تراجع مستوى الأمطار في تونس يهدد أمن البلاد

barrage-jendouba-tunisie-640x400

سجلت تونس خلال السنوات الاخيرة، تراجعا كبيرا في نسبة الأمطار، الأمر الذي أدى إلى تقلص المخزون المائي بالسدود، علاوة عن الموارد المائية الجوفية (الآبار), وهو ما دفع بسلطات البلاد إلى التوجه نحو المياه غير التقليدية (مياه البحر) لضمان الحد الأدنى من الأمن المائي ودعوة المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك.

الموسم الأصعب على كل المستويات 

ويعدّ الموسم الفلاحي لهذه السنة, الموسم الأصعب على كل المستويات حيث أثر النقص الكبير في الأمطار خلال أشهر كانون الأول وكانون الثاني وفبراير 2016 سلبا على الزراعات الكبرى البعلية الكبرى في البلاد، حسب ما أّكّده وزير الفلاحة التونسي.

و بلغ المخزون المائي بالسدود الكبرى في تونس إلى غاية يوم 27 يوليو 2016، 6ر882 مليون متر مكعب وهو أقل بكثير من مخزون السنة الفارطة الذي تجاوز المليار متر مكعب. 


مزروعات سقوية في تونس

ووضعت وزارة الفلاحة التونسية خطة لمجابهة نقص الامطار بكلفة جملية بلغت 16.113 مليون دينار ولمدة 5 أشهر  (أبريل-أغسطس 2016) .
وتهدف الخطة أساسا إلى إنقاذ قطيع الماشية، الذي يشكل الدخل الرئيسي لولايات الوسط والجنوب، ومساعدة صغار الفلاحين، الذين تضرر العديد منهم نتيجة الجوائح الطبيعية (رياح ..تساقط البرد …) وإنقاذ الغراسات البعلية خاصة الزياتين واللوز من الاتلاف نتيجة الجفاف إلى جانب تزويد مناطق عديدة بالماء الصالح للشراب.

تم تخصيص اعتمادات مالية بقيمة 2400 مليون دينار تونسي لإنجاز جملة من المشاريع المائية الكبرى في تونس

و تتجه الخطوط الكبرى للخطة الوطنية لمجابهة نقص الامطار إلى إحكام التصرف في منظومات المياه في الشمال وتحويل جزء من مياه السدود في الجهة إلى المناطق التي تحظى بموارد اقل إلى جانب الاعتماد على مشاريع تحلية المياه. 
ومن المنتظر أن يتم تخصيص اعتمادات مالية بقيمة 2400 مليون دينار تونسي لإنجاز جملة من المشاريع المائية الكبرى في تونس بداية من العالم الحالي والى غاية سنة 2020 على امتداد فترة المخطط التنموي لكسب تحدي الامن المائي الذي يمثل التحدي الابرز في تونس حاليا وخلال السنوات القادمة .


أحد السدود في شمال تونس 

وتعمل تونس على وضع برنامج كبير لتحويل المياه من شمال البلاد إلى وسطها ومناطقها الداخلية، بالإضافة إلى برنامج لتحلية مياه البحر وخاصة من جنوب محافظة صفاقس (جنوب) إلى الحدود التونسية بتمويل عمومي.

وتشهد مدن وقرى محافظات نابل وسوسة المنستير والمهدية وصفاقس، اضطرابات في توزيع المياه، بعد ان بلغ النقص في المياه  50 ألف متر مكعب في اليوم، في ظل اختلال التوازن الحاصل بين العرض والطلب(الموارد المائية المتاحة).

لمجابهة  العجز تضطر الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه إلى قطع الماء الصالح للشاب ليلا عن  مناطق عدة

نفس الأمر بالنسبة للمناطق الداخلية على غرار الكاف، سليانة، القصرين، قفصة، سيدي بوزيد..، فرغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة لتعبئة موارد مائية إضافية، يتم تسجيل اضطرابات وانقطاعات في الماء الصالح للشرب خاصة في أوقات الذروة بالمناطق العليا نتيجة الهبوط المتواصل لمنسوب الآبار العميقة المزودة لهذه المناطق والناتجة عن الانخفاض المتواصل للموائد المائية.

ولمجابهة هذا العجز تضطر الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه إلى قطع الماء الصالح للشراب ليلا عن عدة مناطق بهدف توزيع النقص الحاصل في المياه التي يتم التزود بها من الشمال التونسي.

وتحث السلطات التونسية، المواطنين على ترشيد استهلاكهم للماء والاكتفاء بالحد الأدنى من الحاجيات وتفهم الوضع لتجاوز هذه الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد في ظل انحباس الأمطار وارتفاع الطلب على الاستهلاك.

أسباب الأزمة

ويرجع خبراء, أسباب أزمة الماء في تونس إلى عوامل عديدة منها ما يعود إلى سوء التصرف ومنها ما يرجع الى تعاطي الدولة مع الحلول البديلة لتفادي النقص في موارد المياه التقليدية بطريقة عشوائية وتفتقر الى الحد الادنى من التخطيط والاستفادة من دول اخرى.

يبلغ استهلاك المياه في تونس للفرد الواحد 450 متر مكعب

وتقدر الموارد المائية لتونس ب 4503 مليون متر مكعب منها 2700 متر مكعب مياه سطحية و1803 مياه جوفية وتتمركز اعلى نسبة من المياه السطحية بمنطقة الشمال الغربي فيما توجد اعلى نسبة للمياه الجوفية بالجنوب التونسي وتتأتى هذه المياه من الامطار.

انقطاع مياه الشرب (صورة تعبيرية)

ويبلغ استهلاك المياه في تونس للفرد الواحد 450 متر مكعب, لتسجل تونس بذلك عجزا يقدر ب275 مليون متر مكعب سنويا( تستهلك سنويا 4845 مليون متر مكعب في حين تبلغ مواردها المائية 4503 مليون متر مكعب).  وتعد الفلاحة القطاع الأكثر استهلاكا للماء بـ3600 مليون متر مكعب في حين لا تتعدى نسبة الماء الذي يستهلكه القطاع الصناعي 400 مليون متر مكعب والاستهلاك المنزلي ب نصف مليار متر مكعب. ويقع توزيع المياه الصالحة للشرب عبر شبكة من القنوات يصل طولها إلى 41619 كلم و1126 خزّان مختلفة الأحجام.

 وتتميز الطبيعة المناخية لتونس  بالجفاف وشبه الجفاف, يجعل مواردها المائية متغيرة حسب الفصول وحسب المناطق، حيث أن معدل كمية الأمطار في السنة لا يفوت 100 مم في أقصى الجنوب ويصل إلى 1500 مم في أقصى الشمال الغربي.