رغم أن الأزمة التي أعقبت الثورة في سوريا قد أضحت مصدر ألم بالنسبة لملايين الأشخاص والعائلات، ورغم أن الحرب أنتجت تداعيات أمنية خطيرة في البلدان المجاورة، التي من ضمنها تركيا. إلا أنها دفعت بالأعمال التجارية إلى ارتفاع غير مسبوق.
وفي تقرير جديد نشرته بي بي سي قال مراسلها هوارد جونسون من الحدود السورية التركية أن الأعمال التجارية بين تركيا وسوريا في ازدهار مستمر رغم العراقيل والتأخير الذي يجابهه التجار.
وبعدما أطلقت الأمم المتحدة النداء الإنساني بجمع أكثر من ٦ مليار دولار للإغاثة والمساعدة الإنسانية في سوريا، زادت الاحتياجات لشراء المواد الأساسية مثل الأسمنت، زيت الطهي وحليب الأطفال المجفف.
يقول المراسل أنه بمجرد الوصول إلى المعبر الحدودي (باب السلامة) الذي يقع على حدود ريف حلب الشمالي بالقرب من منطقة اعزاز السورية، يواجهك أسوأ مشهد من الممكن أن يصادف تاجرا، مئات الشاحنات تصطف في أكثر من كيلومتر في انتظار الدخول إلى الجانب السوري، بعضها سيضطر للانتظار أربعة أيام قبل أن يستطيع المرور إلى سوريا.
يتحدث التقرير عن أهم الاحتياجات داخل سوريا، الإسمنت، الذي يقول أنه يدخل إلى سوريا بمعدل ٦٠٠ طن أسبوعيا.
بالإضافة إلى التجارة على المستويات الكبيرة، هناك أيضا العديد من الأعمال التي يقوم بها اللاجئون السوريون على الحدود، حيث اضطر اللاجئون إلى العمل في مهن بسيطة في المخيمات التي تقع بموازاة الحدود السورية.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت تقريرا في نوفمبر الماضي يناقش تأثير تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا على حركة التجارة والتجار على الحدود من الجهة التركية.
يقول أصحاب المتاجر إنهم يتلقون طلبات من مقاتلين لتأمين 200 سترة عسكرية مثلًا لليوم التالي، وأشارت الصحيفة إلى أن غالبية زبائن متاجر العتاد العسكرية يتحدثون لهجات عربية مختلفة، كالعراقية والمصرية والأردنية والليبية والسودانية، إلى جانب الشيشان الذين شكلوا لواءً خاصًا بهم في سوريا.
كما يقول أصحاب هذه المتاجر إن الجهاديين يدخلون تركيا عبر اسطنبول إلى مطار أنطاكيا، ثم يتسللون إلى سوريا، لكن ليس قبل القيام ببعض التسوق. وطفرة متاجر العتاد التركية تلبي احتياجات المقاتلين الذين يشترون كل ما قد يحتاجه المقاتل في طريقه إلى الحرب: سترات عسكرية، سراويل التمويه، السكاكين، أقنعة واقية من الغاز، سبحات ولافتات، مولدات الطاقة الشمسية، مناظير، بطاريات، وحتى شفرات الحلاقة.
الأمر لا يقتصر على تركيا فحسب، ففي لبنان التي يبلغ عدد اللاجئين السوريين بها أكثر من خُمس عدد السكان، اللاجئون يمثلون مصدرا للعمالة الرخيصة ومصدرا جديدا للطلب على شتى السلع، غير أن ما يحتاجونه هو الغذاء والسكن.
وبحسب بعض الخبراء فإن اللاجئين في لبنان قد يكون لهم تأثير سلبي محتمل بسبب المزاحمة على الوظائف المحلية. اللبنانيون يقولون على سبيل المثال إن العمال والبائعين بالمتاجر أصبحوا أقل أجرا. لكن في الوقت نفسه سيشكل اللاجئون مصدرا مهما للطلب على منتجات مثل الغذاء والسكن وهو ما قد يكون مفيدا للبنان لأنه يحفز النمو.