تبدو تركيا اليوم شعبا وحكومة غير تركيا الأمس، فالجميع غير مستعدٍّ للعودة ولو خطوةً واحدةً للخلف. والكلُّ يتطلّعُ إلى تركيا الجديدةِ التي طالما حَلُمَ أردوغان بتشييدها هو ورفاقه منذ بضعةِ عقودٍ. فإثر عمليّةِ الانقلابِ التي شهدتها تركيا في الـ 15 من شهر يوليو الجاري. خرج الأتراكُ أحرارًا وبصدور عارية مُلَبِّيين نداء رئيسِهم متلقّين ومتقبّلين أن يكونوا عرضة للقنص أو الموت على يد الانقلابيين المهمّ ألاَّ تعود تركيا مسرحا لبعض “الظلاميين” أو لسيطرة الجيش أو المنظمات الارهابية خفيّةً كانت أو معلنةً.
وعلى إثر العمليةِ الانقلابيةِ التي تمّ وأْدُها منذ ساعاتها الأولى بظهور رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وخروج الشعب مساندين له. قامت السلطات التركية بعمليّات تطهير في عديد من المؤسسات الرسمية للبلاد. وحسب آخر إحصاءات وردت في تصريح لأردوغان أن ثلاثة عشر ألفا ومائةً وخمسةٍ وستّين شخصا تمّ اعتقالهم للاشتباه في ضلوعهم في المحاولة الانقلابية. بينهم جنرالاتٌ وحكامٌ وضباطٌ من الشرطة وجنودٌ ومدنيونَ.
التغيير
هذا الوضع يؤكّد لنا أنّ تركيا تمرّ بفترة هي الأصعبُ والأقوى في الوقت نفسه طيلة فترة حكم حزب العدالة والتنمية. فالأمر لم يكن مجرّد “تصفية حسابات” مع متورّطين في انقلاب عادي، بقدر ما هو تغيير منظومةِ حكمٍ إلى جانب البنية الفكرية للبلاد من الجذور. بدْءًا بالمؤسسات الرسمية وصولا للمؤسسات الخاصّة.
وإلى الآن تستمرّ عمليّات التطهير و”الكنس” كما يحلو للبعض وصفها وبدرجة متصاعدة ومتتابعة ممّا يدلّ على جهوزيّة السلطات التركية لهكذا أحداث، خاصّة مع دخول البلاد في حالة طوارئ حدّدها رئيس الجمهورية مع مجلس الأمن القومي بثلاثةِ أشهر. وقد أكّد أردوغان أنّ إعلان حالة الطوارئ هي حالة مدنية لفرض الأمن والاستقرار في البلاد وتسهيل ثم تسريع عملية التوقيفاتِ والتحقيق التي شملت وستشمل كلّ قطاعات الدولة الحيوية وقطاعات المجتمع المدني.
شملت عمليات التغيير كلاًّ من المؤسسة العسكرية والقضائية التعليمية والصحية، ومن ناحيتها أعلنت رئاسة الوزراء عن عزمها إعادة هيكلة الجيش وقطع صلته بالسياسة إلى جانب إلغاء الحرس الرئاسي بعد ثبوت تورّطه في الانقلاب. ووضع رئاسة أركان الجيش تحت لواء وزارة الدفاع. إلى جانب إغلاق الكليّات الحربية لانتمائها لجماعة غولن ولأنّها هي نفسها من تخرّج دفعات الجيش.
إثر الانقلاب كان عمل الدولة التركية منظما وواضحا فمنذ اللحظات الأولى للانقلاب وجّه الاتهام لجماعة فتح الله كولن “جماعة الخدمة” كضالع أساسي ووحيد في العمليّة الفاشلة. أمر أعلنه أردوغان ويعمل الإعلام على إثبات ذلك بكشف كلّ ما يتعلّق بالتنظيم الموازي لجماعة الخدمة وكلّ تحركاتهم، والبحث في أدلّةِ تَورُّطِهِم. لكن أمر الانقلاب هو أعمق من استفراد حركة جماعة فتح الله كولن به خاصّة مع وجود الجيش والاستخبارات وتنظيم أرغينكون الذي لم يقضِ عليه في تركيا نهائيا.
