“نحن في حاجة إلى 400 طائرة للرحلات الطويلة ومئة طائرة للرحلات المتوسطة” هكذا صرح وزير النقل الإيراني بعد أن وقعت الصفقة النووية بين بلاده والغرب، وبدأت الخطة الإيرانية للخروج من تبعات الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ عشرات السنوات.
تملك إيران حاليا 256 طائرة، 150 منها تعمل حاليًا بمعدل عمر 20 سنة تقريبًا، وهو معدل خطير، اضطرت إليه إيران بسبب الحظر الاقتصادي، لذا تبدو مهمة تحديث الأسطول الإيراني للطائرات مهمة طارئة وعاجلة يجب تنفيذها في أسرع وقت.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد صرح في السابق أثناء مقابلة مع شبكتي فرانس-2 وأوروبا-1 في نوفمبر من العام 2015 أن طهران ستشتري “على الأرجح” طائرات إيرباص بعد رفع العقوبات، وذلك بعدما سمح دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ برفع العقوبات الدولية وخصوصًا الأمريكية والأوروبية المفروضة منذ 36 عامًا، تلك العقوبات التي كانت تمنع إيران من شراء طائرات جديدة.
اتجاه إيران نحو مصادر متعددة لتحديث اسطولها الجوي
وزير النقل الإيراني عباس أخوندي أكد في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية مطلع العام 2016 خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى فرنسا، أن روحاني سيوقع عقدًا لشراء 114 طائرة إيرباص، من دون أن يوضح قيمة العقد أو مدته.
وتوقيع الاتفاق يمر عادة بمراحل عدة بينها توقيع “رسالة النوايا” أو “بروتوكول اتفاق”، وهذا ما يمكن أن يكون حدث خلال زيارة روحاني إلى فرنسا، لكن متحدثًا باسم “إيرباص” رفض التعليق حينها على هذا الإعلان الذي صدر من طهران.
اتجهت إيران إلى الأوروبيين في البداية لأن الصناعات الجوية تشكل قطاعًا مهمًا في أوروبا، وسيكون هذا القطاع حرريص تمام الحرص على السوق الإيرانية التي يبلغ عدد سكانها حوالى 79 مليون نسمة، وتريد الحكومة الإيرانية تجديد وتطوير أسطولها الجوي المتقادم وخصوصا شركة الطيران الوطنية “إيران إير”.
وجاء الإعلان عن هذا العقد بينما كان يشارك ممثلو 85 شركة أجنبية للطيران في قمة حول الطيران في طهران نظمها مركز “كابا” الاستشاري في مجال الطيران.
وعلى جانب آخر اتجهت إيران أيضًا إلى غريمتها الولايات المتحدة في مهمة تحديث الأسطول الجوي الإيراني، حيث قال وزير النقل الإيراني أخوندي إن مفاوضات تجري مع مجموعة بوينغ الأمريكية، المنافسة الكبرى لـ”إيرباص”، لشراء طائرات. وأشار أيضًا إلى أن محادثات تجري مع واشنطن لإعادة الرحلات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة التي توقفت منذ الثورة الإسلامية في 1979.
وبالفعل في خطوات تجاه هذا القرار وافقت الولايات المتحدة الأميركية على أن تسافر رحلات الخطوط الجوية العالمية التي تستخدم طائراتها المصنعة محليًا إلى إيران، بحسب ما نشر موقع هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية نقلًا عن وكالة “رويترز”، اليوم السبت.
ووافقت الخزانة الأميركية، أمس الجمعة، على السماح لهذه الطائرات بالتوقف مؤقتًا في المطارات الإيرانية، وهو ما يعني أن شركتي “لوفتهانزا” و”الخطوط التركية” تستطيعان الاستفادة من هذه الطائرات الموجودة في أسطولهما المدني، وهما من الشركات التي لديها رحلات عديدة تتجه إلى إيران.
وبعد أن توصلت إيران لاتفاق مع شركة بوينغ الأميركية لشراء ما يزيد عن 100 طائرة، يواجه أمر تسليم الطائرات بعض العراقيل وخاصة من قبل الكونغرس الأميركي، وهو ما يعتبره الإيرانيون نقضًا للاتفاق النووي من قبل أميركا المستمر منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ بحسب زعمهم، وذلك بسبب وضع الكونغرس الأميركي محددات جديدة تعقد سفر الأجانب للولايات المتحدة في حال قاموا بزيارة إيران، وهو ما جعل كثيرين لا يرغبون بالاستثمار فيها.
فيما ينفي وزير الخزانة الأمريكي جيكوب لو، أي سوء نية من قبل بلاده، مؤكدًا أنها “تحترم” التزاماتها، لكنه ذكر بأن العقوبات المرتبطة ببرنامج الصواريخ البالستية الإيرانية ودعم إيران لنشاطات “إرهابية” لا تزال سارية.
بينما قالت شركتا بوينغ للطائرات وجنرال إلكتريك لصناعة محركات الطائرات إنهما حصلتا على رخصة من وزارة الخزانة الأميركية لتصدير بعض قطع الغيار لطائرات تجارية إلى إيران, وفقا لاتفاق التخفيف الجزئي للعقوبات الذي بدأ مفعوله مع مطلع العام الجاري.
وقال متحدث باسم بوينغ (أكبر مصنع للطائرات بالعالم) إن التصدير سيكون للطائرات التي لا تزال بالخدمة، وإنه سيكون لمدة محدودة. ويأتي هذا التطور بعد انقطاع التعاون بين طهران وبوينغ منذ الحظر الأميركي عام 1979.
وستكون هذه المبيعات أول تعاملات معلن عنها بين شركات معدات الطيران والفضاء الأميركية وإيران منذ أزمة الرهائن الأميركيين في طهران، حيث أقرت واشنطن عقوبات تم توسيعها فيما بعد بسبب النزاع حول البرنامج النووي الإيراني.
وتقول إيران إن العقوبات تمنعها من تجديد أسطول طائراتها مما يضطرها لاستخدام طائرات روسية لا تتوفر فيها المعايير المطلوبة، فضلا عن تشغيل طائرات تجاوزت الفترة المعتادة للخدمة. ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية فإنه منذ عام 1990 وقع أكثر من مائتي حادث تسببت في وفاة أكثر من ألفي شخص.