ويتساءل آخرون “لماذا لا يجري الحديث بوضوح عن مسائل المصالحة والانتخابات في ضوء الفيتو الأمريكي الإسرائيلي الذي يقف عقبة أساسية أمام إجراء أي حوار فلسطيني لإعادة اللحمة للمشروع الوطني المنقسم للعام السابع على التوالي.
محور جدل
كل هذه الأسئلة وغيرها أصبحت مِحور جدلٍ حول ملف المصالحة الفلسطينية التي يُفسر كثيرون الطرح الإعلامي المتكرر لها بين الفينة والأخرى بأنه مجرد “زوبعة في فنجان”.
وجددت حركة “حماس” مؤخراً دعوتها لعباس برئاسة حكومة الوحدة الوطنية وفقاً لتفاهمات المصالحة السابقة المبرمة في القاهرة والدوحة عقب تقدمها بمبادرة تشمل مطالبة أبو مازن بالدعوة لعقد اجتماع وطني لكافة الفصائل والقوى للتوافق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
ودعا عضو المكتب السياسي لحماس د. موسى أبو مرزوق لتنفيذ بنود المصالحة والابتعاد عن فرض شروط لتنفيذها.
ويرى مراقبون أن تجمد المصالحة بين حماس وفتح يأتي لعدم ملائمة الظروف الميدانية والاقليمية لإنجازها على اعتبار أن الشعب الفلسطيني يعيش تحت بطش إسرائيل اليومي.
ويؤكد القيادي في “حماس” د. باسم نعيم أن هذه الظروف غير المناسبة من استقواء إسرائيل على الفلسطينيين والضعف الداخلي والانشغال الاقليمي بقضايا أخرى كسوريا وإيران والعراق “يجعل من الأولوية أن نضع ملف الوحدة الوطنية في مقدمة أهدافنا المرحلية”.
ويقول الطبيب نعيم وهو – نائب رئيس الدائرة السياسية لحماس – إن “اختيار الشخصية الأمثل لقيادة حكومة الوحدة لا بد أن يعتمد على المشاورات بين مختلف القوى والفصائل”.
بينما أشار عضو منظمة التحرير الفلسطينية غسان الشكعة إلى قبول حماس ضمن اتفاق الدوحة بمدة ثلاث أشهر كمدة زمنية لتشكيل حكومة برئاسة عباس.
ويضيف الشكعة: “كان التوافق والاجماع حول قضية رئاسة حكومة الوحدة يدور على أن يتولى الرئيس عباس رئاسة وتشكيل هذه الحكومة فرئاستها بات أمرارً واضحاً جداً .. لكن تشكيلها لا بد أن يكون بالمشاورات والتوافق مع كل الشرائح السياسية الفلسطينية”.
إرادة مسلوبة
في حين يرى البعض الآخر أن إنجاز ملف المصالحة يتمثل في الإرادة السياسية لا في الانتخابات ولا في المدة الزمنية لإجرائها، معتبرين تلك الإرادة مسلوبة من طرف الرئيس عباس باعتبار وجود “فيتو أمريكي” واضح على المصالحة مع “حماس” فضلاً عن الفيتو الإسرائيلي.
ويعتقد مراقبون أن الرئيس الفلسطيني لا يستطيع التحلل من التزاماته السياسية مع الإدارة الأمريكية باعتبارها الراعي الرسمي والمالي للسلطة في ظل الضائقة المالية التي تعصف بها.
ويُوضح نعيم أنه في ظل الانشغال الدائم لأبو مازن “قد يكون من الأولى أن يترأس الحكومة شخصية أخرى قد تكون مستقلة أو يتوافق عليها وطنياً قادرة على التحرك من أجل تحقيق أهداف هذه الحكومة في فترة زمنية محدودة”.
وأعرب عن اعتقاده أن الظروف الراهنة يجب “أن تدفع الفلسطينيين بقوة للجلوس على طاولة واحدة للبحث في كيفية إعادة الاعتبار للوحدة .. المهم الآن هو وحدة القرار السياسي ووحدة المجموع الوطني خلف مشروع سياسي واحد وموحد”.