جماعة الخدمة
ويعتبر اتهام جماعة الخدمة بتنظيم الانقلاب أمرًا لا لُبْس فيه خاصة مع عديد الأحداث التي جدّت منذ بدأ أوّل خلاف بين حزب العدالة والتنمية الحاكم مع الحركة. إثر تصريح فتح الله كولن معقّبا على حادثة “مافي مرمرة” حيث ندّد بمحاولة “خرق حصار غزّة” دون استشارة الطرف الاسرائيلي. ثمّ محاولة التحقيق مع رئيس جهاز الاستخبارات والذراع اليمنى لأردوغان “حاقان فيدان” على خلفية اتصالات سرية مع حزب العمال الكردستاني. تلتها قضيّة الفساد والرشوة في 17 من ديسمبر /كانون الأول سنة 2013 بعد اعتقال الشرطة التركية لعشرات المتهمين، من بينهم أبناءُ ثلاثةِ وزراءَ ورجالَ أعمالٍ بارزين مقرّبين من رئيس الوزراء وقتها “رجب طيب أردوغان” ومسؤولون بحكومات محلية.
وتصاعد الخلاف أكثر في الأيام الأخيرة بسبب القانون الذي أقرته الحكومة التركية بإلغاء قانون مراكز المذاكرة والامتحانات الخاصة “الدرسهانه” وتحويلها إلى مدارس تعليمية خاصة تعمل وفق المناهج التربوية الحكومية.
ولنفهم تفاصيل الخلاف وطبيعته أكثرَ كان لِزامًا العودة لمعرفة جماعة الخدمة وأصولهم. والتي تعتبر أكبرَ مجموعات ”جماعة النور” المنتسبة للشيخ سعيد النورسي “الأب الروحي لها” وصاحب “رسائل النور”، التي ألفها ولكن المطّلع على هذه الرسائل يجدها لا تحدد مواقف أو أهدافا سياسية واضحة لكنها تدعو إلى ضرورة الارتباط الوثيق بالله، وتؤكد على البعد التربوي والروحي للإنسان. فجماعة الخدمة ظاهريا هي حركة صوفية بالأساس لا تملك في السياسة شبرا ولا باعا، وما خفي منها هو الأهمّ.
وقد قام بتشكيل نواتِها الأولى أوائلَ عام 1970 الداعية التركي فتح الله غولن بمدينة إزمير وحوّل أفكار النورسي من رسائل إلى جماعة دينية. ثمّ تحوّلت من حركة داخلية إلى حركة لها أتباعها ومناصروها في الداخل والخارج وصلت هذه الحركة إلى ذروتها في الاجتماع الذي تم عقده في الفاتيكان بين فتح الله وبين البابا إثر دعوة البابا لـه. وأصبح للحركة بعدًا عالميّا خاصّة مع حرصها على الحوار بين الأديان والمصالحة مع أمريكا والغرب الأمر الذي لم تطبّقه مع الدول العربية أو حتى مقاربة للحركات الإسلامية أو ما يعرف بالإسلام السياسي في المشرق والمغرب.
واليوم كلّ مؤسسات الجماعة ستسحب منهم باعتبارهم يمثّلون “النظام الموازي” وستنتقل تباعا تحت وصاية الحكومة التركية. فحركة “الخدمة” خدمت نفسها قبل أن تخدم بلادها أو دينها عبر عديد المؤسسات التي تمثّلها نذكر منها 1500 مؤسسة تعليمية، ومؤسساتٍ اقتصاديةً مثل بنك آسيا، الذي أغلقته السلطات إثر محاولة الانقلاب الفاشلة، وتملك عديد المنابر الإعلامية منها وكالة جيهان الإخبارية، 6 قنواتٍ تلفزيونية، 3 إذاعات وعددٌ من الصحف على رأسهم صحيفة زمان وهي من الصحف الأوسع انتشارا في تركيا والأكثر محاربة لأردوغان والنظام الحاكم. وتملك مؤسساتٍ وشركاتٍ ومراكزَ ثقافية في قرابة 140 دولة وفي مجالات عدّة.
