أعلنت الحكومة اليمنية، أمس الخميس، أن مفاوضات السلام قد انتهت، وذلك احتجاجًا منها على تشكيل جماعة الحوثيين وحلفائهم من أتباع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مجلسًا أعلى من عشرة أعضاء لإدارة شؤون اليمن.
حيث اعتبرت الحكومة اليمنية أن إعلان ما أسموهم “طرفي الانقلاب” عن اتفاق تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد، يعكس حالة من “الصلف والغطرسة”، وعدم احترام الانقلابيين للأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الراعية لمشاورات السلام الجارية في دولة الكويت الشقيقة، كما تؤكد الخطوة عدم جديتها في الوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني.
الاتفاق المشار إليه الموقع أمس الخميس في العاصمة اليمنية صنعاء ينص على تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة البلاد يتكون من عشرة أعضاء، وللمجلس الحق في إصدار القرارات واللوائح اللازمة لإدارة البلاد، ورسم السياسة العامة للدولة.
وقال الطرفان -في بيان مشترك نشرته وكالة سبأ التي يسيطر عليها الحوثيون- إن رئاسة المجلس ستكون دورية بين المؤتمر الشعبي وحلفائه، ويسري الأمر ذاته على منصب نائب رئيس المجلس.
ووقع الجانبان ما أسمياه “الاتفاق الوطني السياسي”، الذي بموجبه ستتحدد مسؤولية قيادة البلاد، وتسيير أعمال الدولة وفقًا للدستور الدائم للجمهورية اليمنية، والقوانين النافذة.
وحسب البيان الصادر عن اللقاء بين الجانبين، تم الاتفاق على تشكيل مجلس يتكون من عشرة أعضاء يقسمون مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وبين جماعة الحوثي والموالين لها.
رصاصة الرحمة أطلقت على مفاوضات الكويت
اعبتبرت هذه الخطوة المفاجئة بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على مفاوضات الكويت المتعثرة، التي كانت تمر بلحظات عصيبة بعدما أمهلت دولة الكويت المستضيفة للمحادثات بين الأطراف اليمنية 15 يومًا للوصول إلى اتفاق مبدئي، في ظل حديث عن عرض سعودي الاستكمال المحادثات بعد ذلك في مدينة مكة المكرمة.
وقد أكدت الحكومة اليمنية على هذا المعنى في بيانها الصادر لتحديد موقفها من انقلاب الحوثي وصالح الجديد، إذ لفتت الحكومة في بيانها إلى أن الحوثيين وصالح، بإعلانهم الأخير، أطلقوا رصاصة الرحمة على مشاورات السلام في الكويت، التي ظلوا يتعاملون معها بأسلوب الالتزام والتراجع والوعود ونقضها.
وحسب البيان، فإن الحكومة ووفدها التفاوضي إلى مشاورات الكويت سبق أن نبها وحذرا مرارًا وتكرارًا من استغلال تحالف “الانقلاب” للمشاورات، لحرف الانتباه عن تحركاتهم الأساسية، للمضي في حربهم العبثية وانقلابهم المرفوض شعبيًا ودوليًا.
وانتقد البيان الحكومي الدول التي ظلت تراهن على “تصديق وعود الانقلابيين والتزاماتهم”، إلا أنه تبين أنها -تلك الدول- “ظلت تنظر إلى سراب”.
وقالت الحكومة إن الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، إسماعيل ولد الشيخ، والمجتمع الدولي، مطالبون بـ”الوقوف أمام ذلك بجدية وحزم، حتى لا تكون القرارات الملزمة -قرار مجلس الأمن 2216 الصادر تحت الفصل السابع- مجرد حبر على ورق”.
وعلى وقع ذلك أعلن نائب مدير مكتب الرئاسة اليمنية، وعضو الوفد الحكومي المشارك في مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، عبد الله العليمي أن المشاورات “انتهت تمامًا”، وسط أنباء تفيد بأن وفد الحكومة سيغادر الكويت على ضوء الاتفاق الأخير بين جماعة أنصار الله “الحوثي” وحزب المؤتمر الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد.
