من اللحظة الأولى التي تصل بها بوابة معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، ستجد جمهرة من الناس عند المدخل، تدرك من اللحظة الأولى أن الكلام عن أفول نجم الكتاب الورقي لحساب النسخ الألكترونية أنه كلام غير دقيق مطلقاً، جنسيات عربية متعددة ومتسعة بإتساع رقعة الأرض من المحيط الى الخليج، تجدها هناك في كرنفال عربي بإمتياز محوره الكتاب العربي.
ذلك المهرجان الجميل ورغم الزخم الحاصل في معرض الكتاب من حضور لافت وإقتناء للكتاب بشكل واسع، فإنه ما يزال لا يرتقي من وجهة نظري لحجم الجالية العربية المقيمة في إسطنبول التي يبدو عليها الإرهاق في البحث عن لقمة العيش.
معرض اسطنبول للكتاب الدولي في سطور
هذا المعرض ليس الأول من نوعه، فقد سبقه معرض أصغر حجما في نوفمبر الماضي. وكان من المزمع عقد المعرض في الفترة من 18-24 من هذا الشهر، ثم تم التأجيل بسبب أحداث تركيا الأخيرة (حادثة الانقلاب الفاشلة) ليعقد في يوم 25 – 31 يوليو الحالي وسيغلق مساء اليوم.
شارك في المعرض أكثر من ١٧٠ دار نشر عربية تنوع فيها المنتوج الفكري، تمثل هذه الدور ١٥ دولة عربية وأجنبية، وضع على رفوف المعرض حوالي ١٠٠ الف عنوان، متنوع بين الإسلامي والسياسي والروايات، كان للأطفال نصيب مميزة في هذا المعرض فكثير من دور العرض المختصة بالكتب التعليمية للأطفال كانت حاضرة إضافة لعدد غير قليل من الفعاليات المخصصة لهم، نحو 25 دار نشر للأطفال كانت مشاركة في المعرض.
زار المعرض عدد من الشخصيات البارزة مثل الدكتور يوسف القرضاوي وحاضر فيه عدد من قادة الفكر العربي والتركي أمثال الداعية سلمان العودة والكاتب جمال الخاشقجي والرائع أسعد طه و الدكتور سعد الدين العثماني وكان لهم ندوات على هامش المعرض، كما ضم المعرض بين أروقته مصحف مكتوب بالخيط والإبرة للخطاط السوري ماهر الحاضري، وهو أول من نسخ القرآن الكريم بأنامله على قماش مطرز، وهو أول مصحف مكتوب بهذه الطريقة وقد دخل موسوعة غينس للأرقام القياسية، كل هذا وغيرها من الفقرات الجميلة جعلت المعرض ناجح بشكل جيد.
أشرفت على تنظيمه شركة “جلف ترك ميديا” ومركز “صناعة الفكر للدراسات والأبحاث”، تحت الرعاية الإعلامية لموقع “تركيا بوست” وقناة “الجزيرة مباشر” من دولة قطر، فضلا عن قناة “دار الإيمان” الفضائية .
المعرض وجلد الذات
رسائل متعددة يطلقها بعض الشباب عن “ظاهرة الشاب المثقف” الذي يحاول كثير من الشباب تقمصها، وإبراز نفسهم على أنهم من ضمن طبقة المثقفين والمطلعين على النتاج الفكري، رغم أني أعتقد أن هذا الانتقاد وجلد للذات، وأن طريق التغير يبدأ بحب الكتاب فمن وقف أمام الكتاب ليلتقط بجانبه صورة تذكارية حتماً سيحاول فتحه في المرة القادم ومن إقتنى بعض من نسخ الكتب وعاد بها للمنزل حتماً سيجد نفسه مضطر لمطالعة بعض الأوراق والأفكار في هذا الكتاب أو ذاك، وهذه فعلاً بداية جيدة لأمة إنفصلت أو فصلت عن الكتاب لحقبة ليست بالقليلة من الزمن.