لأول مرة في تاريخ البلاد، سحب برلمان تونس, الثقة من الحكومة، على أمل تشكيل أخرى في قادم الأيام. وأرجع نواب البرلمان أسباب سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد، إلى ما اعتبروه فشلا منها في تحقيق نهضة البلاد وتجاوز الأزمات التي تعيش على وقعها.
وكشفت مصادر مقربة من قصر “قرطاج”، عن امكانية تعيين الوزير الأسبق في نظامي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، محمد الفاضل خليل، رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية القادمة.
وأشارت نفس المصادر أن طرح اسم الوزير الأسبق “محمد الفاضل خليل”، القريب من الاتحاد العام التونسي للشغل ( المركزية النقابية) لشغل منصب رئاسة الحكومة، يأتي في إطار مغازلة رئيس الجمهورية “الباجي قائد السبسي”، للمركزية النقابية التي دعها في أكثر من مناسبة، إلى إعلان هدنة اجتماعية، لا يمكن أن تنجح إلا بموافقتها.
واستلمت حكومة الحبيب الصيد الحالية مقاليد الحكم في فبراير2015. وأجرى الصيد مطلع العام الجاري تعديلات وزارية وسط احتجاجات اجتماعية متواترة لكن الجهود ظلت مركزة على مكافحة الإرهاب واعتماد القروض الخارجية لإنعاش الاقتصاد.
وتعتبر حكومة الحبيب الصيد بعد رفض تجديد الثقة لها, حكومة تصريف أعمال إلى حين منح الثقة لحكومة جديدة ويقوم رئيس الجمهورية في أجل 10 أيام من تاريخ الغد، الاثنين، بإجراء مشاورات لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
ويتساءل مراقبون عن موقف حركة النهضة من اسم هذا المرشح “محمد الفاضل خليل”، خاصة وأنها رفضته سنة 2013 لشغل نفس المنصب. وكان اسم “الفاضل خليل” طرح من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل ليكون بين المرشحين لرئاسة الحكومة في نوفمبر 2013 لتعويض علي العريض.
هاجم مقربون من حركة النهضة “الفاضل خليل”، واتهموه بالانحياز لليساريين ومعاداة الإسلاميين
ويؤكّد مقربون من ” الفاضل خليل”، عداء هذا الأخير للإسلامين ورفضه التحاور معهم، الأمر الذي من الممكن أن يكون سببا في رفض حركة النهضة صاحبة أغلبية مقاعد البرلمان (69 مقعدا) ، تقلده منصب رئاسة الحكومة.
وعمل “محمد الفاضل خليل”, سنوات الثمانينات، في وزارة الفلاحة التونسية، ثم شغل خطة مدير عام لشركة “فوسفاط قفصة”، ثم محافظا لصفاقس ليدخل بعدها مرحلة المناصب الدبلوماسية حيث عين سفيرا لتونس في دمشق. ثم وزيرا للشؤون الاجتماعية من سنة 1992 الى غاية 1996، ليشغل سنة 2007 منصب سفير تونس في الجزائر الشقيقة.
وهاجم مقربون من حركة النهضة “الفاضل خليل”، ووصفوه بانحيازه لليساريين على اعتبار قربه الشديد للاتحاد العام التونسي للشغل.
ومن المستبعد أن تقبل حركة النهضة بهذا المرشح لشغل منصب رئاسة الحكومة، دون تقديم الضمانات اللازمة لها. وأكدت مصادر مقربة من الحركة، مطالبتها ب7وزارات في التشكيل الحكومي القادم.
وسبق لرئيس مجلس شورى “حركة النهضة”، عبد الكريم الهاروني، أن حزبه ” لن يقبل أن يكون رئيس الحكومة المقبل من رموز النظام السابق، أي من الوزراء والمسؤولين الكبار، زمن حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.”
وأكّد الهاروني على ضرورة مراعاة الوزن السياسي لحزبه، صاحب أغلبية مقاعد البرلمان، في التشكيل الحكومي القادم, على اعتبار كفاءتها ووطنيها ومواقفها التي أثبتت أنها كلما كانت موجودة في الحكومة يكون ذلك في مصلحة تونس والحكومة, حسب قوله.
من جهته قال، رئيس الحركة، الشيخ راشد الغنوشي، إن الوضع الطبيعي يستوجب ان تكون الحركة ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية بحسب حجمها الانتخابي”.
سبق لحركة النهضة أن طالبت قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة و بعدها بتشكيل حكومة وحدة وطنية
و يؤكّد متابعون للشأن التونسي، عدم امكانية فرض اسم أي مرشح لمنصب رئاسة الحكومة أو عضويتها دون الرجوع لحركة النهضة، على اعتبار انها الاولى في البرلمان. وسبق لحركة النهضة ان رفضت تشكيلة حكومة الحبيب الصيد الأولى في شهر يناير 2015، الأمر الذي دفعه لتغييرها قبل الذهاب بها للبرلمان خوفا من عدم منحها الثقة.
وسبق لحركة النهضة أن طالبت قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة و بعدها بتشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع الأحزاب السياسية وأهم الفاعلين في البلاد.
ومن المنتظر ان تدخل الرئاسة التونسية بإشراف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، هذه الايام, في مشاورات مع الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وشخصيات عامة، لبحث اسم رئيس الحكومة القادم.
وأمضت 9 أحزاب تونسية و3منظمات وطنية في تونس، مؤخرا، على وثيقة “اعلان قرطاج” من أجل حكومة وحدة وطنية تكون أولويتها الحرب على الإرهاب والفساد وترسيخ الديمقراطية والتشغيل والتعليم والصحة وأضاف الرئيس واستعادة دولة القانون.