شارف معرض اسطنبول الدولي للكتاب العربي على الإنتهاء، حيث يعد اليوم 31 يوليو/تموز آخر يوم للمعرض الذي أقيم لمدة ستة أيام في مدينة المعارض في اسطنبول، بعدما كان من المفترض أن يقام من 18 حتى 24 الجاري تم تأجيله لمدة أسبوع ليبدأ في 25 الجاري. يعود سبب التأجيل لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في تركيا عشية 15 يوليو/تموز وفرض حالة الطوارئ في البلاد.
عقد المعرض بعد أسبوع واحد من اضطرابات وانقلاب وفرض حالة طوارئ فيه إشارات ورسائل فريدة، لعل أبرزها أن تركيا من خلال عودة النشاطات الثقافية والاجتماعية أرادت إظهار عودة الأمور للاستقرار بسرعة وأن لا شيء يدعو للقلق خصوصًا أن وقت المعرض يعتبر ذروة السياحة العربية من مناطق الخليج وغيرها إلى تركيا. ونقطة أخرى مفادها الثقة باسطنبول وبالوضع العام في المدينة التي تُرشح اليوم لتكون مركزًا ماليًا على مستوى العالم بديلًا عن مدينة لندن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن طموح اسطنبول لتصبح عاصمة الثقافة العربية والإسلامية.
وعن تأجيل المؤتمر سأل نون بوست المدير التنفيذي للمعرض صهيب الفلاحي، حيث أفاد أن التأجيل فرض ضغطًا كبيرًا على إدارة المعرض لأسباب منها خوف الناشرين من الحضور في بلد فُرضت فيها حالة الطوارئ وشهدت حالة انقلاب فاشلة قبل أسبوع فقط، فضلًا عن خوف الناس من النزول للشوارع وزيارة مهرجانات ثقافية اجتماعية في وضع مضطرب كهذا، ومع ذلك عقدت الإدارة العزم على تأجيل المعرض لمدة أسبوع وتم إخطار دور النشر والجمهور بذلك، ويذكر أن إدارة المؤتمر واجهت صعوبات عديدة أخرى في فترة التحضير للمؤتمر والتي استمرت 8 أشهر متواصلة.
تأجيل المعرض فرض ضغطًا كبيرًا على إدارة المعرض لأسباب منها خوف الناشرين من الحضور في بلد فُرضت فيها حالة الطوارئ وشهدت حالة انقلاب فاشلة قبل أسبوع فقط.
يشارك في المعرض عدد هائل من دور النشر من كل دول العالم العربي وبحسب ما ذكر صهيب الفلاحي لنون بوست، فقد تجمع 170 دار نشر في مساحة تقدر بـ 6 آلاف متر مربع جاءت من 15 دولة وعرضت ما يقرب من 100 ألف عنوان لكتاب عربي في مختلف أصناف العلوم.
ويهدف المعرض بحسب القائمين عليه إتاحة الكتاب العربي للمقيمين العرب الذي يقدر عددهم بأكثر من 2 مليون فرد في اسطنبول لوحدها كما الأتراك الناطقين باللغة العربية من الدارسين والأكاديميين، فضلًا عن السياح العرب حيث زار اسطنبول في العام 2014 ما يناهز عن 2 مليون سائح عربي، كما يهدف المعرض أيضًا إلى تدعيم ثقافة الاندماج بين العرب والأتراك.
وقد تم على هامش المعرض إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة تكلم فيها شخصيات عربية وتركية معروفة من باحثين وأكاديميين وصحفيين تحدثوا عن مواضيع تخص الشأن التركي سواء فما يخص محاولة الانقلاب الفاشلة أو تجربة الاقتصاد التركي في السنوات الماضية، وتكلموا عن واقع اللغة العربية في تركيا وتحدياتها وكيف كان أثر المقيمين العرب في نشر اللغة العربية بين الأتراك.
استضاف المعرض 30 شخصية عربية للكلام عن السياسة والاقتصاد والاجتماع والتجارب، كسلمان العودة والمعارض المصري أيمن نور وجمال خاشقجي من السعودية ونهاد عوض رئيس مجلس العلاقات الأمريكية كير وأسعد طه وأشخاص معروفة غيرهم.
