ألقى المشرح للانتخابات الرئاسية الأمريكية عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب الخطاب الأطول في تاريخ الحزب الجمهوري الأمريكي، وهذا الخطاب لم يساعدنا كثيرًا على أن نكتشف طريقة سياسته الخارجية في حال أصبح رئيس الولايات المتحدة.
جميع ما تحدث به ترامب خلال المؤتمر الصحافي، قاله بشكل سابق بأنه سيلغي الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران لاعتباره بأن بلاده الخاسر الأكبر من هذا الاتفاق، وأنه لن يساعد حلفاءه كالمملكة العربية السعودية إلا بمقابل.
ولو افترضنا فعلاً أن هاتين الركيزتين في برنامج ترامب عند الفوز ليستا سيئتين، وشعرت من الكثيرين أنهم سعداء بتوجه ترامب، لاسيما بعد تهديده بإفشال الاتفاق النووي مع طهران، ومن جهتهم أنه حتى لو لم يتم إلغاء الاتفاق لن يكون مستعدًا لتطبيقه.
هل حقًا لدى ترامب توجه سياسي يختلف عن الرئيس الحالي باراك أوباما حيال إيران وبقية قضايا منطقة الشرق الأوسط؟
الحقيقة لا ندري عن توجهاته ونواياه واهتماماته والمحيطين به، وهل حقًا لدى دونالد ترامب توجه مغاير تمامًا عن الرئيس الحالي أوباما، تجاه إيران ومنطقة الشرق الأوسط؟ الحقيقة لا نعرف ذلك أيضًا.
ولا أعلم إن كان أحد يعرف عنها، ترامب قطع شوطًا مرهقًا وطويلاً خلال السباق الانتخابي، وفاز بترشيح الحزب الجمهوري، ولم يتبق إلا أقل من أربعة أشهر لتنتهي الانتخابات وتحسم المعركة بينه وبين منافسته هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي.
كلينتون نعلم عنها الكثير وعن توجهاتها وآرائها والعاملين لديها، وهناك تاريخ طويل لديها من الممارسة السياسية والمشاركات والتصريحات التي ساعدتنا كثيرًا على اكتشاف ما ستكون عليه خلال الأربعة أعوام المقبلة، بطبيعة الحال لن نتوقع بأنها متحمسة للتعاون مع طهران، ولا الاتفاق النووي، ولكن لن تعرقله واحتمال أن تحقق عليه سياسة إقليمة أكبر وأوسع.
ولكن سنرفع سقف توقعاتنا بأن تكون أقل حماسًا من جورج دبيلو بوش وأكثر حيوية من الرئيس الحالي باراك أوباما.
المرشح الجمهوري إن فاز بالانتخابات وأصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، قد ينحاز مع منطقة الشرق الأوسط ضد إيران ويرجع سياسة لجم وإخماد النظام الإيراني التي كانت موجودة قبل فوز الرئيس أوباما، وربما يعزز قوة حلفائه بالمنطقة، وربما ينفتح على إيران ويفعل العكس ويقدم لها ويمنحها أكثر مما منحها الرئيس أوباما.
ترامب عندما يبدأ بالحديث عن القوة العسكرية لأمريكا مقابل دعم أي حليف من دول الخليج لا يشعر أن كل العلاقات التي استمرت لنحو 70 عامًا، قامت على المصالح السياسية البحتة ولم تكن من باب الأعمال الخيرية أو العلاقات الشخصية.
الولايات المتحدة كدولة عظمى ديمقراطية لها مصالحها المنتشرة في جميع العالم وبقدر ما تقدم تأخذ أيضًا، وهذا ديدن العلاقات السياسية التي تقوم على المصالح والقليل من الأيدولوجيا.
ورغم ما يصرح به ترامب من توجهات ضد المسلمين بأمريكا وغيرها، وكذلك ضد المواطنين ذوي الأصول الإسبانية، فإنها لا تشعر الكثيرين بالشرق الأوسط بالغضب، فدائمًا ما عودتنا الولايات المتحدة خلال انتخاباتها السياسية على ذلك.
ما يتحدث به ترامب يقوله كافة المسلمين الآن بصوت واحد، لأن العالم يحتاج فعلًا إلى مزيد من التعاون للقضاء على الإرهاب بكافة أطيافة واستهداف مصالحه ومصادره وهذه مصلحة مشتركة.