فالدّارس لجماعة الخدمة أو المقترب منهم ومن أفكارهم يتعجّب من هذه المتناقضات الغريبة لحركة صوفية تفصل السلطة أو السياسة عن مجال عملها. حتى ترفض مجرّد العرض في أن تكون حزبا سياسيا له وجود قانوني ويشارك في المشهد السياسي التركي عبر صندوق الاقتراع مثل أي حزب منظم. وفي الوقت نفسه تمتلك من معايير القوّة ما يجعلها نظاما موازيا بامتياز. ممّا يؤسس لمفهوم جديد للإسلام السياسي الذي يعمل خفية وقد ذهب البعض إلى تشبيهها ب”الحركة الماسونية العالمية السرية”. وقادرا في الوقت نفسه على القيام بانقلاب والسيطرة على نفوذ القوى.
من ناحية أخرى خلقت هذه الحركة في تركيا ومن خلال شبكتها التربوية والتعليمية نخبة من المحافظين الجدد فلا تكاد تخلو مؤسسةٌ رسميةٌ تركية من جماعة غولن سواء كانوا قادةً منهم أو بالأساس هم طلبة نشؤوا وترعرعوا على أفكارها وفي مدارسها ومؤسساتها لدرجة الموالاة الكاملة لها أكثر من السلطات الحاكمة وأكثر من الموالاة الدينية نفسها. وهذا يدعّمه قول غولن الذي يرى “أنّ الغالبية العظمى من قواعد الشريعة تتعلق بالحياة الخاصة للناس، فيما الأقلية منها تتعلق بإدارة الدولة وشؤونها”، وأنه “لا داعي لتطبيق أحكام الشريعة في الشأن العام”.
تنظيم أركينغون يورّط الجماعة
زاد الغموض الذي غلّف قضية أرغينكون التي بدأت في العام 2007 واعتُقِل على إثرها مئات المدنيين والعسكريين بلغ 275 مائتين وخمسٍ وسبعينَ شخصا بتهمة الانتماء إلى مجموعة إرهابية مزعومة وتسعى إلى إطاحة الحكومة. وانتشرت في الأوساط التركية وفي صفوف الجيش والقضاء ومختلف مفاصل الدولة أنباءٌ عن وجود تنظيم سري يسعى للوصول إلى الحكم وإبعاد العدالة والتنمية.
وحسب التحريات التي قامت بها النيابة العامة في تركيا فقد كان في صفوف أولئك المتآمرين أعضاء من الجيش والقضاء والجهاز الإداري وكذلك شخصيات من الدوائر الاقتصادية والإعلام، وقد حاولوا بوسائلَ إرهابيةٍ، عبر التفجيرات التي تقع في تركيا من هنا وهناك، استفزازَ الجيش ليقوم بانقلاب عسكري يطيح بنظام الحكم. الذي كان مخططاً له سنة 2009.
ورغم أنّ الدولة ألقت القبض على الكثير من المتورّطين في التنظيم بل وأصدرت أحكاما “أصدرتها المحكمة الجنائية العليا الثالثة عشرة في اسطنبول في 5 آب/أغسطس 2013 تراوحت بين 12 و34 سنة وصولا إلى المؤبّد” إلاّ أنّه من المؤكّد أنّ عددا منهم بقَوْا أحرارً وكانوا من المشاركين أيضا في انقلاب ال15 من هذا الشهر.
وترجّح الغالبيّة أنّ عملية أرغينكون كانت “عمليةً استخباراتيةً خططت لها وكالة الاستخبارات الأمريكية وأمر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بالشروع في تنفيذها، ونفذتها جماعة فتح الله كولن” جاء هذا على لسان قائد الأركان الأسبق إلكار باشبوغ بعد براءته من تهمة أرغينكون. في حين أكّد البعض أنّ العمليّة كانت خدعة من جماعة فتح الله غولن قاموا من خلالها بإجراء “عملية استئصال” داخل الجيش التركي وتعويضها بجنرالات جدد موالين للجماعة. هم أنفسهم من تولّوا عمليّة الانقلاب اليوم. وقد بدأت ملابسات الانقلاب والضالعين فيه من الدّاخل والخارج تنكشف يوما بعد يوم.
