أمام إحدى خيم مخيم “كوركوسك” للنازحين السوريين في محافظة أربيل شمالي العراق، تجلس بروين حسن، ذات الثمانية عشر ربيعا، تخط بقلمها كلمات تسرد بها مذكراتها وقصصها الحزينة، التي مرت بها في رحلة نزوحها من وطنها سوريا على ملجئها في العراق.
“أسوأ شيء صار معنا، هو انتقالنا من الشام إلى العراق، كنت مقبلة على التقديم للبكالوريا، لإكمال دراستي ومن ثم للالتحاق بالجامعة، لكن كل هذا تبخر، تركنا كل شيئ ونزحنا عن بلادنا.. هربا من الموت”، تقول الفتاة السورية بروين حسين، محدثة وكالة الأناضول، من أمام خيمتها، عن أسوأ قصص مذكراتها، ثم تضيف: “جئنا إلى مكان لا نملك فيه شيئا سوى هذه الخيمة التي منحوها لنا”.
وتضيف بروين، محاولة رسم ابتسامة على وجهها: “في البداية، تملكنا الملل من هذا الوضع لأنه لا يوجد أي شيء في المخيم سوى الجلوس وانتظار نهاية اليوم ليبدأ اليوم التالي، بنفس الأحداث، لكن الآن بدأنا نعتاد هذه الحياة، ونحاول التأقلم معها، فأجتمع مع فتيات في مثل عمري في الخيمة ونحاول أن ننسى همومنا بتبادل الأحاديث”، وتواصل الحديث: “وفي ساعات الليل الطويلة “نجلس جنبا إلى جنب مع إخوتي بحثا عن الدفئ.. لأننا لا نمتلك سوى بطانية واحدة لا تكفينا جميعا.. والطقس شديد البرودة ليلا”.
وأصعب ليالي بروين في المخيم، هي تلك الليلة التي هطلت فيها الأمطار بغزارة، فتبللت ملابسها وملابس الجميع بمياه المطر، وكما أن المخيم لا يحتوي على مدفأة فإن خيمتهم ككل الخيام لا تحتوي ملابس إضافية، وتقول بروين عن تلك الليلة: “كان البرد شديد، وملابسنا كلها مبللة، وكتبت يومها: أصعب شيئ على الإنسان أن يصبح بين ليلة وضحاها بدون أي شيء، وكتبت أيضا: عندما كنت في الشام كان عندي منزل فيه مدفئة تحمينا من برد الشتاء ولكن هنا لا يوجد شيء، ونحاول أن نواصل حياتنا بالحفاظ على بعضنا لبعض في ظروف قاسية جدا”.
وتتكون أسرة بروين من خمسة شقيقات وفتى واحد، ويعمل والدها بمحافظة دهوك، التي تبعد عن المخيم نحو 250 كم، ولذلك فهو لا يستطيع الحضور إليهم سوى مرة واحدة أسبوعيا ومعه ما جمع من مال يمنحه للأم ليكفي بالكاد شراء المأكل فقط ، ويعاود الرحيل إلى مكان عمله.
ورغم ما تعيشه من مأساة لكن الفتاة السورية لم تفقد الشعور بالأمل في غد أفضل، تقول عنه: “ندعو من رب العالم أن يجعل بلدنا آمنا حتى نرجع لبيوتنا، وأنا أريد أن أكمل دراستي، أريد أن أصبح طبيبة حتى أعالج المرضى وأساعد المحتاجين الذين لا مأوى لهم”.