ترجمة وتحرير نون بوست
نُشرت، مؤخرًا، دراسة تبين أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” منتشرة بشكل مدهش وغير متوقع على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وهو ما ساهم في تأجيج الكراهية الدينية والعرقية.
يجمع بين تويتر وإنستغرام وفيسبوك، رابط مشترك، فهي مواقع اجتماعية شديدة القوة باعتبار أن الملايين من المستخدمين الناشطين ينشرون آراءهم وصورهم ويتواصلون من خلالها مع العالم.
ومع نهاية العام 2013، كان للفيسبوك 1.23 مليار مستخدم، من بينهم 757 مليون مستخدم يومي، وفي هذا الفضاء المتنامي، تكثر المجتمعات الافتراضية والمجموعات التي تنشر الكراهية، مستخدمة هذه المنصة لنشر العنف والإسلاموفوبيا والعنصرية ومحاولة خلق بيئة افتراضية عدائية.
فبعد موت النائبة في البرلمان البريطاني جو كوكس، التي قتلت على يد شخص يحمل خلفية يمينية متطرفة ومساندة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سجّل ارتفاع في حالات العدائية والعنف الموجهة ضد المسلمين.
وفي الوقت ذاته، كان لردود الفعل المعادية للإسلام انعكاسًا سلبيًا أدى إلى خلق حالة من التوتر في بيئة المسلمين الافتراضية والحقيقية، فمثلاً، بدأت ألمانيا، التي استقبلت الآلاف من اللاجئين في العام 2015، تشهد انتشارًا لخطاب الكراهية على شبكة فيسبوك.
وفي هذا الإطار، قال الرئيس التنفيذي للفيسبوك مارك زوكربيرغ، أثناء لقاء له مع المستشارة أنجيلا ميركل: “لم يكن هناك مجالاً لخطاب الكراهية على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك وفي مجتمعنا أيضًا، إلا أنه ظهر، مؤخرًا، في ألمانيا، وأعتقد أن سبب ذلك هو أننا لم نقم بالجهد الكافي لمقاومته ولكننا سنسعى إلى التصدي له في المستقبل”.
ويقول الدكتور عمران اوان، أستاذ ملحق في علم الجريمة وخبير في المشاكل المتعلقة بالإسلاموفوبيا والكراهية عبر الواب، إنه بصفته أكاديمي ويملك حساب عمومي على تويتر، وليس على فيسبوك، أراد أن يختبر دور جرائم الكراهية والإسلاموفوبيا في الفيسبوك، اختبرت الدراسة التي أشرف عليها 100 صفحة فيسبوك مختلفة ومنشورات وتعليقات، وتوصل إلى أن 494 حالة خاصة على الواب تحمل خطاب الكراهية ضد المجتمعات المسلمة.
وأضاف هذا الدكتور قائلاً: “بالنسبة لي، كانت النتيجة التي توصلت إليها إجابة واضحة عن سبب تجريح وذم المسلمين على الواب، كما أن منشورات مستخدمي فيسبوك تظهر المواقف السلبية، والتمييز، والقوالب النمطية، والتهديدات البدنية والتحرش على الواب، وهي محركات فاعلة لتغذية الكراهية العرقية والدينية والعنف والإجراءات المجحفة لأنها تسخر وتروع الأفراد والمجموعات”.
وتتلخص أنواع العنف المستخدم التي سجلها عمران اوان في خمس جدران للإسلاموفوبيا ويمكن تقسيمها كالآتي:
– المسلمون الإرهابيون
– المسلمون المغتصبون
– المرأة المسلمة تهديد أمني
– الحرب بين المسلمين و”نحن”
– يجب ترحيل المسلمين
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر أصناف العنف هي “المرأة المسلمة تهديد أمني” بسبب لباسها، من ثم “يجب ترحيل المسلمين”، ثم “المسلمون الإرهابيون” ثم “الحرب بين المسلمين ونحن” وأخيرًا “المسلمون المغتصبون”.
كما كشفت الدراسة أن مفردات عدائية مثل “الجرذان”، و”باكي” أي القادم من مستعمرة باكستان سابقًا، و”مغتصبو الأطفال”، و”المغتصبون”، و”القذرون”، و”الحثالة” كانت من بين أكثر المفردات العشرين المستخدمة في وصف المسلمين في نقاشات الواب، وقد كان لهذه التعليقات الصادمة دور كبير في بعض الأحداث، مثل تلك التي وقعت بـ “روثرهام” وفضيحة “تروجن هورس” ومقتل الجندي البريطاني لي رغبي.
