حوصرت آخر معاقل الثورة السورية مدينة حلب من قبل قوات النظام السوري مدعومة بقوات روسية غازية ومليشيات من كل حدب وصوب بغية إخماد آخر أصوات الثورة السورية وإخضاعها بالحصار، ومن ثم اللعب بهذه الورقة على طاولة المفاوضات الدولية لتسوية ملف الثورة السورية إلى الأبد.
ولكن كان لثوار سوريا في مدينة حلب رأي آخر، بعدما أحكمت قوات النظام السوري الحصار على أحياء حلب الشرقية بعد سيطرتها الثلاثاء الماضي على مجمع الكاستيلو شمالي المدينة، وتمكنت قوات النظام مدعومة بمليشيات أجنبية من التقدم والسيطرة على عدة نقاط متقدمة في بلدة الليرمون بينها منطقة الكراجات، وسيطرت على طريق الكاستيلو بشكل كامل، إثر هجوم واسع شنته من جهة مزارع الملاح الجنوبية.
ويعد طريق الكاستيلو المنفذ الوحيد لأحياء مدينة حلب الشرقية -الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة السورية- مع ريف المدينة ليطبق الحصار بشكل كامل على الأحياء التي يقطنها أكثر من 300 ألف نسمة.
انطلاق معركة فك الحصار
وعلى خلفية الوضع الميداني أعلنت المعارضة السورية المسلحة متمثلة بغرفتي عمليات “جيش الفتح” و”فتح حلب” عن بدء معركة لفك الحصار عن الأحياء المحاصرة في مدينة حلب، مؤكدة أنها تمكنت من السيطرة على عدة مواقع جنوب المدينة وتدمير آليات تابعة لقوات النظام بالقرب من بلدة الحويز.
#غرفة_عمليات_جيش_الفتح
الناطق العسكري لحركة #أحرار_الشام “أبو يوسف المهاجر” يعلن بدء معركة فك الحصار عن مدينة #حلبhttps://t.co/kyeMHAXfb4— الجبهة الإسلامية (@islamic_front) July 31, 2016
خط المعركة وفقًا لخطة المعارضة التي أعلنت على لسان أكثر من قيادي بجيش الفتح يمتد لنحو 20 كلم، ويبدأ من ساتر السابقية جنوب مدينة حلب وينتهي بمدرسة الحكمة، وتشترك جميع فصائل جيش الفتح في هذه المعركة.
اللهم يا واحد يا أحد يافرد ياصمد أنصر جنودنا على الحد وأنصر أخواننا في حلب وكن لهم عوناً وبلغنا نصرهم ياكريم..آمين#ملحمه_حلب_الكبري
— YASSER.S.ALQAHTANI (@YASSER_Q_Y20) August 1, 2016
وكانت وكالة الأنباء الألمانية نقلت عن قيادي في قوات المعارضة السورية المسلحة أن “التحضير لعملية فك الحصار عن حلب سوف يتم من خلال إشعال كل الجبهات في المدينة”، مشيرًا إلى أن المعركة ستشهد استخدام كل الإمكانيات المتاحة من أسلحة ثقيلة وقذائف صاروخية.
مغردون كثر يدعون بعد تقدم الثوار المباغت فيما يصفوه ب #ملحمة_حلب_الكبرى على قوات الاسد وأعوانه-اللهم نصرك الذي وعدت1 https://t.co/GGCChEHtIL
— عبدالله الشايجي (@docshayji) August 1, 2016
وعلى إثر ذلك انطلقت غارات انتقامية من قبل سلاح الجو الروسي على مدن وأحياء حلب، استهدفت حي الهلك بحلب، كما استهدفت الغارات أحياء مساكن هنانو والحيدرية والشيخ فارس، وشملت الغارات بلدة عندان شمالي حلب، ما أدى إلى دمار في الممتلكات، وذلك بعد يوم من استهداف طائرات روسية لمستشفى في البلدة وتدميره.