أما من جانب الحوثيين فقد خرج الناطق باسم الحوثيين، ورئيس وفد الجماعة المفاوض في الكويت، محمد عبد السلام، في بيان مساء أمس ليعلن، أن اتفاق المجلس السياسي ليس له “أي تأثير على نقاشاتنا القائمة في دولة الكويت”. هذا الأخير أضاف أنه “إذا توافقت الأطراف اليمنية على أي حل سياسي فإننا سنكون وكل حلفائنا في طليعة من يتبنى ذلك، ويتحرك في إطاره ويدعم تنفيذه”.
وكان الحوثيون أعلنوا قبل أيام على لسان أكثر من قيادي في الجماعة أن “مصير مشاورات الكويت الفشل”، وأنهم متمسكون بخيار حكومة شراكة وطنية، في حين يتمسك الوفد الحكومي بتنفيذ القرار الأممي 2216 الذي ينص صراحة على الانسحاب وتسليم السلاح وعودة الشرعية، ومن ثم الانخراط في تسوية سياسية.
رفض للانقلاب الجديد
تحاول جماعة أنصار الله “الحوثي” إضفاء شرعية جديدة لإدارتها للبلاد منذ الانقلاب الذي قادته على الرئيس عبد ربه منصور هادي، وذلك بإشراك المزيد من الحلفاء في إدارة جديدة تسوق على أنها ليست إدارة منفردة للحوثيين، وكان الشريك المفضل لديهم هو الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
من جانبه، اعتبر حزب التجمع اليمني للإصلاح أن تشكيل الحوثيين وصالح للمجلس السياسي الجديد “يعد تحديا سافرًا وتصعيدًا جديدًا يساهم في القضاء على كل جهود السلام في إنهاء الانقلاب وما ترتب عليه”.
بدوره، أكد فرع حزب المؤتمر الشعبي العام في عدن أن “إقدام أطراف الانقلاب على تشكيل هذا المجلس دليل واضح على نيتهم القضاء على أي أمل في الخروج بالبلد مما تمر به”.
وكان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد أكد أن الاتفاق الجديد بين الحوثيين وصالح “يعرض مشاورات السلام في الكويت للخطر، ويشكل انتهاكا قويا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي يطالب جميع الأطراف اليمنية -ولا سيما الحوثيين- بالامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن”.
دور أكبر للحل العسكري
بهذه الخطوات الأخيرة التي قضت على مفاوضات السلام تتجه الأزمة اليمينة إلى الحل العسكري بشتى الطرق بعدما أغلقت نافذة الحل السياسي الأخيرة، وعليه فإن المعارك على الأرض في اليمن ازدادت على جبهات عدة بعد تحركات عسكرية مكثفة من قبل القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي وأخرى للحوثيين وقوات الجيش المتحالف معهم.
ففي بلدة نهم (شرق صنعاء) تمكنت قوات الجيش و المليشيات المسماة بـ “المقاومة الشعبية” المؤيدة لهادي من إحراز تقدم على الأرض، حيث سيطروا على مرتفعات جبلية قيل إنها “مهمة” كانت تخضع لسيطرة الحوثيين وقوات صالح.
هذا وقد أكدت مصادر في تعز مساء الخميس، إن الحوثيين وقوات صالح أنذرت مواطنين يسكنون في قرية “غراب” (غربا) بإخلاء منازلهم خلال 24 ساعة، حيث يقع ضمن هذه المنطقة أحد أهم المنافذ البرية الخاضعة لسيطرتهم منذ أكثر من عام.
وأن قوات الحوثي وصالح، التي أنذرت سكان “غراب” بإخلائها، والتي تقع شمال شرق معسكر اللواء (35) مدرع الموالي للرئيس هادي خلال 24 ساعة، يتجهزون لمعارك قادمة قد تكون أشد عنفًا من السابق بعد خطوة الانقلاب الجديد في اليمن من جانب الحوثيين وصالح.