تطرح محاولة الانقلاب الفاشلة في جنوب السودان عددا من الأسئلة حول مستقبل السودان.
يعتقد خبراء سودانيون أن الوضع في جنوب السودان مفتوح على ثلاث سيناريوهات كلها ليست في صالح الخرطوم وذلك بعد أسبوع من فشل الإنقلاب عسكري وما تبعه من نزاع مسلح بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه المقال رياك مشار الذي إتهمه الاول بالتخطيط للإنقلاب.
وكانت قد اندلعت في جوبا، الأحد الماضي، اشتباكات عنيفة بين وحدات تابعة للجيش الشعبي (الجيش الرسمي)، قال سلفاكير إنها تعود لمحاولة “انقلاب فاشلة” خطط لها نائبه المقال رياك مشار، وقادة أخرون بحزب الحركة الشعبية الحاكم.
وبينما نفى مشار تهمة الانقلاب، امتدت الاشتباكات إلى ولايات جنوبية أخرى؛ حيث سيطرت قوات موالية له، حتى مساء السبت، على ولايتين على الأقل، هما ولايتي جونقلي والوحدة على الحدود مع شمال السودان، والأخيرة أهم ولاية جنوبية حيث تنتج غالبية النفط الجنوبي الذي يمثل نحو 98 % من إيرادات الدولة الوليدة.
وأقال سلفاكير في يوليو/ تموز الماضي مشار، وهو ما رده مراقبون إلى نزاع الرجلين حول الترشح باسم الحركة الشعبية الحاكمة للانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2015 .
وأعلن مشار رسميا بعيد إقالته عزمه الترشح للرئاسة.
وينتمي سلفاكير لقبيلة “الدينكا” ومشار لقبيلة “النوير”، وهما أكبر قبيلتين في جنوب السودان؛ حيث تلعب القبيلة دورا محوريا في الحياة السياسية.
يقول آدم محمد أحمد، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري بالعاصمة السودانية: “الخرطوم هي التي ضغطت على سلفاكير لاتخاذ قرارات أدت لتوتير الوضع في جنوب السودان كشرط لتحسن العلاقة وتصدير نفط الجنوب، لكن يبدو أن هذه القرارات ستأتي بنتائج عكسية”
وأضاف: “الوضع في جوبا مفتوح الآن على ثلاث سيناريوهات كلها ليست في صالح الخرطوم؛ أولها: عقد تسوية بين طرفي النزاع تعود بموجبها الوجوه المعادية للخرطوم، والثاني هو استمرار النزاع المسلح وصولا للإطاحة بسلفاكير خصوصا أن أبناء قبيلة النوير الموالون لمشار هم الأكثر عددا وكفاءة داخل الجيش الشعبي”.
والسيناريو الثالث، بحسب الخبير السياسي، هو دخول البلاد إلى فوضى شاملة، ينتشر معها السلاح، وتمتد إلى المناطق الحدودية التي تشهد نزاعا بين الجيش السوداني ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال، بجانب المناطق التي تنتج غالبية النفط في الشمال والجنوب وهي مناطق حدودية.
وكانت العلاقة متوترة بين البلدين منذ الانفصال، قبل أن تتحسن في يوليو الماضي بعد أن حل سلفاكير حكومته وشكل أخرى جديدة رأت الخرطوم أنها خالية من الوجوه المعادية لها، وشرع الطرفين في تنفيذ تسع إتفاقيات تعاون بعد أن تعثر تنفيذها عدة أشهر بسبب انعدام الثقة.
وأبرز الوجوه التي أبعدها سلفاكير هي الأمين العام للحركة الشعبية الحاكمة باقان أموم وكبير المفاوضيين مع الشمال، الذي يتهمه الرئيس السوداني الجنوبي الآن بالتخطيط للانقلاب مع مشار.
وشملت قرارات سلفاكير أيضا وهو برتبة فريق أول في الجيش الشعبي إبعاد عشرات الجنرالات المتشددين حيال العلاقة مع الخرطوم، ومتمسكين بدعم متمردي قطاع الشمال الذين حاربوا بجانبهم آبان الحرب الأهلية.
ويعاني السودان من أزمة اقتصادية طاحنة منذ انفصال الجنوب وإستحواذه على 75 % من حقول النفط، كانت تمثل أكثر من 50 % من الإيرادات العامة.