تقوم الأونروا بتمديد سن التقاعد لموظفيها حتى 62 سنة بدلًا من 60 سنة، وهذا التمديد يحرم الأجيال الشابة من حقهم في الحياة الكريمة، ليظل عجائز الأونروا يتمتعون بالمزيد من الوقت والمزيد من المال على حساب المزيد من الشباب الذين لا يجدون فرصة عمل، إذ بلغ معدل البطالة في قطاع غزة نسبة 51.5% وفق معلومات جهاز الإحصاء الفلسطيني.
قد يناسب تمديد سن التقاعد تلك الدول التي انخفضت فيها نسبة المواليد، وتلك الدول التي حققت مزيدًا من الرخاء الاقتصادي، وزادت فيها نسبة كبار السن إلى الحد الذي يستوجب استثمار خبرتهم وطاقتهم، ولكننا في فلسطين نعاني من نقص في نسبة كبار السن، فقد بلغت نسبة الأشخاص المسجلين على قيد الحياة بعد سن الستين 4.5% فقط من مجمل السكان، وفق أرقام جهاز الإحصاء المركزي، في الوقت الذي أظهرت النتائج أن نسبة الشباب الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي بكالوريوس فأعلى، بلغت 13% من مجموع السكان.
ولما كانت الوظائف محدودة، والشواغر محدودة، وفرص العمل ضيقة، والرزق في الأونروا مقدر على عدد محدود من الوظائف، فلماذا يصير تخصيص شريحة العجائز التي تبلغ نسبتها 4.5% بمزيد من العمل في الوقت الذي يتم تجاهل شريحة الشباب التي تبلغ نسبتها 13%، مع العلم أن عجائز الأونروا الذين يمدد لهم سنتين هم أناس قد عملوا في حياتهم بما فيه كفايتهم، ولديهم مدخرات توفير لدى الأونروا قد تصل في بعض الأحيان إلى مئات آلاف الدولارات، وهذه مبالغ تساعد المسنين على تدبر شؤونهم على أقل تقدير، وتساعد الطامحين على إقامة مشاريعهم الخاصة إن كان لديهم فائض قوة وقدرة وطاقة وعطاء.
لقد تم تمديد سن التقاعد حتى 62 سنة بطلب من اتحاد موظفي الأونروا، وهو مطلب تناغم مع الأطماع الشخصية لبعض المسؤولين الذين حلموا بكتابة كتابهم على مقاعدهم الوظيفية، ونسوا حق الأجيال الشابة في الحياة مثلهم، ليتناغم مطلب التمديد هذا مع سياسة الأونروا، التي يهمها عدم الالتزام بعقود عمل جديدة مع الأجيال شابة، فسارعت رئاسة الأونروا إلى الموافقة على التمديد، بل وعملت على التمديد البغيض لبعض أتباعها حتى سن تجاوز 65 عامًا في خطوة مشينة، لم تلق رفضًا قاطعًا من اتحاد موظفي الأونروا.
وإزاء تفاقم عدد الخريجين، وسوء الأحوال المعيشية للشباب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عامة، فإن الواجب الوظيفي والوطني والإسلامي والإنساني والأخلاقي يقضي بأن يتحرك اتحاد موظفي الأونروا سريعًا، وأن يطالب الأونروا بتعديل سن التقاعد من 62 سنة إلى 60 سنة فورًا، وما دون ذلك الإجراء العاجل، فإن حمية الشباب الخريجين، ومصلحة العاطلين عن العمل قد تدفعهم إلى التكاثف والاعتصام أمام مقرات الأونروا، والمطالبة بحقهم في العمل والحياة، وسيجدون كل الشعب الفلسطيني قد وقف من خلفهم، وساند اعتصامهم السلمي.