المنظمة العسكرية
في مقابل الحرب التي شُنّت سواء الإعلامية منها أو الميدانية على حركة كولن نلاحظ عدم التركيز على دور الجيش كمؤسسة مستقلّة سبق وأن قادت البلاد إلى أربعة انقلابات. رغم أنّ أكبر نسبة اعتقالات كانت في صفوف المنظمة العسكرية بعدد تجاوز 7423 عسكريا بعد الانقلاب بأيام قليلة . ولا يخفى على أحد أنّ هذا يتنزّل تحت المحافظة على سمعة الجيش والبقية الباقية من هيبته بعد أكثر من نصف قرن من الانقلابات المنظّمة يقودها ضدّ حكومات منتخبة. إلى جانب أهميّة دوره في حلف الناتو ومواجهة حزب العمّال الكردستاني والحرب على تنظيم الدولة “داعش” على الحدود مع سوريا.
خاض الجيش أربعة انقلابات شهدتها الدولة التركية منذ الستينات إلى الآن كان البطل فيها فئة قليلة من المنظّمة العسكرية كان آخرها سنة 1997 . وقد نسب الانقلاب إلى جماعة سرية في الجيش ذات جذور كمالية تسمى باتي كاليسما جروبو “جماعة دراسة الغرب” على حكومة نجم الدين أربكان. ويعتبر حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان وليد هذه الفترة. ورغم فوزه في الانتخابات سنة 2002 إلاّ أن حكومته لم تكن تجرؤ على التغيير الجذري الذي يباشره اليوم في المنظمة العسكرية حتى تقوّي نفوذ الدولة ومؤسساتها على حساب الجيش المسيطر آنذاك.
وطيلة حكم حزب العدالة والتنمية وعلى مدى سنوات كان يعمل على تقليل صلاحيات الجيش بطريقة أو بأخرى. لاسيّما مع شروط الانضمام للاتحاد الأوروبي. واليوم إثر الانقلاب الفاشل تتاح الفرصة لحكومة رجب طيّب أردوغان ويسلّمه الجيش بنفسه وعلى “طبق من ذهب” الفرصة التي كان ينتظرها طويلا. ولعلّ إعلان أردوغان اجتماع مجلس الشورى العسكري الخميس المقبل لأول مرة في القصر الرئاسي بدلا عن مقرّ هيئة الاركان هو تصريح غير مباشر لإكمال سعيه في إصلاح المنظومة العسكرية، بل وتغيير تركيبته وبنيته الفكرية.
هذه المنظومة التي ضلّت طيلة عقود ملتزمة بالجذور الكمالية نسبة إلى “كمال أتاتورك”، وراضخة لفكره. الأمر الذي يجعله في قطيعة دائمة مع السياسة والسياسيين في تركيا. وبقائه منعزلا من ناحية البنية الفكرية عن التطورات الهائلة التي مر بها المجتمع التركي منذ تأسيس الجمهورية إلى اليوم. بل إنّ المدقق في تاريخ وأحداث الانقلابات التركية، يلاحظ أن منبتَها وسببها الرئيسي هو الشرخ الواضح بين الساسة والجيش. الأمر الذي جعل الأصوات تتعالى بعد المحاولة الأخيرة، لضرورة إحداث تغيير في العقيدة العسكرية وبنيته.
من ناحية أخرى لم يقع الإشارة إلى جهاز الاستخبارات التركي إثر الانقلاب لكنّ كلمة أردوغان بأنّه اتصل برئيسها “هاكان فيدان” ليلة الانقلاب فلم يتلقّ ردّا منه. إلى جانب إعلانه أنّ صهره هو الذي أخبره بوجود انقلاب وليس جهاز مخابراته الذي من المفترض أن يكون أوّل العارفين بالأمر، وأوّل المسؤولين عن إخبار الرئيس والحكومة وتنبيهها.