فيما أعلن وأعلن الدفاع المدني في حلب حالة الطوارئ بالمدينة وريفها الغربي، وطالب المواطنين في بيان بعدم التجمع خشية استهدافهم بالغارات الانتقامية.
تقدم باتجاه أحياء حلب الغربية
بعد ساعات من استنفار كتائب المعارضة المسلحة في سوريا ودخولها في اشتباكات مع قوات النظام والميلشيات التابعة له على أكثر من جبهة، أعلن جيش الفتح وفصائل في المعارضة السورية المسلحة سيطرتهم على مواقع في مدينة حلب وبالتحديد أحياءها الغربية، بعد تقدمهم في عدة مواقع جنوبها وغربها، وذلك في إطار العملية التي أطلقت لفك الحصار عن المدينة.
#غرفة_عمليات_جيش_الفتح#أحرار_الشام#حلب
خريطة توضيحية للنقاط التي سيطر عليها المجاهدون اليوم جنوب مدينة حلب pic.twitter.com/j1ikfBULqW— الجبهة الإسلامية (@islamic_front) July 31, 2016
وقد أكدت فصائل المعارضة السورية المسلحة أنها تمكنت من السيطرة على مواقع لجيش النظام جنوبي مدينة حلب شمال سوريا، أهم 3 نقاط بين المشرفة وتلة المحروقات جنوبي حلب، حيث أفاد ناشطون من الأرض بأن قوات المعارضة تمكنت من تحرير نقاط بين المشرفة وتلة المحروقات وهي معمل الزيت ومبنى القوس و المبنى الأحمر بريف حلب الجنوبي.
#ملحمة_حلب_الكبرى بدأت بأكثر من 20 ألف مقاتل.. والثوار لهم اليد العليا في #حلب .
— أخبار السعودية (@SaudiNews50) August 1, 2016
ليتمكن بهذا قوات المعارضة السورية من السيطرة على إجمالي تلال مؤتة والمحبة والجمعيات وأحد وكتيبة الصواريخ ومدرسة الحكمة وعدة نقاط في المنطقة، وسط قصف عنيف من قبل الطائرات الحربية التابعة لسلاح الجو الروسي والنظام، كما نجحت المعارضة في السيطرة على تلة السيرياتل الاستراتيجية وقرية العامرية.
من جهة أخرى أعلنت غرفة عمليات حلب عن انطلاق المرحلة الثانية من المعركة أمام النظام في حلب، والتي أطلق عليها نشطاء “ملحمة حلب الكبرى”، والتي تهدف لفك الحصار عن المدينة وتحرير أجزاء واسعة من المناطق التي يسيطر عليها النظام.
دعم شعبي للمعركة
جابت التظاهرات الشعبية الأحياء المحررة من مدينة حلب، بعد الإعلان عن بدء معركة فك الحصار، دعمًا لكتائب المعارضة المسلحة، وسط التكبيرات والهتافات التي حيا فيها المتظاهرون الثوار جراء الإعلان عن الانتصارات المتتالية وتحرير العديد من المواقع الاستراتيجية.
هذا وقد خرجت تظاهرة كبيرة من حي بستان القصر جابت أحياء الكلاسة والسكري والمرجة وصولًا إلى حي الشعار، ورفع الآذان في جميع مساجد الأحياء المحررة، وسط تكبيرات الأهالي.
وشوهد الدخان الأسود الكثيف ينبعث من كل بقعة في المدينة، بهدف تضليل الطيران الحربي الذي يحوم فوقها، وقد قام بهذه المهمة وتولاها مجموعة من أطفال المدينة بإشعال الإطارات المطاطية في مناطقهم للتشويش على الطائرات عن طريق إحداث دخان كثيف للتخفيف من حدة الغارات الانتقامية.
وفي الوقت الذي تحقق فيه المعارضة المسلحة تقدمًا على عدة جبهات في الريف الجنوبي من مدينة حلب، حاولت الطائرات الروسية التخفيف عن النظام والضغط على مقاتلي المعارضة عبر قصف الأحياء السكنية في المدينة، ما أوقع عشرات القتلة والجرحى في صفوف المدنيين.
