عانت إيران الأمرّين من شدة العقوبات الأممية على الدولة التي طالت كل القطاعات وجعلت إيران تعيش في سنوات عجاف طوال السنوات الماضية حتى أعلن عن الاتفاق النووي الإيراني مع دول الخمسة+1 والذي بموجبه رفع العقوبات المفروضة على طهران منذ عقود ويسمح لها بتصدير واستيراد أسلحة مقابل منعها من تطوير صورايخ نووية وقبولها زيارة مواقها النووية من قبل الهيئات الدولية، حيث بدء سريان الاتفاق منذ بداية السنة الحالية 2016 بعد توقيع الاتفاق منتصف العام الماضي 2015.
ففي فترة العقوبات الأممية عانى الاقتصاد الإيراني من مشاكل كبيرة أثرت على الإنتاج المحلي ورفعت من مستويات التضخم إلى أرقام عالية أدت إلى تآكل القيمة الشرائية للعملة وغرق الاقتصاد المحلي بالركود وحرمان الاقتصاد من تحقيق معدلات نمو وبالتالي انخفاض في الاستثمارات وفرص العمل وارتفاع في معدلات البطالة والفقر والفساد.
وبحسب البيانات الرسمية فإن الاقتصاد الإيراني بعد رفع العقوبات عنه يحتاج إلى ضخ 30- 50 مليار دولار من الرساميل الأجنبية لتحقيق التنمية التي تستهدفها الحكومة في الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو تصل إلى 8% سنويًا. والجيدر بالذكر أن الأوضاع الاقتصادية في إيران لم تتحسن بعد الاتفاق النووي ورفع الحصار العقوبات عن طهران.
فضيحة الرواتب الفلكية
أشارت العديد من التقارير الإعلامية المحلية والدولية حول فضيحة الفساد في إيران والتي تتعلق بكبار الموظفين والشخصيات المقربة من الحكومة في العديد من المؤسسات المالية الرائدة في البلاد، يتقاضون رواتب تقدر بعشرات آلاف الدولارات شهريًا، وهذا يعتبر رقم فلكي في إيران مقارنة بمستوى الرواتب في البلاد.
وقد خرجت مظاهرات كبيرة في العديد من المدن الإيرانية ضد الفضيحة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وإنفاق الحكومة على دعم ميليشاياتها المقاتلة في سوريا والعراق ولبنان ومناطق أخرى.
يبلغ متوسط الراتب الشهري للموظف الإيراني 400 دولار
وقد أدان آية الله علي خامنئي هذه الرواتب الفلكية وحث على العمل بحزم ضد كل من يتقاضى هكذا رواتب أيًا كانت المؤسسة التي يعمل بها، كما سعت المعارضة لاقتناص هذه الفرصة ضد الرئيس الحالي حسن روحاني ووضع اللوم عليه الذي تولى منصبه في العام 2013 ووعد بالقضاء على الفساد ومحاربته وتعهد بجعل الحكومة أكثر شفافية، ودعى كذلك بإجراء تحقيق شامل حول الفاسدين ومصادر الفساد في البلاد علمًا أن الكثير من المسؤولين وكبار الموظفين كانوا يتقاضون رواتب فلكية في تلك الفترة.
يقدر عدد الموظفين في إيران ممن يعملون في القطاع العام ب 8 مليون موظف ويبلغ متوسط الراتب الشهري للموظف الإيراني 400 دولار، وبحسب وسائل الإعلام المحلية فقد تناقلت أسماء كبيرة من كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني ورؤساء لبنوك تابعة للدولة وبعض السياسيين فقد تم اعتقال الرئيس السابق لبنك ملت الإيراني وأحد نوابه الأسبوع الماضي، واستقال مدير صندوق التنمية الوطنية سيد صفدر حسيني وجميع معاونيه على خلفية الفضيحة حيث نقل أن راتب حسيني وصل إلى ما يعادل 17 ألف دولارشهريًأ وقد ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه وافق على إعادة 140 ألف دولار للدولة.
راتب سيد حسيني مدير صندوق التنمية الوطنية وصل إلى ما يعادل 17 ألف دولارشهريًأ
وقد أدت الفضيحة المدوية بعد تسريب تفاصيل رواتب العديد من الشخصيات في الدولة إلى استقالة رجالات عديدة في مناصب رفيعة المستوى في الدولة وتم اعتقال العديد منهم على خلفية الفضيحة، حيث استقال أربعة مسؤولين تنفيذييين من البنوك المملوكة للدولة ومن صندوق الثروة السيادية لإيراني الذي يمتلك ما يقرب من 80 مليار دولار. كما واستقال رئيس مصرف “رفاه” الذي كان يتقاضى راتبًا بحدود 60 ألف دولار شهريًا بحسب ما جاء في موقع سكاي نيوز عربية.
وقد طالت الشائعات بأن كبار المسوؤلين في الحرس الثوري الإيراني يتقاضون أيضًا هكذا رواتب عالية، في حين نفى المتحدث رمضان شريف ما قال عنها شائعات حول تقاضي كبار من الحرس الثوري رواتب عالية. وقال أن تلك الشائعات تتحول إلى جدل سياسي، ووصف أن لك الرواتب الضخمة تؤذي شرعية النظام ويجب اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه القضية، كما ورد على وكالة بلومبيرغ الإخبارية،
تحاول الحكومة أن تحد سقفًا لرواتب الموظفين التنفيذين في الدولة كمحاولة لامتصاص الغضب الشعبي من جراء فضيحة الرواتب الفلكية. حيث تم تحديد الحد الشهري لرواتب رؤساء السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية وكبار الموظفين التابعين للحكومة عند 3200 دولار، بينما سيتم تحديد الرواتب الشهرية للموظفين غير الحكوميين عند 6200 دولار حسب ما ورد على لسان نائب الرئيس محمد باقر نوبخت أمس الثلاثاء 26 يوليو/ تموز الجاري.