لديهم قدرة عالية في انتقاد الآخرين وكشف أخطائهم لهم، إلا أنهم لا يستطيعون فعل نفس الشيء مع أنفسهم.
4- أنت تدرك أنك مازلت لا تعرف الكثير
يكون الذكاء نقمة عندما تزيد معرفتك، حينها فقط تدرك أنك لازلت لا تعرف الكثير، هناك دراسة علمية أثبتت أن كلما قل ذكاؤك كلما زاد تقديرك المبالغ فيه لقدراتك المعرفية، والعكس صحيح، فتجد الأذكياء يقللون من قيمة قدراتهم المعرفية، ويطمحون دومًا في المزيد.
5- الذكي لا يدرك قيمة العمل الجاد
ليس بالضرورة أن يقود الذكاء إلى النجاح، فيعتمد الذكي على قدراته العقلية في إنهاء المهام، فهو معتاد على جعلها في أكثر صورة مميزة، وهو ما يجعله ينسى دور التطور في حياته، فربما يشعر الذكي أنه ليس بحاجة لتعلم شيء جديد، وبهذا يمكن للذكي ألا يحافظ على مستوى ذكائه، وهو ما يحدث لكل ذكي يكتشف قدراته العقلية في عمر مبكر، حينها يشعر بأنه لا يحتاج للعمل الجاد بعد الآن، وهذا ما يمكن أن يدفع الأذكياء إلى خسارة المكانة التي يحتلوها في المجتمع، فقد أثبتت الدراسات أن الأذكياء لا يعملون بطريقة جادة كافية تمكنهم من الوصول إلى ما يريدون في الحياة.