لم يعترف أحد من المتزوجين برغد ونعيم الحياة في السنة الأولى من الزواج، الكل يكون في حالة تأهب واستعداد للضغوطات والمشاكل طوال الوقت، حيث يصف بعض الأزواج أن تلك السنة هي سنة حالة الطواريء المستمرة في المنزل، حتى يتمنى البعض أن يكون هناك دليل عام يسير عليه كل المتزوجين حديثًا لتخطي تحدي وخطر تلك السنة، والتي لا يستطيع العديد من الأزواج النجاح فيها حتى برغم معرفتهم لبعضهم لمدة كبيرة قبل الزواج.
من المعروف أن مرحلة التعارف و الخطبة هي من أكثر المراحل رومانسية، فهي المرحلة الخالية من المسئوليات، وهي المرحلة المليئة بالشغف والطموح، والتطلع لإقامة علاقة مستقرة وناجحة مع شريك الحياة المُختار، حتى في أكثر المراحل توترًا، حيث لا يختفي الطموح والشغف في مرحلة تجهيزات العرس، على الرغم من التوتروالضغط العصبي الذي يصيب العروسين، إلا أنه مازال عنصر الشغف والمغامرة يدفع الشريكين للأمام ولإتمام ما بدأوه بالفعل، حتى يصلوا إلى مرحلة شهر العسل، حيث تأتي لهم الفرصة في قضاء وقت معًا بعيدًا عن أية التزامات عملية أو حياتية.
ولكن لا يستمر شهر العسل طويلًا، ويفاجيء العديد من الأزواج بمتطلبات الحياة اليومية التي تنتظرهم، حينها تبدو المسئولية مرهقة على الكثير من من لم يتخيلوا أن الوضع سيكون بتلك الجدية من قبل، فأين ذهبت أيام المرح والرومانسية التي كانت تسبق كل هذا ؟
لا يؤمن الكثير بتلك الخرافات، والتي تشعر الأزواج وكأنها الحل السحري لكل مشاكلهم الزوجية، فهناك العديد من الكتب والعديد من المقالات التي يمكن للمرء أن يقرأها وتستمر حياته الزوجية في نفس المسار التعيس، نعم، لا يوجد عصا سحرية لأية مشكلة، إلا أن هناك حلول مساعدة، وهذا ما يُنصح به دومًا في سنة أولى زواج، لا عيب في استشارة الآخريين، ولا عيب في التحدث عما يضجرك من علاقتك الزوجية للأصدقاء المقرّبين منك، فمن الممكن أن يكون عدم التكتم على المشاكل هو أول خطوات الحل لكي تضع قدمك في بداية المسار الصحيح.
يجب عليك أن تقيم فترة شهل العسل وأن تدرك أنها انتهت ولن تستمر طويلًا
ما يمكن أن يصيبنا بخيبة الأمل السريعة هو رفع سقف توقعاتنا إلى أعلى مستوياته اعتمادًا على مرحلة شهر العسل، لا يمكن أن تستمر الحياة بشكل مغامر وشغوف في كل يوم، وهذا هو التنوع الذي كنت تعيش فيه بالضبط قبل الزواج، لا شك أن مسئوليات العازب أقل من المتزوج، ولكنه لم يعش فترة شهل عسل هو الآخر لكل يوم في حياته، لا يمكن أن نجعل شغفنا وحبنا للمغامرة الجديدة مع شريك الحياة الجديد أن تنسينا أن شهر العسل هو مجرد فترة ممتعة ستنقضى وتعود من حين لآخر، ولكنها أبدًا لا تستمر، ولا يمكننا رفع مستوى توقعاتنا بناءًا على أحلام موجودة فقط داخل مخيلتنا.