وحول نجاح هذه التجربة ذكر الفلاحي أن عدد زوار المعرض خلال الأيام الستة بلغ حوالي 50 ألف زائر وخصوصًا في أول أيام انطلاقه حيث شهدت أروقة المعرض حضورا عربيا كثيفا سواء من المقيمين والسياح العرب كما شهد حضورا واضحا للأتراك الذين يتحدثون اللغة العربية، ويعتبر الفلاحي أنها كانت فرصة ناجحة بكل المعايير على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي واجهت القائمين على المعرض، وهناك نية لإعادة عقد المعرض بشكل سنوي. وعن نوع الكتب التي حظيت باهتمام الزوار يقول الفلاحي كانت الروايات أكثر الكتب مبيعًا وطلبًا من قبل زوار المعرض تلتها الكتب السياسية والفكرية ومن ثم الدينية.
عدد زوار المعرض خلال ستة أيام بلغ قرابة 50 ألف زائر
ديناميكة الاقتصاديات الناشئة، تركيا نموذجًا
تصادفت زيارة نون بوست للمعرض بمحاضرة للدكتور عبد الرحمن الجاموس حول ديناميكية الاقتصاديات الناشئة – تركيا نموذجًا، حيث ركزت المحاضرة أن البلدان الناشئة على الرغم من أن سكانها يمثلون 80% من سكان العالم إلا أن اقتصادياتها لا تمثل سوى 20% من حجم اقتصاديات العالم.
ويذكر الجاموس في محاضرته أن الاقتصاد الناشئ سمي بهذا لإنه انفتح على الاقتصاد العالمي بعد ما كان منغلقًا على نفسه من خلال استقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وقد تميز الاقتصاد الناشئ بانخفاض ثمن المنتجات المصنعة داخله والمعدة للتصدير فتمتعت بميزة تنافسية بسبب رخص اليد العاملة.
ومن ثم تطرق إلى التجربة التركية كنموذج للاقتصاد الناشئ شارحًا ميزات هذا الاقتصاد الذي بات يقترب من تحقيق عتبة الترليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل نصيب للفرد يقترب من 19 ألف دولار وقد تصدر مواطنوها قائمة دول منظمة OCDE في معدل ساعات العمل بمعدل 48 ساعة أسبوعيًا وقد وصل مؤشر الفقر فيها إلى 6.1% من عدد السكان البالغ 75 مليون نسمة كما واحتل الأتراك المرتبة 11 عالميًا في قراءة الكتب المطبوعة حيث سجل العام الماضي طباعة 630 مليون كتاب.
ومن ثم أسهب الجاموس في الحديث عن مشاريع البنية التحتية التركية الطموحة حيث تصدر قطاع المواصلات قائمة المشاريع التركية الطموحة بقيمة بلغت 135 مليار دولار من جسور وطرق وسكك حديدية ومطارات وشبكة أنفاق وغيرها من المشاريع التي ستضع تركيا في طليعة الدول المتقدمة من حيث البنية التحتية في العام 2050.
احتل الأتراك المرتبة 11 عالميًا في قراءة الكتب المطبوعة حيث سجل العام الماضي 2015 طباعة 630 مليون كتاب
وبالحديث عن الصناعات الثقيلة فقد تحولت تركيا إلى بلد يصنع أغلب احتياجاته ابتداءًا من المنتجات الاستهلاكية إلى الصناعات العسكرية والثقيلة. ودخلت تركيا في مجال الطاقة المتحددة فأنشأت العديد من محطات الطاقة الشمسية والرياح والكهرومائية ويجري إنشاء مفاعلات نووية. واستطرد الجاموس في الحديث عن القطاع الزراعي والعقاري في تركيا.
ومع جاذبية هذا النموذج إلا أنه يبقى يعاني من جملة من التحديات المستقبلية ومن خطر اعتمادها على الاستثمارات الأجنبية، ويبقى تدفق رأس المال الأجنبي رهين بالعديد من المؤشرات منها سعر الفائدة على الدولار ونسبة العائد والمخاطر الجيوسياسية والسياسية وأمور أخرى تؤثر على أداء الاقتصاد وسعر صرف العملة المحلية ومؤشرات اقتصادية أخرى.