تأسست شركة ياهو الأمريكية في العام 1994 وأصبحت شركة رسمية في بعد ذلك بعام، ويوجد مقرها في وادي السيليكون – كاليفورنيا الحاضن الرئيسي لشركات التقنية والتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
نشطت الشركة في عدة خدمات على الإنترنت منها خدمة البريد الإلكتروني ياهو ميل وبرنامج المحادثة والتراسل الفوري ياهو مسنجر بالإضافة لاعتمادها على تزويد الزوار والعملاء بخدمة الأخبار المتنوعة عن السياسة والاقتصاد والرياضة والترفيه والثقافة والطقس وأمور مختلفة أخرى.
في ذلك الوقت لم خدمات الإنترنت يزخر بالكثير من الشركات المنافسة كما هو الوضع الآن، فاستحوذت ياهو على حصة سوقية كبيرة إلى جانب شركة مايكروسوفت وصنفت من أكثر المواقع زيارة على الإنترنت في العالم حيث بلغ موسط الزيارات شهريًا 130 مليون زائر بينما بلغ متوسط زيارات صفحات شبكة ياهو العالمية 3.4 مليارات زيارة يوميًا منذ أكتوبر 2007.
ولكن فيما بعد تأسست شركة غوغل كشركة خاصة محدودة في العام 1998 ومن ثم أصبحت شركة مساهمة كبيرة في العام 2004 كما انتشرت شعبية شركات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك الذي فتح أبوابه أمام الجميع في العام 2006 ووشركات أخرى مثل توتر وغيرها. ورويدًا رويدًا بدأت شركة ياهو تخسر من شعبيتها للشركات المنافسة الأخرى مع استمرار تطوير تلك الشركات لخدماتها وميزاتها بشكل يجذب الناس أكثر من الخدمات التي توفرها ياهو، وبدأت الشركة تسجل خسارات متلاحقة وانخفاضات في عوائد سهمها في البورصة
انحسار في شهرة الشركة وخسارات متلاحقة
عانت شركة ياهو من انخفاض في معدلات نمو سهم الشركة في البورصة وتقلص عائداتها الموزعة على المساهمين وهذا كان سببًا كافيًا لدى المساهمين من التململ من إدراة الشركة وتشكيل ضغط عليها بهدف رفع سعر السهم في البورصة من جهة وتحقيق عائدات أعلى من جهة أخرى، من خلال إيجاد استراتيجيات جديدة للخروج من الوضع المتردي الذي منيت به الشركة.
حيث أعلنت الشركة عن نتائج فصلية مطلع العام الجاري تكبدت فيها خسائر إجمالية تقدر ب 4.44 مليارات دولار أما سهم الشركة في البورصة فإن السهم منذ العام 2014 يتراجع من أعلى مستوى وصل إليه عند قرابة الخمسين دولار ليصل قرب 35 دولار في الوقت الحالي. وتبعًا لتلك النتائج فقد انخفضت القيمة السوقية لأحد أكبر شركات التكنولوجية في الولايات المتحدة إلى أكثر من النصف.
أعلنت الشركة عن نتائج فصلية مطلع العام الجاري تكبدت فيها خسائر إجمالية تقدر ب 4.44 مليارات دولار
استراتيجية جديدة للشركة ولكن!
استجابت المديرة التنفيذية لمطالب السوق والمستثمرين وأعلنت عن استراتيجية جديدة في شهر فبراير/شباط الجاري تضمنت خفض القوى العاملة لديها بنسبة 15% علمًا أن من يعملون في الشركة بدوام كامل يقدر عددهم 10,700 موظف وحوالي 800 متعاقد وقرار تخفيض عدد العمالة يعني التخلي عن ما بين 1500- 1700 وظيفة. وبحسب استراتيجية الشركة فقد أعلنت أنها تهدف لإن يكون عدد موظفيها نهاية العام الحالي يقرب من 9 آلاف موظف فقط و ألف متعاقد.
كما تضمنت الاستراتيجية دراسة فصل حصتها في شركة علي بابا الصينية في شركة منفصلة تتبع لها وإغلاق خمسة مكاتب لشركة ياهو في العالم موجودة في كل من دبي، ومكسيكو، وبوينس آيرس، ومدريد، وميلانو. وتخفيض التكاليف التشغيلية للشركة بقيمة 400 مليون دولار في نهاية العام الحالي 2016 وتضمنت الاستراتيجية الجديدة أيضًا تحسين منصاتها الخاصة بمستخدمي ياهو لجذب المعلنين والتركيز أكثر على إعلانات الهواتف المتحركة التي تأخذ حيزًا كبيرًا من أرباح شركات التكنولوجيا، وفي النهاية التخلص من قرابة مليار دولار من الأصول الغير استراتيجية التي تمتلكها الشركة.
الاستراتيجية أو ما سمي بإعادة هيكلة الشركة آنذاك قضت بإعادة هيكلة المجموعة بتركيز منتجاتها المتوجهة إلى الجمهور العريض على ثلاث منصات هي محرك البحث ياهو وبريد ياهو وياهو تامبلر والتركيز على أربعة مجالات رئيسية هي الأخبار والرياضة والمال والمجتمع، فضلًا عن إعطاء الأولوية للأسواق النامية أكثر.