ليست نقوده، وليست نقودك، بل نقودكما
تعد المشاكل المالية هي من أكثر المشاكل التي تحوّل الزواج من سعيد إلى تعيس، وهي ما يختلف عليه الأزواج دومًا، وما يزيد منها هو محاولة الفصل الكامل بين الزوجين ماليًا، وهو ما يرجحه العديد من المجتمعات وتؤيده الكثير من الثقافات المستقلة، الفصل المالي بين الزوجين ليس سيئًا، بل على العكس فهو يحمي حقوق كل منهما في كثير من الحالات، إلا أنه لا مانع من أن يشترك الزوجين في ميزانية معينة تخص كل ما يتشاركوه من منزل وفواتير وطعام، ولا يجب الفصل الكامل في الأمور الحياتية البسيطة، فمن الممكن أن يتسبب الأمر ببرود بين الطرفين، أو يصيب طرف منهم بضغط يفقد القدرة على التركيز في حياته العادية لأنه الطرف الواجب عليه أن يوفر كل شيء في البيت، حتى وإن كانت أشياء يتشاركها الطرفين، وبالطبع تزداد الأمور سوءًا إن كان طرف واحد من الطرفين هو الفرد العامل في المنزل، لذا فأفضل الحلول هو تكوين ميزانية مشتركة تخص كل ما يتشاركه الزوجين من أمور يومية، وميزانية خاصة لكل زوج يمكنه أن يتمتع بها كيفما شاء بدون تذمر من الطرف الآخر.
الحب والاحترام في الخلافات
الحب والاحترام أثناء المناقشات والخلافات، ستندهش كيف يتحول الخلاف الحاد إلى مناقشة طبيعية حينما تعبر عما يدور داخل رأسك من أفكار لا يتفق معها شريكك بالحب والاحترام، لا داعي للصراخ أو رفع الصوت، ولا داعي لاستخدام تعابير لا يحب شريكك سماعها، ولا داعي كذلك للتقليل من وجهة نظر شريكك في الأمور، هذا يزعجك أيضًا إذا تم معاملتك بنفس الطريقة، لا يمكن لكل ما سبق أن يحل الخلاف، الحب والاحترام له العصا السحرية في قلب الخلافات إلى نقاشات متبادلة بين أي شخصين اختلفا في الرأي، وهو ما يحدث كثيرًا بين الأزواج في السنة الأولى.
الحل الوسط
خذ دومًا طريق ” الحل الوسط”، لا يمكن للأمور أن تسير بديكتاتورية، ولا يمكن لفرد أن يقاتل من أجل إعلاء كلمته أخيرًا في أي علاقة صحية، كما لا يمكن للأمور أن تسير على نحو طبيعي إن كان الحل الوسط لا يرضى أحد الطرفين دائمًا وأبدًا، الحل الوسط ليس إهدارًا للكرامة، بل هو الحل الأمثل لتسيير الأمور وذلك لأنك تحب شريكك في العلاقة وتريد أن تراه سعيدًا، من يريد أن يكون في علاقة صحية يكون مسئولًا عن ارضاء شريكه، ولا يكون الأمر متمحورًا حول طرف واحد في العلاقة، بل يكون متبادلًا في إطار الاحترام والمسئولية التي يتفق عليها الطرفين، العلاقة الصحية تعني التفاهم من أجل الوصول إلى الحل الوسط، فلا يستسلم طرف من الطرفين لإرضاء الآخر فحسب، وإلا فيمكن وصفه بأنه استهلاك لطاقة أحد الطرفين وليس حلًا وسطًا، من يريد أن يكون في علاقة صحية يعلم أنه سيقضي وقتًا طويلًا مع شريكه المختار، ولا يريد أحد أن يقضي وقتًا طويلًا من الخلافات والغضب والتوتر فقط لأنه لا يريد أن يرضي شريكه قبل أن يرضي غروره.
الرابطة القوية
الرابطة القوية هي ما يهم في نهاية الأمر، سيشارك كل منكما وقتًا طويلًا مع الآخر، سيكون مليئ بالتجارب السعيدة واللحظات الرومانسية، سيكون مليئ بالتنازلات والحلول الوسطية، هذا هو الطبيعي بين أي مشاركة حتى ولو كانت بين الأصدقاء، ولكن ما يجعلنا نتخطى بأي مراحل عصيبة في علاقتنا مع أزواجنا هي تلك الرابطة القوية التي نعمل على تكوينها معهم منذ اليوم الأول، وهي الأهم بكثير من المرور بأيام سعيدة وليالي رومانسية، كما تكون الأساس الذي يجمع الزوجين معًا ليستطيعا تخطي الأزمات والمشاكل، وأحيانًا الأخطاء التي يرتكبها كل منهما في حق الآخر، لا يمكن أن تقوم علاقة طويلة وصحية على السعادة المؤقتة، كما لا يمكن أن نحافظ على تلك الرابطة القوية إذا ما تخيلنا أن العلاقة الزوجية هدفها الوحيد هو إرضاءنا وتلبية احتياجتنا.