وعلى صعيد آخر شهدت المعركة الأخيرة لفك الحصار عن أحياء حلب المحررة دعمًا إعلاميًا قويًا على صفحت مواقع التواصل الاجتماعي بنشر أخبار تقدم كتائب المعارضة المسلحة، والمؤازة عن طريق فضح استهداف النظام للمدنيين ردًا على إخفاقه في المعارك العسكرية أمام المعارضة.
حيث اعتبر الكثير أن هذه المعركة هي دفاعًا عن آخر معاقل الثورة السورية التي شهدت فترات متقلبة بين التقدم والتقهقر على مدار أكثر من خمس سنوات، إلا أن تقدم المعارضة هذه المرة فتح الأمل أمام الثورة للصمود مرة أخرى أمام الآلة العسكرية النظامية والروسية.
اللهم انصر إخواننا المرابطين فى سبيلك في جنوب المملكة، وفي حلب وفى كل مكان
ربّ سدد رميهم وثبت أقدامهم وانصرهم على أعدائهم#ملحمة_حلب_الكبرى— د. محمد #العريفي (@MohamadAlarefe) July 31, 2016
أبطال #حلب يسقطون طائرة مروحية
قبل قليل ويأسرون الطيار الروسي القاتل #ملحمة_حلب_الكبرى pic.twitter.com/ldFFC5PoMO— خالد المهاوش (@khaledam12) August 1, 2016
هل دعمت قوى إقليمية التقدم الاستراتيجي الأخير للمعارضة؟
دائمًأ ما كانت المتغيرات على الأرض في الثورة السورية مرتهنة بتحولات إقليمية مجاورة، وهو ما طرح تساؤلات عن إمكانية وجود دعم إقليمي من بعض الدول لتحركات المعارضة الأخيرة على الأرض للزود عن آخر معاقل الثورة السورية.
أطفال #حلب اليوم..#ملحمة_حلب_الكبرى pic.twitter.com/PTvglXDOLa
— Hosam yahia (@HosamYahiaAJ) August 1, 2016
لا توجد إشارات أو دلالات قوية حتى الآن على ذلك الأمر، ولكنه من غير المستبعد في الفترة القادمة أن يشجع تقدم ثوار سوريا على الأرض بعض القوى الإقليمية للرهان مجددًا على خيار المقاومة المسلحة أمام نظام الأسد الذي كاد أن يقترب من حسم الصراع لصالحه خاصة مع التواطؤ الأمريكي الروسي أمام المجازر التي تحدث بحق المدنيين على يد الآلة العسكرية النظامية بمليشياتها والروسية أيضًا، بهدف تركيع حلب أيًا كان هذا الثمن.
أرادوها نهاية وأرادها الله بداية جديدة
فصل جديد في تاريخ حلب
لأول مرة الثوار في حلب الغربية بعد السيطرة على حي مشروع 1070 #ملحمة_حلب_الكبرى— مجاهد مأمون ديرانية (@mujahed_dira) August 1, 2016
في حين يمكن تحليل هذا التقدم الأخير للمعارضة في إطار استراتيجية “الهجوم خير وسيلة للدفاع” بعد أن حوصرت قوات المعارضة السورية من أكثر من جانب، قررت أن تشعل الجبهات كلها في وقت واحد دفاعًا عن أحياء حلب الشرقية المحاصرة، ومن ثم الهجوم على مناطق النظام لإجباره على التراجع خطوات إلى الخلف من شأنها أن تفك الحصار عن المدنيين، وتعيد طرق الإمداد الاستراتيجية إلى سيطرة المعارضة.
شاركنا برأيك:
برأيك، هل تلقت المعارضة السورية دعمًا إقليميًا في معركتها الحالية بحلب؟https://t.co/Rg48TTLeeV#ملحمة_حلب_الكبرى
— نون بوست (@NoonPost) August 1, 2016