ولكن، إيرادات الشركة في الربع الأول من العام الحالي انخفضت بمقدار 99 مليون دولار لتصل إلى 1.09 مليار دولار علمًا أنها تكبدت خسارة كبيرة في الربع الأخير من العام الماضي وصلت إلى 4,434 مليار دولار بسبب انخفاض قيمةالشهرة لاسم شركة ياهو. كما كشفت ياهو عن خسائر فصلية في الربع الثاني من العام الحالي بلغت 440 مليون دولار مقابل 22 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وفيما يخص عائد سهم الشركة في البورصة فقد تباين بين الربح والخسارة من سنتين لكل سهم في الربع الأول ليبلغ أعلى خسارة لها في الربع الرابع من العام الماضي حيث بلغت الخسارة على العائد 4.7 دولار واستطاعت تقليص تلك الخسارة إلى عشرة سنتات في الربع الأول من العام الحالي.
إلى اللقاء ياهو!
منذ الشهر الماضي والشركة تتلقى العديد من العروض للتخلي عن النشاطات الأساسية لها وهي الخدمات الإلكترونية بحسب الاستراتيجية الخاصة بها لتحسين أداء سهمها والعائد الخاص به بعد سلسلة من الخسارات المتتالية التي لحقت بالسهم.
وقد كشفت وسائل إعلام أمريكية عن عروض قدمت للشركة تتراوح بين 3.5 – 5 مليارات دولار وكان من أبرز المرشحين عملاق الاتصالات الأمريكي “فيرازون” الذي يملك مجموعة “إيه أو أل” للإنترنت، التي اشترتها الشركة مقابل 4.4 مليار دولار في العام الماضي.
وبالفعل تمت الصفقة فقد أفاد سوق الاستحواذ عن استحواذ شركة فيرازون على نشاط الانترنت الرئيسي في شركة ياهو مقابل 4.83 مليار دولار نقدًا باستثناء الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وحصص شركة ياهو التي تملكها في شركات أخرى.
وبهذا تكون هذه الصفقة نهاية شركة ياهو في خدمات الانترنت ولم يتبقى للشركة سوى حصة ال 15% التي تمتلكها في شركة علي بابا للتجارة الإلكترونية في الصين بالإضافة لحصة في شركة ياهو كورب اليابانية بنسبة 35.5%. حيث تم تقدير قيمة استثمارات ياهو في كلا الشركتين بنحو 40 مليار دولار.
ومن جهة الشركة المستحوذة فيرازون فإن صفقة ياهو ستعزز أنشطة الإنترنت “إي أو أل” من خلال الاستفادة من أدوات تكنولوجيا الإعلانات الموجودة عند ياهو فضلًا عن أصول أخرى مثل البريد الإلكتروني ومحرك البحث وخدمة التراسل الفوري.
ماريسا ماير- المديرة التنفيذية لشركة ياهو
وبهذا تكون ياهو فقدت بريقها الذي تمتعت به في وقت ما حيث كانت تتربع في القمة بعدما اعتبرت أول من أطلقت خدمة المحادثات الفورية في ياهو مسنجر ومحرك البحث الذي كان قد استحوذ على حصة سوقية كبيرة وخصوصًا في فترة التسعينيات وكان الموقع الوحيد الذي يمد الأسواق بالأخبار السياسية والاقتصادية والفنية والرياضة والترفية وغيرها، وقد بلغت قيمة الشركة السوقية في ذلك الوقت 140 مليار دولار بينما وصلت الآن قيمتها إلى 37 مليار دولار فقط وما تم بيعه لشركة فيرزن بقيمة 4.83 مليار دولار.
بلغت قيمة شركة ياهو السوقية في وقت ازدهارها 140 مليار دولار بينما وصلت الآن قيمتها إلى 37 مليار دولار فقط.
ولعل أبرز أسباب خفوت نجم ياهو؛ بروز منافسين كبار نافسوا على خدمات ياهو في الإنترنت كغوغل محرك البحث الأشهر والأقوى في العالم، وزاد هذا ظهور شبكات التواصل الاجتماعي الفيس بوك والتويتر وبهذا بدأ الناس يتابعون الأخبار من خلال شبكات التواصل وليس عن طريق ياهو أضف لذلك برامج المحادثات الفورية أصبحت من خلال تطبيقات سهلة وعديدة ومن عدة شركات فأغلب شركات التكنولوجيا وفرت هذه الخدمة وبشكل منافس كما في الفيس بوك وغوغل وسكايب وغيرها من البرامج، وأما فيما يخص مشاهدة المحتوى فقد سحبت يوتيوب وديلي موشن وغيرها البساط من ياهو وصعبت عليها مهمة المنافسة في هذا المجال كثيرًا.
وبهذا تحولت ياهو من شركة تربعت على القمة يومًا ما إلى شركة تبحث عن مشتري لها ولخدماتها بسبب عدم قدرتها على المنافسة أمام شركات التكنولوجيا في السوق.