كما ساهمت هذه الأحداث، من ناحية أخرى، في تنامي العنف حول العالم خاصة في أمريكا وأستراليا اللتان عرفتا انتشارًا واسعًا للتعليقات الأكثر تداولاً على بعض صفحات فيسبوك مثل “حظر الإسلام في أستراليا” و”حظر الإسلام في أمريكا”، وقد كشفت الدراسة أن الرجال أكثر نشرًا للخطاب العنيف بنسبة 80%، والمثير، أيضًا، أن الأحداث العالمية والإقليمية والمحلية لها تأثير مباشر على تطلعات الشعوب وردود فعلهم على الواب.
عرض بعض أمثلة من العنف الموجه ضد المسلمين على فيسبوك
ونقلت الدراسة أبرز التعليقات التي تحمل طابعًا عدائيًا وعنيفًا ضد المسلمين، ومنها العبارات التالية:
– “كيف يحتفل المسلمون الحثالة بالعيد؟”.
– “أتمنى أن يغرب هؤلاء الباكستانيون عن وجوهنا”.
– “باكي اللعين، اقتلوهم جميعا. اقتلوهم جميعًا لقد غادروا بلدانهم ليتسللوا إلى بلداننا ويتكاثروا مثل الأرانب ويعيشوا على أموال دافعي الضرائب ثم يطالبون بقوانين الشريعة وبناء المساجد، إن كانوا يريدون الإسلام ومنشآته فليغربوا عن وجوهنا، يبحثون عن حق اللجوء في بلداننا بعد أن قتلوا وأرعبوا قواتنا، اجمعوهم في جزيرة وحاصروهم من ثم دعوهم يقتلون بعضهم بعضًا، عليهم اللعنة”.
وفي محاولة منه للحد من هذه الظاهرة، وقع فيسبوك، أخيرًا، على “مدونة جديدة لقواعد السلوك” مع الاتحاد الأوروبي والتي تنص على مراجعة وحذف خطاب الكراهية من المواقع الأوروبية في مدة لا تتجاوز 24 ساعة.
ومن المؤكد أن مراقبة هذه المجموعات الجديدة ونشاطاتها مهم جدًا، لأن ما تنشره خطير ويمكن أن تكون له عواقب وخيمة على التماسك المجتمعي.
وعلاوة على ذلك ونتيجة للأرقام الجديدة التي تظهر تزايدًا في العنف الموجه ضد المسلمين على الواب، فإن هناك حاجة ملحة لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا في المواقع الاجتماعية.
ويجب التذكير بأن هذه الدراسة تهدف، أساسًا، إلى معرفة صورة المسلمين في مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك، وبالنظر في النتائج المتوصل إليها، يبدو جليًا أنه تم وضع أحكام مسبقة عن المسلمين، وهو ما رفَع من نسب العنف المادي الموجه ضد المجتمعات المسلمة، ويقول الدكتور “اوان” أن ما يخشاه هو أن تستخدم هذه المجموعات والمجتمعات على الواب هذه الأحكام لتبرير، بل ولزيادة ممارسة العنف البدني على الجاليات المسلمة.
كما تجدر الإشارة إلى أن ندرة المواد التي يمكن أن تتسبب في جرائم حقيقية على شبكة الإنترنت لا يعني أنها بالضرورة غير قانونية في المملكة المتحدة.
وغالبًا ما يرتبط مفهوم الحرية بالتعبير الحر، وهو ما يجعل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية ينشرون تلك المواد بتعلة أن القانون الدستوري يكفل لهم الحق في ذلك، ولكن هذا الحق يجب ألا يتعارض مع حق الآخرين في عدم التعرض للتخويف والعنف.
ومن خلال هذه الحقائق التي كشفتها هذه الدراسة، تبين أن “الإسلاموفوبيا”، على موقع فيسبوك، منتشرة بشكل لا يصدق، كما تستخدمها العديد من المجموعات والأفراد من أجل إشعال نار الفتنة الدينية والعرقية.
المصدر: ميدل إيست آي