الجولاني في شكل جديد وتنظيم آخر

7201628201133249

أعلن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني فك الارتباط بتنظيم القاعدة ووقف العمل باسم جبهة، وتشكيل جماعة جديدة باسم “جبهة فتح الشام”، وذلك في أول ظهور له بوجهه عبر تسجيل مصور بثته عدة وسائل إعلام مساء الخميس، حيث ظهر الجولاني للمرة الأولى، وقال إنه يشكر قادة تنظيم القاعدة على تفهمهم ضرورات فك الارتباط، مضيفًا أن فك الارتباط جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي، حسب قوله.

كان تنظيم القاعدة قبل ذلك قد مهد في تسجيل صوتي لأحد مسؤوليه، لاحتمال إعلان جبهة النصرة ذراعه العسكري في سوريا، فك ارتباطها معه بعد أيام على تداول أنباء عن توجهها لاتخاذ هذا القرار.

وقد نشرت شبكة “المنارة البيضاء” الإعلامية التابعة لجبهة النصرة على تطبيق تيلغرام، بعد ساعات، صورة هي الأولى لزعيم الجبهة أبو محمد الجولاني، معلنة عن “كلمة مرئية” له “قريبا”.

وظهر الجولاني في هذه الصورة شابًا وهو يجلس على كرسي مبتسما وله لحية سوداء ويلف رأسه بعمامة بيضاء مرتديا سترة عسكرية، بحيث كانت هذه المرة الاولى التي تنشر فيها صورة للجولاني، وتبعتها مقطعًا مصورًا له بعدما كان يخفي وجهه في اطلالاته التلفزيونية سابقًا.

من هو الشاب أبو محمد الجولاني الذي ظهر بوجهه مؤخرًا كما لم يُرى من قبل؟

اسمه الحقيقي هو أسامة العبسي الواحدي، وُلد عام 1981 في بلدة الشحيل التابعة لمدينة دير الزور، التحق بكلية الطب في جامعة دمشق، حيث درس الطب البشري سنتين، ثم غادر إلى العراق وهو في السنة الجامعية الثالثة، لينضم إلى فرع القاعدة في العراق تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي زعيم التنظيم هناك.

ارتقى الجولاني بسرعة في صفوف التنظيم حتى أصبح من الدائرة المقربة من الزرقاوي، وبعد اغتيال الأخير في غارة أميركية عام 2006، خرج الجولاني من العراق إلى لبنان، حيث يُعتقد أنه أشرف على تدريب تنظيم “جند الشام” المرتبط بتنظيم القاعدة.

ومن لبنان عاد الجولاني مجددًا إلى العراق، واعتقل من قبل قوات الاحتلال الأمريكي، وأودع في سجن بوكا، ثم أطلق سراحه في العام 2008، إلى أن عاد واستأنف نشاطه العسكري مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وانخرط الجولاني في التنظيم حتى أصبح رئيس لعملياته في محافظة الموصل العراقية.

عاد الجولاني إلى سوريا في أغسطس من العام 2011 مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد، بتوجيهات من تنظيم القاعدة لتأسيس فرع له في البلاد يمكنه من المشاركة في القتال ضد الأسد.

وفي 24 من يناير 2012، أصدر الجولاني بيانًا أعلن فيه تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام، واتخذ من منطقة الشحيل منطلقًا لعمل هذه الجبهة، كما دعت الجبهة في بيانها الأول السوريين إلى الجهاد وحمل السلاح لإسقاط النظام، وصار من يومها الجولاني يدعى في أدبيات الجبهة المسؤول العام لجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا.

وفي أبريل من العام 2013 رفض الجولاني الانضمام تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يترأسه أبو بكر البغدادي قائده القديم، بعدما أعلن عزمه عن إعلان ما أسماها “الخلافة الإسلامية”، ودخلت جبهة النصرة في معارك حادة بعد ذلك مع تنظيم الدولة بعد رفض الجولاني تسليم جبهة النصرة إلى البغدادي، وقام بمبايعة أيمن الظواهري أمير تنظيم القاعدة مباشرة.

هذه المعلومات هي الأدق عن أسامة العبسي الواحدي المعروف باسم “أبو محمد الجولاني” بعدما كانت أوردت وكالة أسوشيتد برس في العام 2013 معلومات غير دقيقة عنه بسبب إخفاء شخصيته قالت فيها أنه غير معروف الاسم ويُطلق عليه الشيخ الفاتح، ويبلغ من العمر 39 عامًا، حيث يعمل مدرسًا للغة عربية، وهو ما ثبت غير صحته بعد ظهور الجولاني بشخصيته الحقيقية في أكثر من لقاء مصور.

ولكن ثمة مصادر سورية أخرى تصر على أن أسامة العبسي الواحدي ليس هو “الجولاني”، وأن أحمد حسين الشرع هو الاسم الحقيقي للجولاني، وأضافت المصدر أن الجولاني من مواليد العاصمة دمشق عام 1983 ودرس في كلية الآداب – قسم الإعلام وتخرج منها. ويشير هذا الاتجاه أن الجولاني أو (الشرع) لم يتم اعتقاله في سوريا ، ولم يدخل سجن صيدنايا العسكري قرب دمشق، كما أكدت أن أهل أمير النصرة غادروا العاصمة دمشق منذ فترة قريبة، قبيل كشف ابنهم عن وجهه الحقيقي، وهذه المعلومات مغايرة تمامًا للروايات الأخرى التي تؤكد أن أسامة العبسي بسيرة حياته هو الجولاني.

جبهة فتح الشام

قال الجولاني في تصريح مصور ظهر فيه للمرة الأولى كاشفا وجهه، إن فك الارتباط بين تنظيم جبهة النصرة وتنظيم القاعدة جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي، موضحًا أن هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق أهداف خمسة بحسب بيانه المصور هي: “العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه وتحقيق العدل بين كل الناس، والتوحد مع الفصائل المعارضة لرصّ صفوف المجاهدين وتحرير أرض الشام والقضاء على النظام وأعوانه”.

“ثم حماية الجهاد الشامي والاستمرار فيه واعتماد كافة الوسائل الشرعية المعينة على ذلك.، والسعي لخدمة المسلمين والوقوف على شؤونهم وتخفيف معاناتهم، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعامة الناس”.

من جانبه أعلن البيت الأبيض أن تقييمه لجبهة النصرة لم يتغير، وأنه ما زالت لديه مخاوف متزايدة من قدرتها المتنامية على شن عمليات خارجية قد تهدد الولايات المتحدة وأوروبا، كما أكدت الخارجية الأميركية أن جبهة النصرة ما زالت هدفا للطائرات الأميركية والروسية في سوريا.

وتصنف الولايات المتحدة جبهة النصرة منظمة كجماعة “إرهابية”، وتم استهدافها بغارات جوية من التحالف الدولي -الذي تقوده واشنطن- مرات عدة، كما بررت موسكو قصفها مواقع عدة في سوريا بأنه جاء استهدافا لكل من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وجبهة النصرة.