ويؤكد القيادي في حماس وجود ملفات وصفها بـ” الأوسع والأكبر والأشمل” من مُجرد التفكير في حكومة تكنوقراط تُدير ملفات انتقالية لعدة شهور، حسب تعبيره.
“لا بد أن نُعيد الاعتبار للوحدة الوطنية ولا سيما في هذه اللحظة التي يستفرد فيها الاحتلال لمكونات شعبنا في الضفة عبر استمرار الاستيطان أو على مستوى المفاوضات أو في غزة عبر الحصار والعدوان المتواصل”، كمال قال نعيم.
فيتو أمريكي
ورفض عضو منظمة التحرير الفلسطينية غسان الشكعة التعليق على قضية قدرة أبو مازن على التحلل من الفيتو المفروض على المصالحة، قائلاً “أعتقد أنه آن الأوان لكي نتعامل مع الأمور بموضوعية”.
وتابع “إذا كان هناك ضغط أو فيتو أمريكي على أي جهة كفتح أو الرئيس عباس لأي سبب فلنُحرج من يتعرض لأي نوع من الضغوط ولنذهب للانتخابات حتى يتبين لنا من هو الذي يستطيع من عدمه تحقيق المصالحة”.
ويتمنى القيادي البارز في حركة “فتح” أن يهتم الفلسطينيون بالقضايا الوطنية ويتوافقوا على الانتخابات حتى تُفرز من يستطيع تنفيذ البرنامج السياسي للمصلحة الوطنية الفلسطينية.
ويعتقد أن المواطن الفلسطيني أصبح على درجة عالية من الوعي بحيث يختار من يستطيع أن يُنفذ أمله وبرنامجه في بناء هذا الوطن وتحليله من الاحتلال.
ورد نعيم على الشكعة بقوله “حماس قامت بهذه الخطوة وإذا كان أبو مازن يختبر صدق حماس وجديتها فليتفضل ويبدأ مشاورات تشكيل حكومة فلسطيني بتوافق وطني”.
ونفى أن تكون حركته قد خشيت أي انتخابات سابقة، مستطرداً “حماس لن تخشى أي انتخابات مقبلة لأنها تُدرك حجم شعبيتها على الأرض”.
وبينَّ نائب رئيس الدائرة السياسية لحماس أن “الانتخابات ليست نهاية المطاف في المشروع الوطني الكبير لكن يُمكن التوافق الزمنية المحددة بمدة من ثلاث أو ست أو تسع شهور.
واستدرك يقول “إذا كانت الظروف الميدانية أو الامكانات تسمح للانتخابات فحماس لن تجعل من هذا الأمر عسيراً”.
ولم يُحمل الشكعة حركة “حماس” المسئولية عن تعطيل ملف المصالحة لكنه تمنى أن يتحمل الجميع مسئولية الوطن ومستقبل أبناءه، وفق تعبيره.
وطالب عضو منظمة التحرير الجميع بالذهاب للانتخابات “ليكون الفائز من يضع شعبنا ثقته فيه ليتولى مقاليد إدارة دفة الصراع مع الاحتلال للخلاص منه وقيام الدولة ووحدة الأرض الفلسطينية”.
ويأمل الفلسطينيون بتحقيق المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس” في ظل الحراك والاتصالات الجارية بينهما لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وتتمثل أهداف حكومة الوحدة المزمع تشكيلها في حال أبرمت مصالحة فلسطينية جادة بين حركتي “فتح” و “حماس” في إعادة إعمار غزة وتوحيد المؤسسات والتحضير للانتخابات العامة.
وتشمل ملفات المصالحة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتحضير لإجراء الانتخابات وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وتوحيد الاجهزة الامنية والمصالحة الوطنية والمجتمعية.
وبات السؤال الأخير المطروح أمام الفلسطينيين “إذا لم نستطع الوصول إلى المصالحة هل هناك مشروع وطني فلسطيني قادم؟” على أمل أن تحمل الأيام المقبلة إجابات واضحة له.