وتبرز العديد من هذه الشعوب وتشتهر بالعنف وغالبا ما تكون المجتمعات البدوية كما يقول المختصون في التاريخ والتحليل النفسي بأنهم اشد عنفا وبطشا لأنهم بطبيعة حالهم يمرون بظروف صعبة ومريرة من الجوع والعطش ونقص الثمرات لمعيشتهم ولنقص الحشائش والكلأ لمواشيهم ففي هذه المجتمعات وكما يقول المختصين في المجال التاريخي والتحليل النفسي؛ “غالبا وفي المجتمعات البدوية “القاسية” لن تجد الرقة والرأفة فراغاً تملأ سلوكيات هذه المجتمعات، والشعوب التي تعيش تحت القهر والحرمان أكثر تقبلاً للعنف واقل استهجاناً له من غيرها من الشعوب التي لم تعرف القهر والحرمان أو تلك التي تعيش في كنف الحب والرحمة والمودة”
وفي كتب التاريخ القديمة والحديثة تذكر المجتمعات والقبائل التي كانت في سالف الأزمان بأنها؛ “كانت تغزو لإثبات القوة والنزعة الأنانية فقط، و كما يذكر التاريخ الكثير من الشعوب التي ارتكبت أبشع الجرائم بسبب نظرية خاطئة أو قطعة ارض بواد قد يكون أحياناً غير صالح للزراعة! أو بضعة غنيمات وعشيبات متفرقة”، و يستمر العنف حول العالم منذ مئات السنين عبر الزمن مرورا بالعراق بخريطته الصغيرة من هذا العالم الكبير، فهو بمجتمعه يعتبر من المجتمعات القديمة في التاريخ وهو من أهم المناطق في الشرق الأوسط بحكم موقعه وخليط مجتمعه وقدرة وطاقة أبنائه على كل شيء !
في هذا المكان الصغير من العالم حيث يكون “العراق” بلد الرافدين كما نعهده ويعهده الجميع بلدا صالح لكل شيء !! وللأسف الشديد نراه اليوم ومنذ أكثر من عقد من الزمن بلدا منتجا للفتن وللماسي تزداد يوما بعد يوم، و بلدا معطاء للمصائب لسكانه، وليس هذا فحسب بلهو مصدر خوف وقلق لمن يجاوره، وفي نفس الوقت يكون لمن يجاوره نصيب من هذه المتدهورات على ساحاته وارض وطنه! هي فتن وتدهور امني وانفلات وتطورات أخرى كثيرة تتصاعد حدتها يوما بعدا يوم، و يكون العراق اليوم بحدوده الجغرافية السياسية منها والدينية والعقائدية مكان للتدهور الأمني والانفلات الغير مسبوق في كل جوانبه
أقولها وبكل مرارة؛ يعتبر العراق هذا البلد الرهيب من البلدان التي تحكمها العقلية المذهبية والطائفية فــفيه ما زالت فتنة التعصب الطائفي حية موجودة على ارض الواقع ليومنا هذا فمنذ انتقال الخلافة إلى الكوفة وابتداء الصراع الإسلامي يشتد فيما بينه بدأت العقول تستحم وتغتسل بماء الطائفية والتعصب والنفوس بالحقد والكراهية، و كما يقول علماء العقائد والملل الذين يصفون العراق بأنه البلد الأكثر تعصبا وتخندقا للطائفية المقيتة، وفي نفس البلد، وفي نفس المجتمع العراقي لم يعد خافياً على أحد بأن تركيبة هذا المجتمع اصطبغت فيما وراء الحرب الأمريكية بصبغة ثقافية عقلية، ومذهبية وعرقية. فلم يكن المجتمع العراقي مجتمعاً موحد في دينه وسياسته كما كان قبيل الغزو الأمريكي للبلد، فأصبح هذا المجتمع متعدد الثقافات والمذاهب التي يقاتل بعضها الأخر في صورة اشد بشاعة من مناظر العنف وسفك الدماء، إذن وبعد هذا الغزو الهمجي والفكري بدأ العراق في رحلة بشعة وقاسية يعاني ويقاسي منها اشد إيلاما من أي عقد مضى من فقدان التجانس الاجتماعي والمذهبي بين أبناء شعبه !
ففي هذا الشهر الفضيل شهد العراق موجة غير مسبوقة من العنف كان أخرها؛ في بغداد والبصرة والمثنى و واسط حيث شهدت هذه المناطق تفجيرات متعددة الأساليب وبطاقة هجومية كبيرة حيث كانت التفجيرات هذه بـ17 سيارة ملغومة في يوم واحد فقط!! أسفرت هذه التفجيرات إلى سقوط الكثير من الشهداء والجرحى بين صفوف أبناء الشعب العراقي، ليصل عدد الضحايا من هذه التفجيرات إلى أكثر من 800 شهيد طيلة أيام شهر رمضان! وعن عدد الجرحى والمنكوبين لا تسل أحدا ! فالجرح والألم الذي يعانيه المنكوبين لا يستطيع إن يعبر عن إحداثه ومجرياته احد من البشر ! وقبل هذه المناطق كانت محافظة ديالى تعاني ولا زالت تعاني من ويلات التفجيرات والقتل الممنهج ولم يسلم من هذا العنف حتى بيوت الله ومساجده ومعابده، فبصورة من العنف تلم كل معاني البشاعة تنام وتصحو الكثير من المناطق العراقية !
طبيعيا وراء كل كارثة يمر بها الشعب العراقي تبدأ البيانات بالشجب والاستنكار، وعن آخر التطورات والتدهورات الأمنية في البلد التي وصفها البعض بالكارثة استنكر العديد من المنضمات الدولية و الشخصيات السياسية والدينية عالميا ومحليا واصفين الوضع بالخطير والمأساوي، و لم يقتصر الأمر على هذه المنضمات والشخصيات فقط، فالاتحاد الأوربي الذي لا يفلح في قضايانا بسىوى الشجب والاستنكار أدان ما حدث واستنكر مجريات الحوادث العنيفة في البلاد
في هذا الشهر وفي ختام أيامه، يصبح ويمسي العراقيين كعادتهم على أصوات التفجيرات والمفخخات بصورة عنيفة وبشعة ومؤلمة، ضحايا هذه التفجيرات غالبا وفي كل مرة لا تستهدف طائفة بعينها وإنما تستهدف خليط المجتمع العراقي بأسره، هكذا هي الصورة قاتمة يتمنى العراقيين أن تغير ألوانها ورسومها إلى صورة مشرقة من الأمن والأمان، وعسى ان يكون ذلك بدعوة صادقة في أيام الله المباركات !