مشاهد لا تنسى
هذه التغييرات التي يعيشها المشهد التركي على مرأى ومسمع العالم كلّه يجعل البلاد تتصدّر وسائل الإعلام وحديث النّاس في كلّ مكان. الانقلاب فاشل كان أولى ضحاياه رئيس الجمهورية رجب طيّب أردوغان. وكان المشهد الانقلابي سيكتمل بهذا المشهد. فإذ بالسحر ينقلب على الساحر ويصبح صانعوه هم أوّل ضحايا الديمقراطية الحديثة التي رسمها حزب العدالة والتنمية عبر مشروع تركيا لسنة 2023 ، مشاريع عملاقة في البنية التحتية ولتطوير المؤسسة التركية لتبلغ أحسن مستويات تؤهّلها للدخول في الاتحاد الأوروبي.
ولعلّ بعض المشاهد التي ستبقى عالقة بالأذهان أنه ولأوّل مرّة في العالم يبدأ الانقلاب ببيان في مؤسسة إعلامية حكومية بعد سيطرة الجيش على مبنى “تي ري تي ” وينتهي في مؤسّسة إعلامية خاصّة بل ومعارضة عبر محادثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ممّا يجعل المعارضة اليوم في تركيا تعتبر المشارك الرسمي في الإطاحة بالانقلاب سواء عبر أحزابها أو عبر جماهيرها وإعلامها.
الشعب التركي نفسه الذي استقبل دول الربيع العربي سواء اللاجئين منهم أو الناشطين للتعبير عن قضاياهم بدءا من سوريا وليبيا ومصر وصولا إلى اليمن، يعيش اليوم نفس أجواء الانتفاضات العربية. ولكن الفرق الوحيد بين الحالتين أنّ تركيا انتفضت للدفاع عن سلطة منتخبة تتمتع بكافّة المشروعية الدستورية، بينما شعوب الربيع العربي تريد تغيير الأنظمة “الفاسدة” لديها التي تتحصّل على 99,99 من الأصوات المزوّرة والمتغيّبة أصلا في انتخابات صوريّة أشبه بمسرحية “الوان مان شو”.
ولعلّ البعض كان متعجّبا قبل هذا الانقلاب من التحوّلات في السياسة الخارجية التركية خاصّة بعد إسقاط المروحية الروسية. منها إرجاع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي عبر اتفاقية قوبلت بالرفض والاتهام من الجانب التركي قبل العربي. ثمّ رسالة الاعتذار لروسيا التي عادت على إثرها العلاقات التركية الروسية إلى مجاريها وبصفة أقوى جعلها من أولى الدول المساندة لها رفضا للانقلاب. ولاسيّما التلميحات لتجديد العلاقات مع نظام السيسي “المنقلب” بمصر أو نظام الأسد “القاتل” بسوريا.
كلّ هذه التغييرات توضّحت مراميها إثر الانقلاب الفاشل وكان عنوانها الأساسي : محاولة للخروج من العزلة الدوليّة ومن أثر الضربات الإرهابية التي عانت منها تركيا طيلة هذه السنة وربّما كانت ضربة المطار الأخيرة هي الصادمة. لكن توقيت الانقلاب سارع بتهدئة هذه التحركات الخارجية لتدرك السلطات التركيّة أنّ التغيير الدّاخلي لمنظومة البلاد هو الأهمّ. وأنّ أعداء الخارج لن يكونوا أقوياء إلاّ بمساندة داخلية. بل ربّما كانت الحركات والتنظيمات الدّاخلية هي المتسبّب أيضا في تلك الضربات.
حقائق عديدة ستنكشف خاصّة في فترة التطهير والتغيير الذي تعمل عليها السلطات التركية. إلى جانب الشعب الذي يملأ الساحاتِ والشوارع محتاطين لعودة أيّة بذرة انقلاب أو تمرّد من هنا وهناك.